ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد قرار الأمم المتحدة رفع وضع السلطة الفلسطينية ؟
الفلسطينيون أمام معركة تثبيت حل الدولتين
نشر في العلم يوم 02 - 12 - 2012

حقق الفلسطينيون نصرا سياسيا يوم الخميس 29 نوفمبر 2012 بعد أن وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 دولة بأغلبية ساحقة على مشروع قرار يقضي بترقية وضع السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة من كيان مراقب إلى دولة غير عضو بصفة مراقب وهو ما يعني ضمنا الاعتراف بدولة فلسطين ذات سيادة.
أيد مشروع القرار 138 صوتا وعارضه تسعة وامتنع 41 عن التصويت. ولم تشارك ثلاث دول في التصويت الذي أجري في الذكرى السنوية الخامسة والستين لتبني الجمعية العامة القرار 181 بشأن تقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وعربية.
وجاء تصويت الجمعية العامة على القرار بعد أن ندد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كلمة ألقاها بإسرائيل على "التمادي في سياساتها العدوانية وفي ارتكاب جرائم الحرب الذي ينبع من قناعة لديها بأنها فوق القانون الدولي".
وقال عباس في كلمته "قبل 65 عاما وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم أرض فلسطين التاريخية وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة اسرائيل".
وناشد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعية "اصدار شهادة ميلاد لدولة فلسطين تأخرت طويلا".
وأضاف عباس "لسنا هنا لالغاء شرعية دولة قائمة هي إسرائيل بل لتأكيد شرعية دولة يجب أن تقام هي فلسطين". إن "العالم مطالب اليوم بتسجيل نقلة هامة في مسيرة تصحيح الظلم التاريخي الذي الحق بالشعب الفلسطيني". وشدد عباس على أن الفلسطينيين لن يقبلوا الا بدولة عاصمتها القدس ووفق حدود عام 1967.
وتطرق عباس في خطابه مرارا الى الهجوم الإسرائيلي المسمى "عمود السحاب" الذي جرى خلال شهر نوفمبر 2012 على قطاع غزة و"الوحشية المروعة" التي تميز بها، إضافة إلى "الاعتداءات العسكرية والحصار وعمليات الاستيطان والتطهير العرقي، وغيرها من الممارسات التي تستكمل مواصفات نظام الميز العنصري للاحتلال الاستيطاني الذي يقنن وباء العنصرية ويرسخ الكراهية والتحريض".
غالبة من المراقبين الدوليين اعتبروا أن نيل الفلسطينيين وضع "دولة غير عضو" يشكل انتصارا سياسيا هاما وإن كان لا يرقى إلى الحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة وهو مسعى فشل فيه الفلسطينيون عام 2011 أساسا بسبب الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن. لكن وضعهم الجديد له اثار قانونية مهمة حيث سيسمح لهم بالعضوية في المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات دولية أخرى إذا رغبوا في ذلك.
عدد من المسؤولين في الوفود الغربية لاحظ أن قرار الجمعية العامة يوم الخميس 29 نوفمبر يجب ألا يتم تفسيره على أنه اعتراف قانوني رسمي بدولة فلسطينية. فالاعتراف الرسمي بالدولة أمر يتم بشكل ثنائي لا من خلال الأمم المتحدة.
نكسة لواشنطن وتل أبيب
النصر الذي حققه الفلسطينيون في الأمم المتحدة شكل نكسة دبلوماسية للولايات المتحدة وإسرائيل اللتين إنضمت اليهما حفنة من البلدان بعضها بحجم قرية يصعب التعرف عليها على خريطة العالم، في التصويت برفض ترقية وضع السلطة الفلسطينية من "كيان" إلى "دولة غير عضو".
تل أبيب وواشنطن حاولتا التهوين من حجم المكاسب التي حققها الفلسطينيون وكذلك إعتبار الخطوة تهديدا لفرص التسوية.
وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت إن قرار المنظمة الدولية "مؤسف وستنتج عنه نتائج عكسية" لأنه يضع المزيد من العراقيل في طريق السلام.
وذكرت كلينتون في كلمة ألقتها بواشنطن "لقد كنا واضحين بأن السلام الذي يستحقه الإسرائيليون والفلسطينيون لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة عن طريق يضمن قيام دولتين لشعبين تعيش فيه دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للاستمرار جنبا إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل اليهودية الديمقراطية".
من جانبها قالت سوزان رايس المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة والمرشحة لخلافة كلينتون، "سيستفيق الفلسطينيون صباح الغد ليجدوا أن حياتهم لم تتغير عدا اضمحلال آمال تحقيق سلام دائم".
واعقبت كلمة عباس كلمة القاها السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة أكد فيها على أن إسرائيل مستعدة للعيش مع الدولة الفلسطينية، ولكن السلام الدائم يتطلب حماية الأمن الإسرائيلي وان على الفلسطينيين الاعتراف بالدولة الإسرائيلية.
وفي القدس المحتلة، اصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تصريحا قال فيه "شاهد العالم خطاب عباس الذي اتسم بالكراهية والحقد ضد إسرائيل وروج أكاذيب بشعة ضدها. من الذي يريد السلام لا يتكلم بهذا الشكل. قرار الجمعية العامة لا يحظى بأي أهمية وهو لن يغير شيئا على الأرض".
ومضى التصريح للقول "رئيس الوزراء نتنياهو قد أوضح أن دولة فلسطينية لن تقوم بدون تسوية تضمن أمن مواطني إسرائيل. رئيس الوزراء نتنياهو لن يسمح باقامة قاعدة إرهابية في يهودا والسامرة "الضفة الغربية" علاوة على القواعد الإرهابية التي أقيمت في غزة ولبنان".
وقال "إن الطريق نحو السلام بين أورشليم "القدس" ورام الله يمر بمفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة وليس بقرارات أحادية الجانب في الأمم المتحدة. بذهابهم إلى الأمم المتحدة انتهك الفلسطينيون الاتفاقيات مع إسرائيل وإسرائيل ستعمل ردا على ذلك بالشكل المناسب".
بدوره قال وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان بحسب ما نقلت عنه الإذاعة العامة الإسرائيلية ان الرئيس الفلسطيني "ابو مازن برهن مجددا انه ليس مهتما أبدا بصنع السلام".
ونقلت الاذاعة عن نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون قوله "اليوم لم نعد ملزمين باتفاقاتنا مع الفلسطينيين وسنتصرف تبعا لما تمليه علينا مصالحنا، يجب ان يتكدس الغبار على خطاب عباس". واضاف ايالون ان "المجتمع الدولي برهن مرة جديدة على عدم مسؤوليته".
المعاندة
إذا كان أقطاب الحكم في كل من تل أبيب وواشنطن قد حاولوا الطعن في أهمية التصويت في الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين، فإن وسائل اعلامهم عاكست ذلك. الإعلام الصهيوني في فلسطين المحتلة أجمع تقريبا يوم الجمعة 30 نوفمبر على ان الدولة العبرية هزمت من قبل الفلسطينيين في المنظمة الدولية، كما أن الاتهامات لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وصلت من كل حدب وصوب، فما يسمى بالوسط واليسار اتهمه بأنه ساهم في انتصار الفلسطينيين عندما أوقف المفاوضات مع رئيس السلطة، محمود عباس.
ومن الناحية الأخرى، قال ممثلو اليمين واليمين المتطرف إن خطاب بار إبلان الذي أعلن فيه نتنياهو عن موافقته على مبدأ دولتين لشعبين، حفز الفلسطينيين إلى التوجه للمحافل الدولية لإرباك وإحراج إسرائيل، وهو ما حدث فعلا، وفي هذا السياق قالت النائبة اليمينية، تسيبي حوطوفيلي، من حزب الليكود الحاكم، في حديث للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، إن قرار الأمم المتحدة هو الإعلان الرسمي عن وفاة اتفاق أوسلو، وتراجع نتنياهو عن موافقته على مبدأ دولتين لشعبين.
من جانبه قال المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر، المعروف بصلاته الوثيقة مع دوائر صناع القرار بتل أبيب، إنه يمكن القول إن اعتراف نتنياهو بحكومة حماس، لدى انتهاء عملية "عمود السحاب" العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، قد ضمن للفلسطينيين دولتين، هما دولة حماس في القطاع، ودولة في الضفة الغربية، التي حظيت بمكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، على حد تعبيره.
ولفت المحلل إلى أنه عند التصويت وجدت تل أبيب نفسها في عزلة كبيرة، ورجح إلى أنه من المحتمل أن يحاول أصحاب أركان الحكم في إسرائيل الزعم بأنهم يتصرفون على هذا النحو، أي تخفيف لهجة الهجوم على الفلسطينيين، بهدف عدم خسارة الدعم الأمريكي لإسرائيل في كل ما يتعلق بكبح البرنامج النووي الإيراني، لكنه استدرك قائلا بأن هذا الإدعاء ليس صحيحا على الإطلاق، لافتا إلى أنه بحسب عناوين وسائل الإعلام في الأشهر القليلة الفائتة كان يتعين أن يكون الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد أصبح من ورائنا، وقد جرى صرف أكثر من 10 مليارات شيكل على التحضيرات لشن هجوم كهذا.
وخلص شيفر إلى القول إنه مما لا شك فيه بأن حصول الفلسطينيين على مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة بتأييد عددٍ كبيرٍ من دول العالم يعتبر إنجازا تاريخيا، لكنه في الوقت نفسه يشكل إثباتا آخر على التداعيات التي يمكن أن تترتب على انعدام أي مبادرة سياسية من جانب رئيس الوزراء نتنياهو، على حد قوله.
أما صحيفة "هآرتس" فقد رأت أن الاعتراف ألأممي بدولة فلسطين هو بمثابة رسالة تحذير عالمية للدولة العبرية، جاء فيها، حسب الصحيفة، أن العالم قد سئم من الاستيطان ورفض السلام، مقابل تأييد وتضامن دوليين مع الشعب الفلسطيني وطموحاته، وشددت الصحيفة على أن الدول الأوروبية الصديقة مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ودول صديقة أخرى مررت بواسطة تصويتها رسالة واضحة لتل أبيب مفادها أنه لا تسامح بعد الآن تجاه احتلال الضفة الغربية، وأنه لا ثقة بعد هذا اليوم بالتصريحات الإسرائيلية حول اليد الممدودة للسلام ورغبة الدولة العبرية بالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية. وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه في الوقت الذي تنافس فيه المسؤولون في تل أبيب على الاستخفاف بالتحرك الفلسطيني، إذ لم يسبق مرة أن صدر هذا الكم الهائل، الذي صدر يوم الخميس 29 نوفمبر من البيانات الإسرائيلية المستخفة بالتحرك الفلسطيني، تأكد عالميا أن إسرائيل أصيبت بنكسة.
وكان أبرز البيانات المغالطة التصريح الذي نقل عن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون وجاء فيه: هذا اليوم هو يوم هزيمة تاريخية للفلسطينيين، وحملت الصحيفة مسؤولية ما أسمته بالانهيار السياسي والهزيمة الدبلوماسية المهينة التي منيت بها إسرائيل، للسياسة المثابرة التي قادها نتنياهو، والتي كانت بدايتها برفضه الاعتراف بحل الدولتين ثم انقلابه على نفسه، مشددة على أنه لم يقم بطرح مبدأ دولتين لشعبين في الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، رأت الصحيفة أن رئيس الوزراء هرب بعد ذلك للتخلص من أي مبادرة سياسية تم عرضها عليه، حيث رفض قطعا البت في القضايا الجوهرية للصراع والحل الدائم له، مضيعا الوقت بواسطة إطلاق الذرائع والحجج الواعية، وامتنع عن تقديم خطة سياسية للفلسطينيين وللدول الصديقة لإسرائيل. وذكرت الصحيفة، إنه في ظل غياب مبادرة سياسية انجر نتنياهو، ومعه الدولة كلها، إلى التصويت في الأمم المتحدة، جرا، وخلصت الصحيفة إلى القول إن رئيس الوزراء فشل، وهو الذي تباهى بقدرته على تجنيد العالم ضد المشروع النووي الإيراني، وبتجنيد الدعم الأمريكي للحملة العسكرية الأخيرة ضد غزة، هو نفسه فشل في إقناع الفلسطينيين والمجتمع الدولي بأنه جاد وصادق في مساعيه السلمية، مؤكدة على أن السواد الأعظم من زعماء العالم لا يصدقونه ويحملونه مسؤولية الجمود السياسي، كما أشارت الصحيفة إلى أن هجوم ليبرمان السافر في الأشهر الأخيرة ضد رئيس السلطة أبو مازن دفع المزيد من الدول لتأييد الفلسطينيين في الأمم المتحدة.
وقال المحلل السياسي للصحيفة، باراك رافيد، إن حكومة نتنياهو وعلى مدار أربع سنوات هي مثل الضفدع الذي وضع على الموقد، وكانت المياه دافئة، ولكن في لحظة واحدة، أي الخميس في الأمم المتحدة، فإن المياه باتت تغلي، ولكن الوقت كان متأخرا للقفز والنجاة، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية القادمة، والتي ستكون حسب كل الدلائل يمينية ومتطرفة، لن تقوم بتغيير سياستها.
العصا والجزرة
بعد أن صدت واشنطن ب"الفيتو" في مجلس الأمن الدولي سنة 2011، محاولة السلطة الفلسطينية للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، مارست كل أنواع التهديد والتحريض لمنع تحركها لتجاوز تلك العقبة ولو جزئيا عبر الجمعية العامة لكنها فشلت.
المسجل في نهاية سنة 2012 هو أن هناك توجها غالبا في واشنطن لعدم الإقدام على إجراءات تصعيدية كبيرة ضد السلطة الفلسطينية خاصة وأن هذه الأخيرة أصبحت تمتلك ورقة ضغط جديدة يمكن أن تخدمها في معركة امتحان القوة مع خصومها.
بعد التصويت على القرار دعت الولايات المتحدة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى استئناف محادثات السلام المباشرة.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس "تدعو الولايات المتحدة الطرفين كليهما إلى استئناف المحادثات المباشرة دون شروط مسبقة بشأن كل القضايا التي تباعد بينهما ونحن نتعهد بان الولايات المتحدة ستكون مستعدة لمساندة الاطراف مساندة نشطة في هذه الجهود".
وأضافت قولها "ستستمر الولايات المتحدة في حث كل الاطراف على تفادي أي اعمال استفزازية أخرى في المنطقة أو في نيويورك أو أي مكان اخر".
مراقبون قدروا أن رايس عندما تحدثت عن الاستفزاز كان في ذهنها قدرة السلطة الفلسطينية على اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة إسرائيل.
في واشنطن أعلنت مجموعة من الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين بمجلس الشيوخ عن تشريع سيغلق المكتب الفلسطيني في واشنطن إذا لم يدخل الفلسطينيون في "مفاوضات جادة" مع إسرائيل ويلغي كل المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية إذا اتجهت إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال السناتور الجمهوري ليندساي جراهام أحد من يرعون التشريع "أخشى ان السلطة الفلسطينية سيكون بمقدورها الان استخدام الأمم المتحدة كناد سياسي ضد إسرائيل".
في رد على التهديدات الأمريكية قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض انه يأمل ان تستغل كل الاطراف هذا القرار للسعي من أجل انفراجات جديدة في عملية السلام.
وذكر فياض ل"رويترز" في واشنطن حيث كان يحضر مؤتمرا "أرجو ألا تكون هناك اجراءات عقابية". و"أرجو أن يسود بعض العقل وان تنتهز الفرصة للاستفادة مما حدث اليوم من أجل حث خطى عملية السلام".
المحكمة الجنائية الدولية
هاجس المحكمة الجنائية الدولية دفع بعدد من المبعوثين في الأمم المتحدة إلى القول أن إسرائيل قد لا تحاول اتخاذ اجراءات انتقامية صارمة ضد الفلسطينيين بسبب القرار ماداموا لا يسعون إلى الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
حيث أنه اذا انضم الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية فإنه يمكنهم تقديم شكاوى تتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم في حق الانسانية وجرائم خطيرة أخرى.
يشار إلى أن الرئيس عباس لم يورد ذكرا للمحكمة الجنائية الدولية في كلمته لكن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قال بعد التصويت على القرار انه اذا استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات غير المشروعة فإن الفلسطينيين قد يطرقون سبيل المحكمة.
وأضاف المالكي "ما دام الاسرائيليون لا يرتكبون فظائع ولا يبنون مستوطنات ولا ينتهكون القانون الدولي فإننا لا نرى داعيا للذهاب في أي مكان"، ولكن "أما اذا استمر الاسرائيليون في انتهاج مثل هذه السياسة .. العدوان والمستوطنات والاغتيالات والهجمات والمصادرات وبناء الجدران العازلة منتهكين القانون الدولي فإنه ليس أمامنا سوى ملاحقة هؤلاء في أماكن أخرى".
حنان عشرواي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية دعت بعد يومين من قرار الجمعية العامة وبعد إعلان إسرائيل أنها سمحت بإنشاء 3000 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، "العالم إلى تحمل مسؤولياته الان ومساءلة إسرائيل على اعتدائها على دولة فلسطين المحتلة ومحاكمتها في المحاكم الدولية وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني".
ورأى حسن عصفور الوزير السابق في السلطة الفلسطينية انه لم "يعد مقبولا بعد اليوم ان تكتفي القيادة الفلسطينية بالرد على أي مشروع استيطاني أو جريمة حرب بالاستنكار اللفظي او التنديد الكلامي خاصة في غياب المواجهة الشعبية المباشرة".
وقال في مقال له على موقع الكتروني يديره "الوقت لم يسعف القيادة الفلسطينية لتحتفل مهرجانيا فحكومة الاحتلال فرضت عليها ان تحتفل بفعل كفاحي مباشر. الرد الفوري بتجهيز اول ملف فلسطيني سيرفع إلى المحكمة الجنائية الدولية... سرقة الأرض والهوية موقف سيفرض قواعد جديدة على دولة الاحتلال وقادتها".
ولكن يبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي حظي بإجماع فلسطيني لتوجهه إلى الأمم المتحدة لرفع مكانة فلسطين ليس في عجلة من أمره للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ونقلت صحيفة الأيام الفلسطينية يوم 30 نوفمبر عن عباس قوله عن التوجه للمحكمة "هذا حقنا الان ولكن لا نريد ان نتوجه إليها الان ولا نذهب إلى المحكمة الدولية ما دام لا يعتدى علينا".
وارجع مهدي عبد الهادي المحلل السياسي الفلسطيني عدم توجه عباس للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية الى حاجته إلى ترتيب أوراقه الداخلية قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وذكر ل"رويترز" خلال رحلة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كانت هناك أطروحات أمريكية أوروبية بعقد مؤتمر متخصص بمبادرة أمريكية وأوروبية بعد تولي الرئيس الأمريكي باراك اوباما إدارته الثانية وتصريحات الرئيس عباس تنسجم مع ترك الباب مفتوحا لهذه المبادرات دون أي عوائق من الطرف الفلسطيني في المرحلة الأولى".
واضاف "اخذين بعين الاعتبار حسب الاستشارات القانونية المتوفرة انه لابد من اعداد قانوني جيد لاي مسعى فلسطيني امام محكمة الجنائية الدولية وتخصصيص مخصصات مالية".
ويرى عبد الهادي ان الحصول على عضوية في المحكمة الجنائية الدولية "مسعى طويل ومكلف ويحتاج الى جهد قانوني كبير ومالي حتى لا ينتكس في المرحلة الاولى".
سلاح القانوني الدولي
فيما يخص استخدام الفلسطينيين لسلاح القانوني الدولي، توجد تقديرات متفاوتة.
كتب المحلل جوزيف شومان في ورقة لوكالة "رويترز" يوم 30 نوفمبر: قد لا يمنح تصويت الامم المتحدة المزيد من النفوذ للفلسطينيين في الدوائر السياسية العالمية لكنه قد يحدث فرقا في المحاكم الدولية.
ويمكن أن يكون الاعتراف الرسمي بالدولة حتى دون العضوية الكاملة في الامم المتحدة، كافيا للفلسطينيين كي يحصلوا على عضوية المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي حيث يمكن للدول الاعضاء أن تطلب التحقيق في اتهامات بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية.
ومنع التهديد بما يسمى "الحرب القانونية" بالفعل بعض الزعماء المدنيين والعسكريين الاسرائيليين من السفر للخارج خشية القاء القبض عليهم بشأن اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وقال روبرت مالي مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية "يخشى الإسرائيليون من جرهم إلى لاهاي".
وخطط الفلسطينيون طويلا لاستخدام وضع الدولة غير العضو في الأمم المتحدة بمجرد الحصول عليه كوسيلة لدخول المحكمة الجنائية الدولية. ووصف مفاوض فلسطيني في حديث لمجموعة "الأزمات الدولية" هذا التطور بأنه "انتفاضة قانونية أو دبلوماسية" ضد اسرائيل.
وعندما تحدث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل أسابيع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2012 اتهم إسرائيل بالإسم بارتكاب جرائم حرب.
ويدعي مسؤولون اسرائيليون أن القوات المسلحة الاسرائيلية تلتزم بصرامة بالقانون الدولي وان الهدف الحقيقي من وراء الاتهامات الفلسطينية هو عزل اسرائيل.
في ربيع سنة 2012 رفض المدعي العام السابق للمحكمة طلبا قدمه الفلسطينيون عام 2009 للتحقيق في الافعال الاسرائيلية خلال الحرب التي شنتها على غزة أواخر 2007 وبداية 2008 مشيرا على وجه التحديد الى أن فلسطين كانت مجرد كيان مراقب في الامم المتحدة.
في سبتمبر 2012 قالت فاتو بنسودا التي تولت منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ان تصويت الجمعية العامة قد يحدث فرقا.
وذكرت في حديث جرى في نيويورك "ما فعلناه أيضا هو ترك الباب مفتوحا والقول انه اذا ما تمكن الفلسطينيون من التغلب على عقبة "الدولة" بالطبع في الجمعية العامة حينها سنعيد النظر فيما يمكن أن تفعله المحكمة الجنائية الدولية".
والمحكمة الجنائية هي المحفل الدولي الوحيد الذي يمكن أن توجه فيه اتهامات جنائية بحق أفراد. والدول التي صدقت على نظام روما الاساسي الذي تأسست المحكمة بموجبه وعددها 117 دولة ملزمة بتسليم المشتبه بهم.
ولم تنضم الولايات المتحدة ولا اسرائيل لنظام روما الاساسي لكن هذا لن يمنع الفلسطينيين من رفع دعاوى بموجب هذه الاتفاقية. وتتمتع مذكرات الاعتقال والاحكام التي تصدرها المحكمة بثقل سياسي حتى لو لم يتم تنفيذها.
وبالطبع اذا ما دخل الفلسطينيون ساحة المعارك القانونية فانهم يواجهون أيضا احتمال اتهامهم ومحاكمتهم في ذات المحافل التي يحاولون فيها استهداف الاسرائيليين.
وليس هناك ما يضمن لاي من الجانبين أن ادعاء المحكمة سينظر في الاتهامات. وتواجه المحكمة عقبات اجرائية يمكن أن تحول دون أي ملاحقة قضائية.
ويقول بعض المعلقين انه مثل المحامين في أي معركة قانونية فان كلا من الفلسطينيين والاسرائيليين بالغوا في الرهان على ما أصبح لعبة سياسة وعلاقات عامة أكثر منه أي شيء اخر.
تقول روزا بروكس أستاذة القانون الدولي في جامعة جورج تاون والتي عملت في وزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين "هناك مبالغة في المخاوف من حدوث تغيير دراماتيكي".
ومن المهم تذكر أن المحكمة الجنائية الدولية منظمة سياسية إلى جانب كونها مؤسسة قانونية فالحكومات الاعضاء ومجلس الأمن الدولي هم من يرفعون الدعاوى وبالتالي يمكن أن تطغى الاعتبارات السياسية على الاهتمام بقضية قانونية بحتة.
تعزيز لفرص المصالحة
قدر عدد من المراقبين أن النجاح الذي حققه الفلسطينيون في الأمم المتحدة عزز فرص التوصل إلى تسوية تعيد الوحدة إلى صفوفهم وتنهي الخلاف بين السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة حماس في قطاع غزة. فلأول مرة منذ استيلاء حركة حماس على السلطة في قطاع غزة شهر يونيو سنة 2007، أيدت الحركة وأشادت على نطاق واسع وبوضوح بنجاح تحرك السلطة في الأمم المتحدة.
يوم الجمعة 30 نوفمبر 2012 صرح زعيم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، خالد مشعل، في حديث مطول مع وكالة "رويترز" إنه ينبغي النظر إلى الاعتراف الفعلي بدولة فلسطينية، ذات سيادة، الذي حققه الرئيس محمود عباس، في الأمم المتحدة، إلى جانب الصراع الذي نشب في الآونة الأخيرة في غزة مع إسرائيل، كاستراتيجية واحدة جريئة قد تؤدي إلى تمكين كل الفلسطينيين، وتحقيق المصالحة.
وأضاف مشعل: "نحن رحبنا بخطوة أبو مازن للذهاب إلى الأمم المتحدة، وأنا اتصلت به قبل أيام، وأبلغته بذلك، وموقفنا هذا انطلاقا من حرصنا على توحيد الجهود الفلسطينية، وتوحيد الموقف الفلسطيني".
وأضاف مشعل: "قلت للأخ أبو مازن، نريد بهذه الخطوة جزءا من كل، جزءا من استراتيجية وطنية فلسطينية فيها خيارات مفتوحة مستندة إلى امتلاك أوراق قوة متعددة، وعلى رأسها المقاومة، التي أبدعت في غزة وأعطت رسالة عن قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود ومواجهة المحتل، وأنا متفائل بوجود أجواء جديدة تتيح لنا تحقيق المصالحة".
وأشار إلى أن "الدولة الفلسطينية لا تنال بالمفاوضات، وإسرائيل لا يمكن أن تعطينا شيئا حقيقيا على طاولة التفاوض إلا إذا كنا أقوياء على الأرض، العدو علمنا التاريخ، لا يعطي شيئا ولا يتراجع إلا تحت الضغط".
وفي غزة، قال رئيس حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية في تصريح صحفي "نؤيد أي إنجاز سياسي لشعبنا على طريق انتزاع الدولة على قاعدة عدم الاعتراف بالمحتل أو التفريط بثوابتنا الاستراتيجية وحقوقنا الثابتة وفي مقدمتها حق العودة".
واضاف ان "ما جرى في جمعية الامم المتحدة هو تتويج لصمود هذا الشعب ولنضالاته وتضحياته وتاكيدا للنصر الذي حققته غزة".
وتابع "انها احد معالم الانتصار السياسي الدبلوماسي ولكن لكي نحيل هذا القرار الى واقع عملي والى دولة على الارض نحن بحاجة الى استمرار الصمود والجهاد ونحن بحاجة الى تكريس الوحدة الفلسطينية على استراتيجية المقاومة والثوابت".
وبعدما اشار الى ان "138 دولة تؤيد الدولة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية"، قال هنية ان "هذا الوقوف الشامل من دول العالم ليدلل على ان الغطاء قد ارتفع عن هذا الاحتلال".
بدوره قال موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس على صفحته على الفيسبوك "حصلت فلسطين على دوله بصفه مراقب وهذا إنجاز سياسي جيد ولكن لن يغير من الأمر الواقع شيئا".
وشدد على انه "على الفلسطينيين أن يرصوا صفوفهم ويوحدوا قواهم ويتفاهموا على برنامج وطني واحد يرتكز على المقاومة قطعا سنحقق دولة على جزء من أرضنا وسيضاف لها السيادة والعضوية الكاملة".
موقف حماس الأخير أحيا التفاؤل في إنجاز المصالحة خاصة وأنه يختلف عن المواقف التي عبر عنها عدد من قادة حماس قبل سنة تقريبا عندما توجهت السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في تحرك مشابه للحصول على اعتراف.
ففي منتصف شهر سبتمبر 2011 صرح سامي ابو زهري المتحدث بإسم حركة حماس ل"فرانس برس" ان "المبررات التي قدمها محمود عباس لذهابه إلى الأمم المتحدة هي مبررات غير مقنعة وغير مقبولة لنا"، مؤكدا ان "المخاطر التي تتضمنها هذه الخطوة هي مخاطر كبيرة ويمكن ان تمثل مسا بالحقوق الوطنية".
واضاف "نحن نؤكد ان هذ الخطوة منفردة ولا تستنند على اساس اي توافق وطني وتاتي في ظل تعثر جهود تنفيذ اتفاق المصالحة ونحن في الحركة في جميع الاحوال لا نقر اي خطوة تنتقص من حقوقنا الوطنية وهي خطوة شكلية لن ينبنى عليها اي جدوى حقيقية".
جاء في تقرير دولي صدر يوم 30 نوفمبر 2012 أن محللين سياسيين يرون ان حصول فلسطين على وضع الدولة المراقب غير العضو في الامم المتحدة هو تشجيع على تحريك عملية المصالحة لتحويل النجاح الدبلوماسي الى انتصار سياسي.
ودعا الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر في بيان لمجموعة "الحكماء" "المجتمع الدولي الى تشجيع فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحماس الى التصالح والعمل معا من اجل الوحدة الفلسطينية".
الردع الدبلوماسي
كتب صحفي فلسطيني يوم 30 نوفمبر 2012 تعليقا على قرار الأمم المتحدة: اعاد توازن "الردع الدبلوماسي" المفقود منذ عقود ، في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، مثلما استعاد صمود المقاومة في غزة "توازن الرعب" مع القوة العمياء المنفلتة من عقالها، وهو توازن ظل طيلة تلك العقود مختلا لصالح صاحب الدبابة، الذي ظل يذبح امالنا واحلامنا ويستحيي طموحاتنا، بالرصاص المصبوب تارة، وطورا باعمدة النار والدخان، والتي تكشفت من ثنايا غيومها هشاشة القوة الطاغية التي تجردت من اخلاقها، بعد ان ضبطت متلبسة بفعلها الفاضح، وعلى الهواء، وهي تقتفي اثر الابرياء من الاطفال، والنساء، والشوخ الذين لاذوا الى بيوتهم، قبل ان تختفي تحت اعمدة النار والدخان القاتلة عائلات باكملها.
"لهذا نحن هنا اليوم".. عبارة كررها صاحب رواية الحق، اكثر من مرة وهو يقص على الامم، الام طريق الجلجلة، المحفوفة باعمدة النار والدخان، والتي حصدت الارواح، ودمرت الممتلكات، طيلة ثمانية ايام، لم يبق خلالها بيت في القطاع، الا وبه ضربة بسيف، او رمية بسهم، او طعنة برمح.
لهذا نحن هنا اليوم".. عبارة تردد صداها في اروقة الهيئة الدولية، كدوي صافرات الانذار في المدن الاسرائيلية، وهي تضع العالم امام مسؤولياته، لانقاذ الفرصة الاخيرة لحل الدولتين، وهو الحل الذي دفن او يكاد، تحت انقاض اعمدة النار والدخان، المصبوبة على رؤوس الامنين، في قطاع غزة، مثلما دفن تحت اسنان الجرافات وجنازير الدبابات في الضفة.
"لهذا نحن هنا اليوم".. صرخة لامست اسماع الامم وضمائرها، التي استجابت سريعا لمعاني الاضطرار، والاستعجال الكامنة فيها، بالتصويت الطافح، بما يلبي نصاب الثلثين وزيادة، وهو تصويت وان عكس نفاذ صبر العالم من مراوغات المحتل التي ارادت للمفاوضات ان تبقى اسيرة متاهات لانهاية لها، فإنه في الوقت ذاته يعكس اتساع قاعدة التاييد والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وانحسار اعداد الدول الداعمة لاسرائيل، والتي بدت على خارطة العالم في تلك الليلة التاريخية كباقي الوشم في ظاهر اليد".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.