أكد عبد الصمد قيوح أن الرقي بالقطاع من كتابة دولة إلى وزارة مستقلة يؤكد الإرادة القوية لجلالة الملك من أجل النهوض بالصناعة التقليدية وتحسين أوضاع المهنيين،وهي الإرادة التي عبر عنها جلالته في أكثر من محطة. وأبرز الوزير في حوار خص به العلم أن مختلف المؤشرات تبرز الدور البارز الذي يلعبه القطاع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الحضاري،فهو قطاع يتمتع بحيوية كبيرة جدا ، ويعد مصدرا لخلق الثروة وفرص الشغل. وأعلن الوزير عن إطلاق عدد من المبادرات التي تهدف إلى تثمين منوجات القطاع، وفي مقدمتها الاهتمام بالتجارة المصنفة .. في ما يلي نص الحوار : ****************** س : أولى البرنامج الحكومي أهمية خاصة للصناعة التقليدية، حيث أصبحت خاضعة لقطاع وزاري مستقل بعد أن كانت تابعة لوزارة السياحة، ما هي المنطلقات المتحكمة في هذا التوجه؟ ج: إن الرقي بالقطاع من كتابة دولة إلى وزارة مستقلة يؤكد الإرادة القوية لجلالة الملك من أجل النهوض بالصناعة التقليدية وتحسين أوضاع المهنيين،وهي الإرادة التي عبر عنها جلالته في أكثر من محطة، فالصناعة التقليدية، والصناع التقليديون على وجه الخصوص، حظوا دوما بالعطف والرعاية المولوية السامية، فالموروث الحرفي المغربي يشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والحضارية لوطننا، كونه لصيقا بمحيطه الاقتصادي ولاجتماعي والثقافيو التاريخي، هذا إلى جانب بعده الاقتصادي الصرف. وخير دليل على ذلك، تكريس صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لهذه المكانة المتميزة حين صنفه جلالته في إحدى خطبه بمناسبة ثورة الملك والشعب، من بين القطاعات المنتجة الواعدة إلى جانب الفلاحة والسياحة والصيد البحري وتقنيات الاتصال الحديثة والخدمات و النسيج. وقد ترجم هذا الاهتمام المولوي بالصناعة التقليدية من خلال وضع إستراتيجية وطنية لتنميتها «رؤية 2015» والتي تم التوقيع على عقد البرنامج الخاص بها تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ 20 فبراير2007. س : من خلال المعطيات،كيف تنظرون إلى المكانة التي يحتلها القطاع على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي؟ ج: مختلف المؤشرات تبرز الدور البارز الذي يلعبه القطاع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الحضاري،إنه قطاع يتمتع بحيوية كبيرة جدا، ويعد مصدرا لخلق الثروة وفرص الشغل ،والمستقبل واعد أمامه، إنه يتوفر على إمكانيات مهمة للاستثمار تفتح آفاقا واسعة ومحفزة أمام الفاعلين الاقتصاديين سواء من داخل البلاد أو من خارجها، وللغشارة فقط عرف عدد المقاولات الصغرى والمتوسطة بهذا القطاع تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة ،حيث ارتفع من 100 مقاولة قبيل وضع الاستراتيجية إلى أكثر من 600 مقاولة إلى حدود سنة 2010. ويشغل القطاع أعدادا مهمة من المواطنين تقدر بحوالي 2.2 مليون صانع، أي ما يمثل 20% من الساكنة النشيطة بالمغرب، حيث يشتغل 17% من الصناع التقليديين بقطاع الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية القوية و 28 % بالصناعة التقليدية النفعية، في حين تستوعب الصناعة التقليدية الخدماتية 55% من الصناع، مع العلم أن 1/3 الشغيلة بالقطاع تتمركز بالعالم القروي. وفي هذا الإطار لابد من الإشارة الجانب المؤسساتي الذي توطد بإحداث المرصد الوطني للصناعة التقليدية والذي يعمل على رصد المحيط وتوفير المعطيات و الأرقام، بصفة منتظمة، عبر بحوث ميدانية تشمل مختلف فئات الفاعلين بالقطاع.. س: قبل الحديث عن أي برنامج للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية، لابد من القيام بتشخيص دقيق لتحديد نقط الضعف ونقط القوة، هل هناك فعلا تشخيص حقيقي للقطاع ؟ وما هي أهم خلاصاته؟ ج: جوابا على هذا السؤال، أود بأن أذكركم أن استراتيجية الوزارة «رؤية 2015» التي نعمل جادين على تطبيقها اليوم، من خلال برامج ومشاريع وطنية و جهوية وإقليمية، انبثقت من خلال دراسات علمية وتشخيص ميداني دقيق، سهر عليها أطر الوزارة وجميع الفاعلين بالقطاع بالاستعانة بمكاتب دراسات متخصصة. وقد تم التمكن من خلال هذه الدراسات من رصد جميع مكامن قوة وضعف قطاع الصناعة التقليدية وكذا تحديد مؤهلات النمو المتوخى تحقيقها. ولا أخفيكم، أنه مباشرة بعد تعييني وزيرا للقطاع من قبل جلالة الملك نصره الله، انصب اهتمامي على هذه النقاط التي تتحدثون عنها في سؤالكم، وقد اطلعت فعلا على هذه التشخيصات الميدانية التي أبانت في وقته على أن القطاع رغم صيته ووجود طلب مهم ومتزايد على منتوجاته من طرف المدن الكبرى الوطنية والسياح الوافدين على المغرب والأسواق الخارجية، لاسيما منها المجاورة، فانه كان يعاني على الخصوص، من ضعف الهيكلة والقدرة الإنتاجية كما وكيفا، من عدم ملاءمة المنتوجات للأذواق والحاجيات المتجددة، والاعتماد على السوق التقليدية الوطنية دون استغلال قنوات التوزيع الموجودة في الأسواق الخارجية الناتجة عن غياب تنظيمات حرفية مختصة في مجالات التسويق. كما أن القطاع يعاني من ضعف في التنسيق بين مؤسساته وتداخل في مهامها، بالإضافة إلى محدودية الموارد البشرية و الاعتمادات المالية. لذا، ووفق ما تم استخلاصه من هذا التشخيص فقد كان لزاما على القطاع وضع برنامج عمل تعاقدي وتشاركي لخلق وتطوير النسيج المقاولاتي ليكون قادرا على اختراق قنوات التوزيع الملائمة لمتطلبات المستهلكين المستهدفين والعمل على رفع رقم معاملات الصناع التقليديين الفرادى وتحسين ظروف عملهم سواء الحضريين منهم أو القرويين، دون إغفال كل ما يتعلق بإنعاش المنتوجات وتطوير منظومة التكوين المهني والتنظيم المؤسساتي ومعرفة القطاع وتتبعه. س: كيف تقيمون الحصيلة الأولية للاستراتيجية الوطنية «رؤية 2015»؟ وما هي أهم المبادرات الجديدة التي ستقومون بها ؟ ج: لا يمكن الجزم بأن هذه الاستراتيجية حققت جميع أهدافها، أو العكس، فهناك أشياء تحققت وهناك أشياء أخرى سنعمل جاهدين على إنجازها مع معالجة مختلف النقائص والثغرات التي يمكن الوقوف عندها. وفي هذا الإطار بالضبط يستوجب القيام بتقييم رصين وشامل، بمشاركة المنتخبين وتعاونيات وشركات وممثلي الإدارة ومختلف الفاعلين في القطاع، وإلى جانب ذلك قررنا اتخاد بعض المبادرات الجريئة هدفها الأساس تقوية الدور الاجتماعي والاقتصادي للصناعة التقليدية داخليا وخارجيا، وفي مقدمة ذلك الاهتمام بمفهوم التجارة المنصفة التي ترتكز، بنسبة كبيرة ،على مسلسل التصديق الذي يعني التوفر على علامة تجارية خاصة بمنتوجات الصناعة التقليدية، وهو ما يمكنها من القدرة على اختراق أسواق جديدة في مجال التصدير، حيث الطلب على منتوجات التجارة المتصفة يعتبر مرتفعاً جداً، ولاشك أن هذا الجانب له أبعاد قانونية ومؤسساتية سنعمل تباعا على معالجتها ،وأعتقد أن هذه اللمسة الجديدة يمكن أن تعطي دفعة قوية للصناع الصغار المنظمين في شكل تعاونيات، حيث أعتبر أن التصديق على علامة التجارة المنصفة ،أي ما يعرف بالانجليزية ب fair trade وبالفرنسية commence équitable، العامل الكفيل بمد جسور التعاون والتشارك بين مختلف الصناع والحرفيين المنظمين في إطار تعاونيات وبين المستهلكين النهائيين سواء كانوا في الداخل أو الخارج، إنه عامل أساسي وحاسم في مسلسل تثمين المنتوجات، وسنستند في إنجاح هذا التوجه على التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال، والتي من شأنها توفير المناخ الملائم لتطوير هذا النوع من التجارة في بلادنا. إننا سنعمل على جعل التجارة المتصفة إحدى الزكائز الفاعلة في مجال تسويق منتوجات الصناعة التقليدية، وإدماج وحدات القطاع من قنوات التسويق الخاصة بالتجارة المتصفة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وأعتقد أننا قادرون على كسب هذا الرهان لأن المنتوجات المغربية المحلية تتوفر على حمولة ثقافية وحضارية تتطابق مع الخصائص الأساسية المطلوبة منق بل المستهلكين بالأسواق، وأنا مقتنع جداً بأن المستقبل واعد أمام قطاع الصناعة التقليدية لإعطاء قيمة مضافة لتنمية الاقتصاد الوطني بفضل التجارة المنصفة. س: تعتبر الصناعة التقليدية من أهم القطاعات المساهمة في تنشيط الحركة الاقتصادية في بلادنا بالإضافة إلى أنها قطاع استراتيجي للتنمية المحلية والبشرية، ما هي المبادرات التي ستعملون على تفعيلها من أجل تعزيز مكانة هذا القطاع في النسيجين الاقتصادي والاجتماعي؟ ج: أشكرك جدا على هذا السؤال لأنه يدفع بالحوار إلى الفعل والتطبيق، فالإرادة والعزيمة التي تحركنا للعمل بجد في ظل هذه الحكومة غير كافية طبعا ما لم نعتمد في عملنا على مقاربة تشاركية فاعلة ينخرط فيا جميع المعنيين، وهذا ما حرصت عليه منذ ولوجي أبواب هذه الوزارة فقد اجتمعت مع أهم الفاعلين في هذا القطاع سواء كانوا منتخبين أو مقاولين او شركاء وتبادلنا وجهات النظر حول الأولويات التي يجب الانكباب عليها. لقد اعتمد التصريح الحكومي، الذي تقدم به رئيس الحكومة السيد عبد الإلاه بنكيران أمام البرلمان،على خمس توجهات كبرى وفي التوجه الثالث توقف عند مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع الروافد القطاعية والجهوية، اقتصاد تنافسي ومنتج للثروة والشغل، وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو، وهذا المرتكز المرجعي هو ما سنعمل من اجله بجد وتفاني، فقطاع الصناعة التقليدية يعتبر قطاعا وطنيا استراتيجيا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لما يوفره من مناصب الشغل وما يحققه من أرقام المعاملات. كما أن أهمية قطاع الصناعة التقليدية الخدماتية تتجلى في كونه واعدا وحيويا داخل النظام الاقتصادي المغربي، حيث يحقق رقم معاملات إجمالي يفوق 36 مليار درهم. كما يوفر خدمات لكل السكان في أكثر من 16 نشاط مهني. س: ولكن ما هي أهم المبادرات الجديدة التي بإمكانها إغناء هذه التوجهات ؟ ج : هناك الجانب القانوني ، حيث يتم التركيز على إخراج قانون تنظيم الحرف إلى حيز الوجود ومواصلة الجهود المبذولة في هيكلة ودعم النسيج المقاولاتي ومواكبة إبراز الفاعلين المرجعيين ومواصلة تأهيل شبكة البنيات التحتية وتعزيزها بإحداث فضاءات مندمجة ومناطق لأنشطة الصناعة التقليدية من جيل جديد. وهناك الجانب الترويجي، من خلال العمل على تعزيز الأسواق التقليدية داخليا وخارجيا مع ولوج أسواق جديدة واعدة. أما بخصوص العنصر البشري، سنواصل تفعيل المخطط الاستعجالي للتدرج المهني الذي يهدف إلى تكوين000 60 متدرجا في أفق 2015 وتسريع تنفيذ المخططات المديرية للتكوين المهني مع تنمية التكوين المستمر ومحو الأمية الوظيفية لفائدة الصانعات والصناع التقليدين، إضافة إلى مواصلة إنجاز البرنامج الوطني للحفاظ على الحرف. كما سيعطى اهتمام خاص بظروف عيش وعمل العنصر البشري المتمثل في الصناع التقليديين، حيث سيتم العمل على إيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات المرتبطة بالتغطية الصحية والتمويل والتزود بالمواد الأولية وذلك بتنسيق مع القطاعات العمومية المعنية. ولاستكمال الرؤية الإستراتيجية للقطاع في جميع فروعه، يسرني أن أخبركم أن الوزارة قد أنجزت تشخيصا متكاملا حول قطاع الصناعة التقليدية الخدماتية، تمت ترجمة خلاصاته على شاكلة برنامج عمل مدققة مدته خمسة سنوات. وسيتم إن شاء الله في الأمد القريب التوقيع على عقده مع كل من الحكومة وفيدراليات القطاع. أما بالنسبة للصناع الفرادى، فإن الوزارة عاقدة العزم على مواصلة مجهوداتها لتأهيلهم من خلال تحديث تقنيات العمل، وإدخال بعض التصاميم الجديدة على المنتوج، وإنجاز الخبرات التقنية لفائدة الصناع بغية الرفع من مداخيلهم، والانفتاح على مجالات البحث العلمي عبر عقد اتفاقيات شراكة مع الجامعات والمعاهد الوطنية. وفي نفس الإطار، سنعمل على تمكين التجمعات الحرفية من معدات تقنية حديثة للإنتاج،بغية دعم قدراتها الانتاجية وتحسين مردوديتها وظروف عمل الصناع التقليديين المنتمين إليها. وانطلاقا من قناعة الوزارة بالدور الحيوي للمرأة في تنمية القطاع والاهتمام الذي توليه للصانعات التقليديات، خاصة بالعالم القروي، ودعما لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، سيتم تسريع وتيرة تنفيذ برنامج «دور الصانعة». وستشكل هذه الدور مقرا للعمل الجماعي للإنتاج وتخزين وعرض المنتجات، يستجيب لمعايير الصحة والنظافة، ويوفر آليات ومعدات إنتاج توضع رهن إشارة الصانعات التقليديات. س: لا شك أن القطاع يشكو من مشاكل هيكلية تحد من الإنتاجية والمردودية، كما هو الشأن بالنسبة لضعف المستوى السوسيو - اقتصادي والثقافي للصناع، والنقص في مجال التنظيم والتوجيه والتأطير، وغياب روح المبادرة وروح المقاولة لدى الصناع والهيئات الحرفية، كيف يمكن معالجة مثل هذه المشاكل؟ ج: لقد كان منالضروري إنجاز بحث حول الظروف السوسيو-اجتماعية والاقتصادية للصناع التقليديين، و ذلك عبر المرصد الوطني للصناعة التقليديين وهو تم فعلا ، حيث هم البحث عينة من حوالي 5800 صانع وصانعة، ورسم معالم هوية الصانع التقليدي بقطاع الصناعة التقليدية الفنية و الإنتاجية من خلال خاصياته الديموغرافية والسوسيو-اقتصادية و كذا ظروف عمله و عيشه، و الأهم من ذلك أنه كان بمثابة مقياس لصعوبة المشاكل التي يعانيها و نجاعة الحلول التي وضعتها الوزارة من خلال مختلف الأوراش التي تباشرها في إطار رؤية 2015. ومن أهم ما توصل إليه البحث أن 80 % من الصناع التقليديين هم من الذكور، تتراوح أعمار 55% منهم ما بين 20 40 سنة، كما لا يتعدى المستوى الدراسي ل 78 %منهم السادسة من التعليم الأساسي لم يتلق 30 % منهم أي تعليم دراسي، في حين لم يستفد 91% منهم من التكوين المهني و91,5 %من التكوين المستمر. أما الدخل الشهري للصناع، فيتراوح ما بين 2000 و 5000 درهم بالنسبة ل70 % منهم، وفيما يخص نسبة الولوج إلى القروض، فإنها لا تتعدى 15%. ولا يتعدى الصناع المسجلين بالسجل التجاري 27%. أما فيما يخص نظامي التغطية الصحية والتقاعد، فنسب الصناع المسجلين بها تبقى ضئيلة حيث لا تتعدى 5 %. هذه المعطيات الدقيقة وغيرها المتوفرة من خلال الدراسة، مكنتنا من الحصول على رؤية واضحة ، وذلك بتعزيز أوراش رؤية 2015 مع التركيز على العنصر البشري فيما يخص أوراش التكوين المهني والتكوين المستمر ومحو الأمية الوظيفية، والمساعدة على ولوج التمويل، وإيجاد حلول لمشكل التغطية الصحية، وتعزيز النسيج المقاولاتي، وتأهيل شبكة البنيات التحتية وتعزيزها بإحداث فضاءات مندمجة ومناطق لأنشطة الصناعة التقليدية من جيل جديد وهيكلة الجانب التنظيمي والمؤسساتي عبر تعزيز دور غرف الصناعة التقليدية وإخراج قانون تنظيم الحرف إلى حيز الوجود. س: من المؤكد أن القطاع في حاجة ماسة إلى آليات جديدة لتنظيم وتدبير وسائل وفضاءات الإنتاج والتسويق، ما هي التدابير التي ترونها ضرورية لتحقيق هذه الأهداف؟ ج: طبعا ففضاءات الإنتاج والتسويق ذات الصلة بالصناعة التقليدية تنال قسطا هاما من اهتمامنا ونعتبرها إحدى المرتكزات التي تستند عليها إستراتيجية تنمية القطاع في أفق 2015، حيث خصص عقد البرنامج لتنزيل هذه الإستراتيجية حيزا هاما لتأهيل البنيات التحتية وتوسيع شبكتها لتغطي مختلف ربوع المملكة. ومن بين الأهداف المتوخاة من فتح ورش البنيات التحتية، هناك: - خلق المزيد من نقط التلاقي بين الصانع التقليدي والزبائن المحتملين وتحسين دخل الصناع، - الرفع من جاذبية فضاءات الإنتاج والعرض والتسويق بالقطاع وتوسيع دائرة إشعاعها، - دمج البنيات التحتية في النسيج الحضري من خلال توطين الأنشطة الحرفية التي قد تحدث بعض التلوث بعيدا عن التجمعات السكنية، - جعل البنيات التحتية بالصناعة التقليدية محورا للتنمية المحلية عبر مساهمتها في الرفع من وثيرة الرواج الاقتصادي. وإذا كان الجيل الأول من البنيات التحتية بقطاع الصناعة التقليدية، والمتمثل في مجمعات الصناعة التقليدية والمحدثة بالأساس خلال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، قد لعب الدور المنوط به، والمتجلي في تمكين الصناع التقليديين من محلات مهنية تساعدهم على إبراز مهاراتهم، فقد بادرت الوزارة إلى توفير فضاءات للإنتاج والتسويق في حلة جديدة كانت أولى إرهاصاتها مع قرى الصناع التقليديين التي تشمل ضمن مكوناتها بصفة مندمجة فضاءات الإنتاج والعرض والتسويق والتكوين المهني والتنشيط والترفيه.وستعزز الوزارة هذه القرى بالرفع من جاذبيتها والسهر على تموقعها في أماكن مناسبة تعرف أكبر نسب من الرواج. وفي ظل التراكم النوعي الذي حققته الوزارة على مستوى بلورة مشاريع البنيات التحتية بالصناعة التقليدية، يمكن اليوم الحديث عن جيل جديد من هذه البنيات يستهدف بالدرجة الأولى مقاولات الصناعة التقليدية، وذلك من خلال اعتماد مقاربة تستند على الإحاطة بحاجيات هذه المقاولات والاخد بها عند وضع التصور العام للمناطق المحدثة، كتوفر هذه الأخيرة على قاعدة للخدمات المشتركة كالتدبير المحاسباتي، التكوين والدعم... ومن بين الاوراش التي تباشرها الوزارة في هذا الإطار، هناك مشروع إحداث منطقة أنشطة الصناعة التقليدية بالدارالبيضاء « من يدنا» المبرمجة بتنسيق مع فيدرالية مقاولات الصناعة التقليدية.ويندرج هذا الفضاء في سياق خلق الشروط التحفيزية لتطوير أنشطة مقاولات الصناعة التقليدية. كما تنكب الوزارة على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع هيكلي يهم مناطق أنشطة الصناعة التقليدية الخاصة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث أفضت الدراسة التي تم إنجازها في الموضوع، إلى إحداث هذه المناطق في مرحلة أولى بكل من مدن مراكشوالدارالبيضاءوفاسومكناس و أكاديرالرباطوالعيون طنجة وأسفي. وسنسهر في هذا الجانب على أن يكون تسيير وتدبير هذه الفضاءات وفق دفتر تحملات دقيق حتى لا تزوغ هذه العملية عن أهدافها الرئيسية ولتفادي كل عمليات المضاربة التي قد تشوبها. س: تلعب الموارد البشرية دورا حاسما في النهوض بالقطاع، ما هي أهم التدابير المتخدة من اجل تأهيل هذه الموارد؟ طبعا فالموارد البشرية هي محور كل عمل تنموي وإذا كان صيت الصناعة التقليدية قد ارتبط منذ القدم بمهارات المعلمين من الصناع الحرفيين، الذين تفننوا في ابتكاراتهم وأتقنوا فنياتهم حتى ذاع صيتهم في الداخل والخارج، فإن حاضرو مستقبل هذا القطاع مرهون كذلك بنوعية الموارد البشرية العاملة فيه. ولذلك فدعم هذه الموارد البشرية وتأهيلها وتحفيزها وتحسسيها بالانتماء للقطاع الذي تشتغل فيه يعتبر واحدا من الأهداف التي سنعمل عليها ، وقد قامت هذه الوزارة بالموازاة مع تنفيذ البرامج المدرجة ضمن إستراتجية رؤية 2015، بعدة تدابير ترمي إلى تأهيل مواردها البشرية من خلال مخطط مديري للتكوين المستمر ركز على عدة محاور تكوينية في مجالات ترتبط بالتدبير والتسيير والإدارة والمعلوميات. وقد خصص لهذه العملية غلافا ماليا سنويا يناهز 4 في المائة من كثلة أجور موظفي الوزارة. ولم نتوقف عند هذا الحد، بل قامت باستثمارات مهمة في مجال تكنلوجيات الإعلام والاتصال نظرا للأهمية التي أصبحت تحتلها هذه الأخيرة في تنمية قدرات الأطر وكفاءاتهم المهنية، بالإضافة إلى تسطير برنامج للتواصل المؤسساتي الداخلي ومع المحيط . أما في مجال العناية بالخدمات الاجتماعية المقدمة لفائدة موظفي هذه الوزارة، فإننا نحرص على دعم جمعية الأعمال الاجتماعية التابعة لهذا القطاع لكي تضطلع بمهامها على أحسن وجه . س: يشتكي المهنيون من ضعف التمويل وتعقيد المساطر المتعلقة بالحصول على القروض ، كيف تتدخل وزارتكم لمعالجة هذا المشكل ؟ نحن واعون فعلا بالدور الحيوي الذي يلعبه التمويل ومدى تأثيره على تطوير أنشطة الصناع التقليديين وتحسين ظروف عملهم، وللتذكير فقد تم التنصيص في عقد برنامج «رؤية 2015» على ضرورة توفير حلول تمويل ملائمة. وبالنظر إلى كون إشكالية التمويل تحد من هيكلة وتطوير القطاع، فإن عمل الوزارة سيكون متواصلا ودءوبا على مستويين: أولا التنسيق بشكل دوري مع الشركاء بما فيهم ممثلي الأبناك الشريكة وتتبع عملية ولوج الصناع التقليديين لمنتوجات التمويل الحالية في إطار لجن القيادة والتتبع كما نصت عليها الاتفاقية الخاصة بمنتوجات التمويل التي وقعت مع ثلاث أبناك رئيسية. وذلك من أجل تقييم عملية استفادة فاعلي القطاع من منتوجات التمويل والنظر في عدد الملفات التي تم البث فيها، المبلغ الإجمالي للقروض الممنوحة، أسباب رفض الملفات، المبلغ المالي للديون الغير المسددة ...الخ وسيتم اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تم رصدها خلال مراحل التنفيذ وإدخال التعديلات التي من شأنها تجاوز العقبات وتيسير ولوج الصناع التقليديين لمنتوجات التمويل. ثانيا معالجة معضلة الضمانات الكافية التي تمكن الصناع التقليديين من ولوج القروض البنكية، حيث تم تسجيل تقدم مهم بإدماج الصناعة التقليدية ضمن صناديق الضمان. وستواصل الوزارة بتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية والصندوق المركزي للضمان البحث عن الحلول الناجعة لهذه الإشكالية، بما فيها دراسة إمكانية إخراج منتوجات جديدة ملائمة لانتظارات الصناع تغطيها هذه الضمانات. س : وماذا عن إصلاح القانون المنظم للغرف المهنية؟ هذا القانون وضع لأجل ضبط آليات تسيير غرف الصناعة التقليدية و جعلها أداة حقيقية في التنمية المحلية والرفع من مستوى مساهمتها في المجهود الوطني الرامي إلى تأهيل الاقتصاد وتحسين تنافسيته، تم إعداد القانون رقم 18.09 بمثابة النظام الأساسي لغرف الصناعة لتقليدية. ويهدف هذا القانون إلى توسيع وتوضيح مهام غرف الصناعة التقليدية، وتنظيم أجهزتها وتحديد اختصاصاتها ، توضيح استقالات وإقالات أعضاء الجمعية العامة والمكتب، وكذا تنويع وتدعيم الموارد المالية للغرف لتمكينها من القيام بدورها على أحسن وجه، بالإضافة إلى تحديد مهام جامعة غرف الصناعة التقليدية. وستعمل وزارة الصناعة التقليدية على تفعيل مضامين هذا القانون مع استصدار النصوص التنظيمية الخاصة بتطبيق بعض بنوده، وذلك باعتبار غرف الصناعة التقليدية وجامعتها شريكا للسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية في تنفيذ سياستها تجاه قطاع الصناعة التقليدية. سؤال: تطرح دائما فكرة إحداث التجمعات أو المركبات الكبرى أو القرى النموذجية لتنظيم الحرفيين والمهنيين، ما هي في نظركم الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لهذه الفكرة؟ باعتبارها تجسد الجيل الأول من البنيات التحتية بالصناعة التقليدية، فقد كانت مجمعات الصناعة التقليدية تحدث، في إطار التصاميم الخماسية التي عرفها المغرب خلال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كما سبقت الإشارة سلفا، من منطلق الاستجابة لحاجيات الصناع من حيث المحلات المهنية مقابل انخراطهم في عملية تلقين أسس الحرف التقليدية التي يزاولونها إلى الشباب الراغبين في ذلك. وبهذا تكون مجمعات الصناعة التقليدية قد أملتها دواعي اجتماعية؛ الاهتمام بظروف عمل الصناع التقليديين، الذين لعبوا دورا رياديا في مكافحة الاستعمار، علاوة على حث الشباب، ولاسيما الذين انقطعوا عن الدراسة، على تعلم الحرف التقليدية لأخد المشعل والحفاظ على الموروث الحرفي، وتمكينهم من ولوج دواليب الحياة العملية. ويبقى ورش البنيات التحتية الموجهة لمقاولات الصناعة التقليدية، من بين الوسائل الكفيلة بتحقيق هذا المبتغى.فإحداث شبكة مناطق الأنشطة التقليدية الخاصة بالمقاولات من شأنه مساعدة المقاولات المعنية من تحسين تنافسيتها والرفع من مردوديتها الاقتصادية اعتبارا لما تشكله هذه المناطق من قيمة مضافة على مستوى واقع الإنتاج. خاصة وأن المرصد الوطني للصناعة التقليدية قد أبان عبر البحوث الميدانية أن مردودية الصانع التقليدي داخل المقاولة هي ضعف مردودية الصانع التقليدي الفردي. وصلة بالموضوع، فقد أنجزت الوزارة في هذا الصدد دراسات تبرز الجدوى الاقتصادية من خلق مناطق معدة للمقاولات؛ كما أن هذه المناطق ستساهم في حل معضلة ندرة فضاءات الإنتاج التي تحد من تطور النسيج المقاولاتي، كما ستمكن من رفع رقم معاملات القطاع وخلق المزيد من مناصب الشغل للشباب. وعلاوة على البعد الاقتصادي، لابد من الإشارة إلى الجوانب البيئية التي لا بد من استحضارها في إنجاز مشاريع البنيات التحتية وخاصة تلك المتعلقة بمناطق أنشطة الصناعة التقليدية، حيث أن جدواها البيئية تبقى بارزة، ذلك أن هذه الفضاءات تساهم في تنظيم المجال الحضري والبيئي. س: ماذا عن خريطة توزيع الصناعات التقليدية على الصعيد الجهوى؟ لا يخفى عليكم أن قطاع الصناعة التقليدية يتميز بغنى وتنوع منتوجاته التي تغطي جميع فروع الصناعة التقليدية الفنية والإنتاجية، وبتخصصات جهوية ومحلية بارزة بالنسبة لمناطق وجهات المملكة، حيث نشأت الصناعة التقليدية المغربية منذ القديم بالمدن العتيقة حتى أصبحت من صميم هوية المدن القائمة على أرضيتها. ومنذ القدم، تمركزت في الأحياء العتيقة للمدن المغربية ، أماكن للسبك المعدني ومصانع الفخار ومراكز الدباغة ومشاغل للحياكة والدرازة وغيرها، كما تحتضن هذه المدن فضاءات متنوعة ومتخصصة في بيع منتجات الحرف التقليدية، الجلدية والخشبية والنسيجية والفخارية والمعدنية وغيرها. كما تعتبر الدور المغربية القديمة معارض دائمة للابداعات الحرفية، لما تتميز به من جماليات رائعة في النقش والزخرفة والتزيين، ومن صناعات إبداعية في الخشب والجبص والرخام والحجر. ومن أجل الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات و المؤهلات التي تزخر بها كل جهة على حدة، في إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية «رؤية 2015»، تم إعداد مخططات التنمية الجهوية للصناعة التقليدية التي تعتبر الترجمة الميدانية لهذه الإستراتيجية على المستوى الجهوي وعنصرا أساسيا لتنمية القطاع بشكل فعال، وفق مقاربة تعتمد على التنسيق والتشاور، من خلال إشراك وتعبئة كافة المتدخلين والفاعلين على الصعيد الجهوي والمحلي.ويعتمد وضع هذه المخططات على تحليل عناصر التشخيص والطلب المحتمل على منتوجات الصناعة التقليدية لكل جهة على الصعيدين الوطني والدولي. كما يتم تحديد رؤية إستراتيجية للصناعة التقليدية بكل جهة تجسد الطموحات المستقبلية للقطاع بناء على استثمار القدرات واستغلال الصورة المتميزة لبعض المنتوجات ذات الجودة الرفيعة بشكل يمكن من دعم نقط القوة وتوظيف الفرص التي تم تحديدها، مع مواجهة نقط الضعف بالقطاع. وفي هذا الإطار يتم تهييء الوثيقة التعاقدية لكل مخطط التي ستجمع الحكومة و غرف الصناعة التقليدية و الجهات والجماعات المحلية حول برنامج عمل على المدى المتوسط، يحدد أدوار الأطراف المعنية و يضبط التركيبة المالية للمشاريع المقترحة. وبعد التوقيع على الاتفاقية الخاصة بكل مخطط، يتم تنفيذ برنامج العمل على نحو مشترك من قبل القطاع العام والقطاع الخاص وفق ما تم الاتفاق عليه، مما يساهم في تعبئة الشركاء بشكل مستمر ويضمن شروط نجاح تنفيذ مضامين هذه المخططات. وقد تم تجاوز الهدف المنصوص عليه في عقد البرنامج المحدد في 6 مخططات جهوية ؛ حيث تم التوقيع على 7 مخططات بكل من فاس بولمان، أسفي، الجهات الثلاثة الجنوبية :كلميمالسمارة، واد الذهب لكويرة و العيون بوجدور الساقية الحمراء، وكذا سوس ماسة درعة و مراكش تانسيفت الحوز.وتوجد 7 مخططات أخرى في مراحلها النهائية ، وهي مخططات جهات تادلة أزيلال، الدارالبيضاء الكبرى، الرباطسلا زمور زعير، مكناس تافيلالت، الجهة الشرقية، تازةالحسيمة تاونات و طنجة تطوان. س: كيف تنظرون إلى مستقبل هذا القطاع في ضوء المنافسة الشديدة التي تفرضها المنتوجات المعتمدة على التكنولوجيا المعاصرة؟ ج: يعلم الجميع أن الصناعة التقليدية المغربية استطاعت عبر الأجيال أن تفرض نفسها بقوة كقطاع اقتصادي واجتماعي وثقافي، متحدية بذلك كل الصعوبات والإكراهات التي تفرضها عليها السوق العالمية خصوصا بعد أن أصبح الاقتصاد العالمي سوقا موحدا في ظل العولمة والمنافسة الحرة. وبهذا الخصوص، ولمواجهة المنافسة التي تفرضها المنتوجات المعتمدة على التكنولوجيات الحديثة، أصبح من الضروري إنتاج وعرض منتوج ذي جودة، يتطور ويتلاءم باستمرار مع متطلبات المستهلك مع المحافظة على الطابع التراثي. لذا عملت الوزارة على وضع أربعة محاور تنموية وهي: نظام المواصفات؛ نظام شارات الجودة وحماية الملكية الفكرية والصناعية؛ البحث والتنمية؛ تحديث وتقوية وسائل الإنتاج. وتجدر الإشارة إلى أن سياسة الدعم التقني ترتكز على تطوير وتحديث تقنيات الإنتاج والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة دون المساس بالطابع التراثي والإثني المحلي للمنتوج. فاستعمال الآلة يقتصر على العمليات المتعلقة بتحضير المواد الأولية وبعض مراحل سلسلة الانتاج التي لا تمس الطابع الأصيل للمنتوج، وذلك من أجل ربح الوقت والاقتصاد في المادة الأولية وترشيد استعمالها بالإضافة إلى ضمان معايير السلامة والصحة التي تتوفر للصانع باستعمال هذه التقنيات.