وتحدد الاتفاقية مجموعة من حقوق الأطفال العالمية، مثل الحق في الحصول على هوية واسم وجنسية، والحق في التعليم، والحق في التمتع بأعلى معايير صحية ممكنة، والحق في الحماية من الإيذاء والاستغلال. وتقول الأممالمتحدة إن الاتفاقية نجحت في بحر الأعوام العشرين الماضية في خفض عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة من نحو 12.5 مليون طفل سنوياً في عام 1990 إلى ما يصل تقديره إلى 8.8 ملايين طفل في عام 2008، مما يمثل انخفاضاً بنسبة 28 في المائة في معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة. ومن انجازاتها الاخرى ان هناك الآن قرابة 84 في المائة من الأطفال في سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية يحضرون دروسهم بالفعل، كما أن الفجوة بين البنين والبنات في معدلات الالتحاق آخذة في التقلص. كما تقول المنظمة الدولية إن الأطفال لم يعودوا يمثلون الوجه الغائب في ما يتعلق بالتصدي لوباء فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، كما اتخذت تدابير هامة من أجل حماية الأطفال من الخدمة كجنود ومن الاتجار بهم لاستغلالهم في الدعارة أو الاسترقاق المنزلي، وارتفع سن زواج الأطفال في عدد من البلدان كما ينخفض تدريجياً عدد البنات اللائي تتعرضن لممارسة الختان. وقالت اليزابيث جيبونز، نائب مدير منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسيف إن تأثير الاتفاقية على حياة الأطفال واضح جدا، وأضافت: "ففي كل زمان ومكان وفي كل ارجاء العالم وفي كل وسائل الاعلام اصبحت حقوق الأطفال موضوعا للنقاش. يعتبر هذا تغيرا كبيرا." وقالت: "نعم، هناك العديد من المشاكل التي لم تجد بعد طريقها للحل، ولكن المهم أن الأطفال الآن أصبح لهم أهمية بالنسبة لمجتمعاتهم وللإعلام وللسياسيين." وقد تكون الاتفاقية الدولية حققت الكثير من الانجازات خلال عقدين من الزمن غير أن الحقيقة الماثلة اليوم تقول كذلك ان تلك الانجازات لا يمكن بأي حل من الأحوال ان تحجب الوجه المظلم والقاتم لواقع الطفولة المأساوي الذي مازال مستمرا في عدة أماكن من العالم الى جانب الأخطار التي تحدق بأكثر من مليار طفل في العالم. تفيد احصائية لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف" وجود حوالي 200 مليون طفل عمرهم أقل من 5 أعوام يعانون من تأخر في النمو ناتج عن سوء التغذية الحادة للأمهات والأطفال. وأن حوالي ثلث أطفال العالم يموتون بسبب الإسهال والالتهاب الرئوي، وكان من الممكن أن يبقون على قيد الحياة إذا لم يعانون من سوء التغذية. علما وأن أن حوالي 90 بالمئة من حالات سوء التغذية للأمهات والأطفال موجودة في قارتي آسيا وأفريقيا. وتشير إحصائيات أخرى للمنظمة إلى وجود أكثر من ربع مليون طفل مجند على مستوى العالم. وترصد وثائق خاصة باليونيسيف في 19 دولة ومنطقة صراع خلال الفترة بين عامي 2004 و2007 عمليات تجنيد لأحداث وإجبارهم على القتال أو معاونة المقاتلين أو العمل كجواسيس. ومن بين هذه الدول المشار إليها أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وكولومبيا وبورما وسريلانكا. وتذكر هذه الوثائق أن بعض الأطفال في كثير من المناطق المتأزمة ينضمون إلى الجماعات المسلحة بحثا عن الحماية ومن ثم تقوم هذه الجماعات باستغلالهم. والصورة العامة لحقوق الطفل لا تخلو من القتامة في العالم العربي على الرغم من وجود تشريعات متقدمة في يعض الدول مثل تونس. فقد اكد تقرير سابق صدر بداية العام الحالي وجود "قصور عربي حقيقي في توفير بيئة صحية للطفل" لأسباب تتعلق بالتشريعات أو السياسات. ويلخص التقرير ما يراه انتهاكات في ظاهرة عمالة الأطفال وتعرضهم للعنف أو التحرش الجنسي وعيشهم في بيئة غير صحية. ويقول تقرير "أوضاع الطفولة في الوطن العربي" الذي صدر بالقاهرة في 212 صفحة عن المجلس العربي للطفولة والتنمية إن عمالة الأطفال ظاهرة منتشرة في أكثر من بلد عربي وبخاصة مصر التي يؤدي فيها أطفال أعمالا شاقة في ورش النجارة وإصلاح السيارات وجمع القمامة. ولكن المشكلة الأكثر بروزا على السطح انتشار ظاهرة أطفال الشوارع على نطاق واسع في كبرى المدن المصرية وما يترافق مع ذلك من تورط عصابات اجرامية في التجارة بالأطفال وبأعضائهم الجسدية الى جانب الانتهاكات الجنسية. وينتشر في شوارع كبرى المدن المصرية المئات من الآلاف من أطفال الشوارع وهو يشكلون عمليا قنبلة موقوتة في المجتمع المصري تهدد البنية الاجتماعية والاقتصادية المصرية في ظل غياب قانون متخصص يحد من الاتجار بالبشر، وغياب الدور الفاعل للجنة الوطنية التي تشكلت عام 2007 لمكافحة ومنع الاتجار بالأفراد. وبالرغم ان مصر ألقت القبض على أعداد كبيرة من أطفال الشوارع إلا أن المنظمات الحقوقية انتقدت عدم إلقاء القبض على العصابات التي تدير هؤلاء الأطفال. وكان تقرير الخارجية الأميركية لعام 2008 قد أشار الى تهريب أطفال الشوارع فى مصر واستغلالهم لأغراض مختلفة تتعارض مع حقوق الإنسان مثل التسول والجنس والعمل كخادمات بالنسبة للفتيات. كما حذرت منظمة الاممالمتحدة للطفولة "اليونيسيف" من ان قرابة مليون طفل مصري ممن يطلق عليهم "اطفال الشوارع"، الذين يتعرضون لمخاطر العنف والاستغلال الجنسي مهددون بالاصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الايدز". ومصر ليست وحدها على القائمة اذ يشير تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية أن في السودان والصومال أطفالا يشتركون في "الحروب والنزاعات المسلحة" أما في معظم دول الخليج فما زال هناك أطفال يشتركون في قيادة الإبل في مسابقات الهجن "بما يتعارض مع طفولتهم." ويتوقع التقرير أن يبلغ عدد السكان في العالم العربي 650 مليون نسمة بحلول عام 2050 وأن نصف هذا العدد سيكون من الأطفال واليافعين الذين سيفرضون على الدول تبعات اجتماعية واقتصادية. تراجع نسبة وفيات الأمهات والأطفال في المغرب ب 4ر8 في المائة في النصف الأول من 2009 وبخصوص هذا الموضوع ، يعمل المغرب على تقليص عدد وفيات الأمهات والاطفال اذ اكدت وزيرة الصحة ياسمينة بادو ، اخيرا بالرباط ، إن نسبة وفيات الأمهات والأطفال داخل المؤسسات الصحية العمومية، انخفضت ب4ر8 في المائة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2009. واعتبرت بادو في ردها على سؤال شفوي بمجلس النواب حول "وفيات الأمهات عند الوضع"، هذه النسبة "مشجعة"، على اعتبار أنها تتزامن مع بداية تفعيل إجراءات مخطط عمل الوزارة، الرامي لتقليص وفيات الأمهات في إطار برنامج "أمومة بدون مخاطر". وأوضحت أنه تم خلال السنة الجارية تفعيل العديد من هذه الإجراءات، مما خول تسجيل تحسن ملموس في مؤشرات الاستشارات الطبية قبل الولادة (15 في المائة) وفي الولادة تحت المراقبة (6 في المائة) وفي العمليات القيصرية (13 في المائة) واستعرضت الوزيرة هذه الإجراءات المتمثلة في مجانية الولادة الطبيعية والقيصرية ومجانية نقل الحالات الاستعجالية من دور الولادة القروية إلى المستشفى المرجعي وتزويد جميع دور التوليد بالرزم الطبية ووحدة متكاملة خاصة بالجراحة القيصرية. كما تهم هذه المنجزات تشغيل تسع وحدات جديدة للتوليد وتجديد 66 مركزا صحيا مع وحدة للتوليد على صعيد 41 إقليما واقتناء 202 جهازا للفحص بالصدى وتزويد 130 مركزا صحيا بمعدات آلية وأجهزة التحليل المخبرية واقتناء وتوزيع 109 سيارات إسعاف مجهزة. وتشمل هذه الإجراءات ، أيضا ، إلزامية التصريح بجميع وفيات النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة ومأسسة عملية الافتحاص السري لوفيات الأمهات والمواليد، إلى جانب افتحاص 90 مصلحة ولادة و518 دار ولادة بالمؤسسات الصحية الأساسية الذي تم على إثره وضع برنامج لتأهيل دور الولادة التابعة لسبع جهات ذات أولوية. وتابعت بادو أنه تم إحداث ثلاثة أقطاب لإنعاش المواليد الجدد بأكادير وسطات ووجدة وبرمجة اثنين آخرين بالرباط ومكناس. وعودة الى تقرير اليونسيف فقد طالب هذا الاخير واضعي السياسات البدء من الآن في العمل على برامج تنمية الطفولة المبكرة. ويعني التقرير بتشخيص الصورة الحالية في العالم العربي لأوضاع الطفولة المبكرة من الميلاد حتى السنة الخامسة على عدة أصعدة منها حقوق الطفل والرعاية التربوية والأحوال الثقافية والبيئة المحيطة به وأوضاعه الصحية التي تشمل الصحة والتغذية. ويذكر التقرير أن أطفالا في معظم الدول العربية يتعرضون " لانتهاكات داخل الأسر العربية من ضرب واستخدام العنف والتفرقة في المعاملة بين الذكور والإناث.. وما زالت ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال موجودة في بعض الدول العربية بل إن بعض الأطفال يتعرضون لتلك التحرشات والانتهاكات الجسدية داخل دور رعاية الأطفال" مضيفا أن معظم الأطفال العرب محرومون من حق التعبير عن الرأي ويقعون ضحية السلطة الأبوية. ويرى أن هناك صمتا تجاه انتشار العنف والإساءة للأطفال رافضا "تبني الضرب كإحدى وسائل تنشئة الأطفال في البيت والمدرسة والمجتمع" كما يعيب عدم وجود برامج تأهيل للأطفال الضحايا. كما يرصد التقرير انتشار ظاهرة تلوث البيئة بالقرب من المدارس ودور الحضانة في معظم الدول العربية.