لا أخفيكم أنني أشعر بالكثير من الإشفاق وربما الإحباط للمصير القاتم الذي تتردى فيه طفولة المغرب. يكفي أن تتفرس في سحنات ووجوه أطفال في عمر الزهور وهم يساقون إلى التحقيق والمحاكم ومراكز الإصلاح والسجون بتهم ثقيلة توحي بالخطر المحدق بمستقبل بلاد تريد أن تبني مجدها بسواعد أبنائها. فأخذ المثال من الدارالبيضاء عن عصابة يتزعمها طفل في ربيعه الخامس عشر تقوم بتحويل اتجاه حافلات النقل العمومي تحت طائلة تهديد السائق ومرافقه بسلاح أبيض يخبئه أفراد العصابة الأطفال داخل محافظ الدراسة،، ليقوموا بعد ذلك بالاستيلاء على ممتلكات الركاب من هواتف وحلي ومبالغ مالية قبل أن ينصرفوا غانمين سالمين. أخطر من ذلك ما حدث في الناظور أخيرا حين ترصد تلميذان زميلا لهما في المدرسة، وصبوا عليه البنزين وأضرموا النار في جسده. ولولا تدخل أحد المارة الشجعان الذي حاول إطفاء اللهب بمعطفه لوقع ما لم يكن في الحسبان. الأمثلة كثيرة عن أطفال صغار، شابوا قبل الأوان وتحولوا إلى مجرمين عتاة عوض أن يفجروا مواهبهم في قاعات الدرس، المكان الأنسب لهم. هو إذن مصير قاتم بل خطر داهم يتهدد الطفولة المغربية ومعها كيان المجتمع برمته. من المسؤول إذن... هل نلقي باللائمة على الطفل الجانح وحده أم يشترك في المسؤولية أيضا الأسرة والشارع والمدرسة ومؤسسات الدولة وهياكلها التي تعنى بالطفولة، والجمعيات المتناسلة التي يتميز تدخلها بالمناسباتية وعلى قدر العطاء والربح، كل هؤلاء مسؤولون ومقصرون فعلا في حق طفولة تنتظر منهم الكثير... هذا دون أن ننسى الدور المهم الذي يمكن أن يضطلع به علماء الاجتماع والنفس والتربية في التوجيه والتوعية ووقاية الطفولة المغربية من شر الوقوع في براثن الاستلاب والجنوح. إنها على أي حال مسؤوليتنا جميعا.. لأن الأمر يتعلق أساسا بمصيرنا جميعا كمجتمع يسعى إلى الأمن والأمان...