تداولت أغلب الصحف الوطنية الواردة خلال الأيام الأخيرة الزيادة التي عرفتها أسعار الوقود التي أعلنت عنها الحكومة خلال الأيام القليلة الماضية و أساسا البنزين، الكازوال و الفيول الصناعي، و كذا ردود فعل المواطنين و منهم مالكي وسائل النقل الخاصة و العمومية في مختلف مدن المملكة حول هذه الزيادة التي ساد التخوف عند الجميع أن تكون تأثيراتها تمس ذوي الدخل المحدود بشكل خاص و ذلك بالزيادة بشكل غير مباشر في ثمن المواد الأكثر استهلاكا لديهم بعد تطبيق هذه الزيادة... و قد تكون حالة استثناء على الصعيد الوطني حيث لم تعرف مدن المنطقة الشرقية نفس الحدة في ردود فعل سكانها بعد هذا الإعلان عن هذه الزيادة التي سوف لن تؤثر على مستعملي وسائل النقل سواء الخاصة منها كالسيارات العائلية أو العمومية كالشاحنات و الحافلات التي تتحرك داخل المدار الجهوي بالمنطقة الشرقية أو تلك التي تتنقل من ذات المنطقة في اتجاه مدارات جهوية أو وطنية أخرى و كذا العكس... و قد يتساءل القاريء لماذا هذا الاستثناء في ردود الفعل لسكان المنطقة الشرقية حول هذه الزيادة المعلنة و التي بررتها السلطات العمومية في شخص السيد الوزير المكلف بالشؤون العامة للحكومة بمواجهة الظروف الصعبة التي نؤثر على الدورة الاقتصادية، فتذهب كل الأجوبة الممكنة لدى العادي و البادي بهذه المنطقة إلى نقطة واحدة وهي عملية التهريب التي يعود تاريخ بدايتها إلى سنوات عديدة خلت بين المغرب و الجزائر لعدة مواد و على رأسها الكازوال و البنزين. فعلى طول الشريط الحدودي بين البلدين من شماله إلى جنوبه و بكل الطرق الرابطة بين مختلف مدن المنطقة يوجد المئات إن لم نقل الآلاف من الباعة على قارعات مختلف هذه الطرق الوطنية، الجهوية، الإقليمية أو الثانوية يعرضون كميات كبيرة من هذه المحروقات حسب طلبيات الزبائن ابتداءا من 5 لترات إلى صفيحة من سعة 30 لترا بأثمان قابلة للزيادة و الانخفاض حسب الإحترازات الأمنية بالحدود المغربية – الجزائرية تصل في أدناها إلى 100 درهم للبرميل من سعة 30 لترا و 200 درهما لنفس الكمية في أقصاها بالمناطق القريبة من نقط جلب هذه المادة و يزيد سعر البرميل كلما ابتعدت المسافة عن النقط المتواجدة في غالب الأحيان بالقرب من الشريط الحدودي ... بورزة بورحلة من مواليد سنة 1962 الأب لأربعة أطفال بجرادة يمتهن منذ مدة بيع عبوات الوقود المهرب لمالكي السيارات الذين تستهويهم أسعارها التي تقل بزهاء النصف عن تلك المعمول بها بالمحطات القانونية , بورحلة يقول و هو منشغل بتعبئة صفيحة من فئة 5 لترات في خزان سيارة أحد زبائنه: " هذه الحرفة يعيش منها آلاف الأشخاص على صعيد الجهة الشرقية فمثلا أنا حارس في هذا المكان ليلا و نهارا و أعتمد على بيع البنزين منذ أزيد من ثمتن سنوات في إعالة عائلتي بل يعمل هنا أشخاص آخرون يعيلون ما مجموعه 7 أفراد آخرين و إذا لم نعمل هكذا كيف لنا أن نعيل عائلاتنا في ظل انعدام فرص شغل أخرى "... و لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تم تطوير هذا النوع من التجارة التي تشغل المئات من المواطنين من مختلف الأعمار و توفر هامش ربح لا يستهان به يوميا يفوق في الغالب 500 درهم يوميا حيث أصبحت هذه المحروقات بنوعيها تباع بالجملة و تنقل في سيارات تكون محملة كل حسب طاقتها الاستيعابية لعدد البراميل من فئة 30 لتر تصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب 40 برميلا بالنسبة للسيارات من نوع رونو 18 و حوالي 50 برميلا بالنسبة لرونو 25 يطلق عليها بالمنطقة الشرقية اسم " المقاتلات " من الحدود المغربية – الجزائرية من نقط مختلفة تتمركز بالخصوص بعدد من نقط البيع بمدينة وجدة،جماعة بني درار، مدينة أحفير و نقط أخرى توجد بتراب إقليمجرادة إلى كل المدن القريبة التي يوجد بها زبائن يعيدون بيع البنزين بالتقسيط كالعيونالشرقية، تاوريرت، جرادة، كرسيف، بركان، زايو، السعيدية ، الناظور، ادريوش... مقابل ذلك لم يخف سكان هذه المنطقة تخوفهم من السعر الجديد للمحروقات الذي سيؤثر حتما على ثمن بعض المواد الأساسية الأكثر استهلاكا لدى شريحة كبيرة من سكان مدن الجهة الشرقية كالسكر، الدقيق، الزيت و كذا بعض المنتوجات الصناعية والفلاحية التي تنقل من مدن أخرى كالدار البيضاء و أكادير بالخصوص إلى المنطقة رغم تواجد بعض هذه المنتوجات الاستهلاكية المهربة من الجزائر أو مليلية عبر مدينة الناظور كالزيت، الدقيق الحليب الجاف، الجبن... بالأسواق المعروفة ببيع هذه المواد كسوق الفلاح بمدينة وجدة و مدينتي أحفير و بني درار الواقعتان على الشريط الحدودي بين المغرب و الجزائر فضلا عن " سويقات " يومية أخرى و محلات تجارية للمواد الغذائية من المنتوجات الوطنية تعرض أنواعا من هذه المواد المهربة بعاصمة الجهة الشرقية و كذا مدن الناظور، بركان، جرادة، زايو، ادريوش، فكيك، تاوريرت، العيونالشرقية و بوعرفة... و هكذا تكون المنطقة الشرقية حالة استثناء في عدم تأثر سكانها بالزيادة المعلنة مؤخرا في المحروقات بسبب تهريب آلاف اللترات يوميا عبر عدد من النقط متحايلة على مراقبة السلطات العمومية من درك، جمارك و مصالح أمنية لهذه الظاهرة التي كبدت خسائر فادحة لأغلب محطات الوقود بالمنطقة الشرقية بل كانت السبب الرئيسي في إغلاق العديد منها حيث تحجز ذات السلطات كل من جهته بين الفينة و الأخرى كميات كبيرة من البنزين المهرب لكن عملية التهريب لن تنتهي إلا بخلق بدائل إقتصادية و إجتماعية قادرة على إيجاد مناصب شغل قارة بديلة لآلاف العاملين بهذا الميدان رغم المخاطر الجسدية و المادية التي تحدق بهم...