أية قراءة في عيون تولين وفي شعرها الذهبي المسدل على كتفيها وقامتها المديدة الرقيقة ولغتها السريانية وأسئلتها عن طفولة شوبان.. تفضي إلى قراءة أخرى، يمكن نعتها بالقراءة الزرقاء! - أجل.. هي قراءة أكثر من زرقاء. - ما سر هذا الأزرق؟ - تبا لي!! لا أحد يرغب في هذه الفوضى العشقوية، فكرت أن زمن العشق ?? ولى بهاؤه، مثل زبد جعة مارس، العشق أريج الفصول. إذا كان كالربيع والشمس والمطر وتولين أيضا! - تكتبي بالعربية!؟ - تعجبني حروفها.. أجابت. - أي حرف؟ - كل الحروف، عدا حرف الكاف. انقلب السحر على الساحر، حدسي لم يكن موفقا، خلتها امرأة من الضفة الأخرى. لكنها من جغرافيتي، جغرافية الهزيمة والممنوع. مدينة بور ليوطي، الساعة الرابعة، المساء قادم، وقت ملغوم، لست أدري..؟ ركبت القطار ا?خر، الذي انتقل إلى القطار ا?خر لست أنا، أنا هو الذي بقي في القطار الذي يحمل رائحة تولين..! - حيث الزرقة أوجد وفي الزرقة أنا. - تولين.. هل من لون غير اللون الأزرق..؟ في هذه اللحظة، لا يوجد سوى الأزرق، سوى تولين، التي أخرجت من معطفها الأسود، المرشوش بنجيمات بيضاء، مسدسا، ورمتني برصاصة في الصدر وأخرى في العين. القطار ذاهب صوب ذاكرة النار، وهو الكناش الذي يجمعني، يتوئمني، بمدينة مكناس، في هذا الكناش يوجد التقرير الطبي، الذي يؤكد تواجدي مصلوبا جنوب "باب السيبة".. للمزيد من الاطلاع، المرجو العودة إلى السطور الأخيرة من الكناش السابق الذكر. - تولين لا علم لها، تولين تمُجُّ مثل هذه الكنانيش!! هي تسكن عالمها الأزرق الذي يشدها أو يجمعها بالبحر والسماء وبأجدادها الذين اكتشفوا دوران الأرض ومراقبة النجوم ومهارة العزف على آلة البيان. عندما كنت أتأمل تلك الجبال الشاهقة وأشرب ما تبقى من الكأس، تخيلت أن تولين سوف تحملني إلى المشفى من أجل نزع الرصاصة التي استقرت في الصدر والأخرى التي في العين، لكنها حملتني إلى مشفى المجانين. - هل أنا مجنون..؟ - الإشارات بدل الكلمات..! ضباب كثيف، ضيق في الرؤية، زرقة مفرطة، مثل تفاحة تقترب من سن البلوغ، دوران، لغة صافية، أحيانا ماجنة، بالرغم، فهي تقترب أو تكاد تقترب من خفة الندى وطغيان الشعر. - هل أنا مجنون..؟ يبدو أن الهاتف، أن الخط انقطع، أعدت الاتصال، الهاتف مشغول، لا يمكن إنجاز المكالمة، أخيرا العلبة الصوتية. - إنكم في العلبة الصوتية! - Vous êtes sur la boite vocale رحلة القلب أصعب الرحلات، انتقل القلب من الماء إلى مدن العطر والأحجار الكريمة، ثم عاد القلب إلى الماء إلى الأزرق. من شرفة "المقهى الأزرق" رأيت طيورا تسبح فوق السحب، فوق الماء، تصورت تولين بين هذه الطيور، تصوري كان خاطئا. في آخر الليل تفتح تولين كناشها، شهية الكتابة كشهية الحمام في ممارسة الغزل، فوق قباب الكنائس، تولين تكتب في الساعات الأخيرة من الليل. لا توافق على وجود المطلق.. المطلق عند تولين أن ترسم السماء قبلة على خد البحر، الأزرق هو المطلق والمطلق هو الأزرق! حين أوغلت تولين في صمتها، تذكرت حكاية الفيوضات.. العالم فاض عن ذات الله، جودا وفضلا منه وتولين هي إحدى تلك السلسلة من الفيوضات. عدت إلى الهاتف، إلى الرقم 83، لكن.. العلبة الصوتية. تبا لهذه العلبة..!!! العرائش: 01/05/2012