أصبحت كل أمالهم في الحياة الحصول على لقمة العيش الصعبة .هكذا ألقت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة في غزة بظلالها على كل شيء واضحي كل من فيها يعاني وأكثر هذه المعانيات انصبت على أطفالنا الذين اضطرتهم ظروفهم للتخلي عن أحلامهم أطفالنا أمانة في أعناقنا ، عبارة ترن في أذني كلما سمعتها في غزة التي باتت تضمد جراحها وتلملم أحزانها بعد تلك الحرب التي لم تستثن الحجر والشجر فكيف وإن كان ثمار أملنا هما أطفالنا الذين قُتلت براءتهم وأصبحوا يُعانون من آثار تلك الحرب حتى نسوا طفولتهم ولم يعيشوها حتى في اللعب فمنهم الطفل الذي أصبح أكبر من سنه ومنهم الطفل الصغير المُلزم بأن يوفر القوت بدلاً من والده الشهيد أو المصاب أو أخوه المشلول فلم يتبق سوى الأطفال ليقوموا بتوفير المال والطعام بعد فقدِ وعجز رب الأسرة أو بسبب تفشي البطالة المخيف ،حتى وصل الأمر بهولاء للعمل في حفر الإنفاق ليلاً ونهاراً معرضين حياتهم لخطر الانهيارات شبه اليومية ،وأخرون ممن يبيعون في الشوارع معرضين حياتهم هم أيضا لإخطار عجلات سيارة مسرعة أو سرعة سائق طائش،إضافة إلى ما قد يسمعونه من اهانات وكلمات بذيئة من مواطنين يترجونهم ليشتروا منهم بعض ما يبيعون، سواء أراد الشراء أم لا مُلحاً عليه تارةً ومتوسلاً إليه تارة أخرى كي يشتري ويريحهم ويخلصهم من تعبهم، وتارة من يذهب للتجارة أو العمل بورش الحدادة وأصبحت أمانيهم في التعليم والاجتهاد أحلاماً بعيدة المنال ، ذلك كله أصبح خطر على و عن براءتهم , و طفولتهم ، سعياً المجتمع والأمة والنهضة وفيه أيضاً هدم للحضارة والرقي وتدمير لأبسط حقوق الإنسان في العيش والكرامة ، فأصبح الأطفال لا يتركون مجالاً إلا اشتغلوا فيه حتى يحين الليل وتغفى أعينهم على إحدى زوايا الطريق الذي لا يحميهم من حر ولا من برد شديد .فألغيت كرامتهم وإنسانيتهم حتى لتوفير لقمة العيش لتسد رمقهم ورمق أهلهم ، تحت شروط لا إنسانية قاسية, حيث تعرضوا للعنف و التجريح و الحرمان و لم يحاولوا أن يشغلوا تفكيرهم بمعاني الطفولةِ الوردية بالنسبةِ لهم, فتوجهوا نحوَ الشارعِ حاملين أعباء الحياةِ على كاهلهم , تاركين مدارسهم و حُقوقهم الطبِيعية في العَيش و باتت أقصى أحلامهم لقمة العيش ..فأين هي مؤسسات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية من هذا الواقع اللانساني الذي يعيشه أطفالنا في الوطن عامة وفي قطاع غزة خاصة؟؟