نشر نشطاء سوريون مقطعي فيديو لمقتل الصحافيين الأجنبيين في غارة يوم أمس في "سوريا". وفي أحد مقطعي الفيديو يقول المتحدث في الفيديو إنه مازال هناك 3 صحفيين جرحى نتيجة للقصف العشوائي. ووجه رسالة إلى الإتحاد الأوربي قائلا: إن عليه "التحرك فورا فقد اختلطت دماؤكم بدماء السوريين". ويتحدث المقطع الثاني عن المصابين من بينهم "إيديت بوفييه" التي أصيبت في الفخذ، وتم تضميد جراحها بطريقة بدائية وهي في حاجة لنقلها إلى مستشفى لكن يتعذر الأمر بسبب القصف والهجوم المستمر. وأصيب صحافي آخر يدعى "بول" بانقطاع في شريان الفخذ الأيمن والعصب الفخذي، بعدما استهدف صاروخ المنزل الذي كان يقيم فيه الصحفيين الأجانب. وفي الغضون، رحبت "كاثرين آشتون" المفوضة العليا للشئون الخارجية بالإتحاد الأوروبي بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة النظام السوري لاستخدامه العنف وانتهاكه لحقوق الإنسان. وقالت "آشتون" في بيان صحفي أمس الأربعاء "بالأمس صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح قرار بشأن "سوريا" ونرحب بقرار الجمعية العامة والذي يدين "سوريا" واستخدام النظام السوري العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. ويدعو الإتحاد إلى وضع نهاية فورية للعنف وتأييد خطة الجامعة العربية في دعمها ل"سوريا" من خلال إيقاف العنف. وأضافت "آشتون" أن "هذا القرار هو رسالة واضحة لإدانة النظام السوري من خلال ممارسته للعنف وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وأن الإتحاد الأوروبي يجدد مطالبته الملحة على أعضاء مجلس الأمن إلى التصرف بمسئولية في هذه اللحظة الحاسمة تجاه الأزمة السورية وعلى المجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واحد لوقف العنف ومستقبل ديمقراطي للسوريين. فيما اعتبر الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" أن مقتل الصحافيين الأمريكية والفرنسي في "حمص" وسط "سوريا" التي تتعرض منذ حوالي 3 أسابيع لقصف عنيف يثبت أن "هذا يكفي الآن، على هذا النظام التنحي". وقال الرئيس الفرنسي "أبلغت بأن صحافيين قتلا أحدهما فرنسي". وأضاف "سبق أن قتل مصور فرنسي قبل فترة وسأقدم بالطبع التعازي إلى الأسر، ذلك يدل على أهمية العمل الصحفي وكم هذه المهنة صعبة وخطيرة". وتابع "ساركوزي" الذي كان في مقر حملته الإنتخابية "ذلك يثبت أن هذا يكفي الآن على هذا النظام التنحي وليس هناك أي سبب لكي لا يحظى السوريون بحق عيش حياتهم واختيار مصيرهم بحرية". والصحافيان اللذان قتلا في "حمص" هما الأمريكية "ماري كولفن" والمصور الفرنسي "ريمي أوشليك". من جهته، أعلن مجلس قيادة الثورة بريف "دمشق" أنه في استجابة لدعوات الإضراب اليوم في "دوما" أغلقت جميع المحلات التجارية والمنطقة الصناعية أمس والمدارس والروضات. وعلى صعيد آخر، انتشرت قوات "الأسد" في شارع "الجلاء" وقامت بتفتيش المارة بشكل كثيف وتم محاصرة الجامع الكبير وجامع حسيبه وانتشار القناصة على أسطح المباني. وبعد مقتل الصحفيين الأجنبيين، طالبت رابطة الصحفيين السوريين الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على نظام "الأسد" فورا لوقف العنف بشكل فوري، ووقف الحملات الأمنية ضد الصحفيين والسماح للإعلام الحر بالدخول إلى "حمص" وغيرها من المناطق السورية لمعرفة ما يجري ونقل الحقائق من على أرض الواقع. واستنكرت الرابطة، في بيان لها يوم أمس، الجريمة التي أودت بحياة الصحفيين الأجانب وإصابة عدد من الصحفيين الآخرين بقذائف استهدفت المركز الإعلامي للصحفيين في "بابا عمرو" وحملت نظام "الأسد" مسئولية الحادث وسلامة كل الصحفيين في "سوريا". وأضاف البيان أن الجريمة جاءت بعد يوم من مقتل المصور "رامي السيد" الذي كان يتعاون مع عدد من وسائل الإعلام بقصف سيارته التي يستقلها. وبشاعة الجريمة تتمثل في العلم بأن إصابة "رامي" كان ممكن علاجها لولا العجز عن إسعافه وغياب الأدوية اللازمة تحت الحصار المفروض من قبل قوات "الأسد" على "حمص". كما أدان البيان الحملة التي يشنها النظام على الصحفيين والتي تشمل السجن والتعذيب والتهديد والأذى النفسي والمادي والتضييق لمنع نقلهم حقيقة الوضع في "سوريا" وأصبح عدد الصحفيين الذين قتلوا منذ الثورة 4 إضافة إلى الصحفي الفرنسي "جيل جاكييه" والصحفي السوري "شكري أبو البرغل" دون معرفة ملابسات وفاتهم. وأشار البيان أنه تم اعتقال الزميل "مازن درويش" وزملائه في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ليكونوا أرقاما مضافة إلى غيرهم من المعتقلين في سجون "الأسد". وكان قد قتل في 11 يناير الصحفي الفرنسي "جيل جاكييه" وكان أول صحافي غربي يقتل في "سوريا" منذ بدء الحركة الإحتجاجية في منتصف مارس الماضي والتي تواجه بحملة قمع دموية من جانب النظام. وقد قتل "جاكييه" في "حمص" في قذيفة سقطت في حي كان يزوره برفقة مجموعة من الصحافيين الأجانب في رحلة منظمة من السلطات. ولم يعرف مصدر القذيفة. فيما قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن جنودا وأفرادا من ميليشيا "الشبيحة" الموالية للرئيس السوري "بشار الأسد" قتلوا 27 شابا على الأقل عندما داهموا قرى في محافظة "إدلب" بشمال البلاد. وأضافت الشبكة أن غالبية الشبان وكلهم مدنيون أصيبوا بطلقات في الرأس والصدر داخل منازلهم أو في شوارع ثلاث قرى في محافظة "إدلب" قرب الحدود التركية. وقال "جاي كارني" المتحدث بإسم البيت الأبيض "ما زلنا نرى أن الحل السياسي هو الشيء المطلوب في سوريا". وأضاف قوله "لا نريد اتخاذ إجراءات تساهم في تعزيز الطابع العسكري للصراع في "سوريا" لأن ذلك قد يهوي بالبلاد في مسار محفوف بالمخاطر لكننا لا نستبعد اتخاذ إجراءات إضافية". وعندما سئلت عما إذا كانت "الولاياتالمتحدة" غيرت موقفها من تسليح المعارضة قالت "فيكتوريا نولاند" المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية إن "واشنطن" لا تريد أن ترى زيادة في العنف وأنها تركز على الجهود السياسية لوقف إراقة الدماء. وتابعت دون إسهاب "هذا يعني إذا لم نستطع أن نجعل "الأسد" يستجيب للضغوط التي نمارسها جميعا فقد يكون علينا أن نبحث في اتخاذ إجراءات إضافية". وستلتقي وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" بممثلين من نحو 70 دولة ومنظمة في "تونس" يوم غد الجمعة في أول اجتماع لما يطلق عليه مجموعة "أصدقاء سوريا" لتنسيق الخطوات التالية المطلوبة من المجتمع الدولي في مواجهة الإنتفاضة المستمرة منذ عام. وتأمل "الولاياتالمتحدة" وحلفاؤها أن يتيح مؤتمر "تونس" لهم بدء وضع خطة ل"سوريا" بعد أن استخدمت "الصين" و"روسيا" حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو "الأسد" للتنحي. ومع المساندة الكبيرة من "روسيا" و"إيران" لحكومة "الأسد" يقول محللون سياسيون أن تأييد "الولاياتالمتحدة" الضمني لتسليح مقاتلين معارضين من الممكن أن ينطوي على مخاطر في ظل التركيبة العرقية والطائفية المعقدة في "سوريا" وموقعها الاستراتيجي المهم. وقال "روبرت دانين" خبير شئون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية في مقال لصحيفة "الرأي" الثلاثاء "استخدام أصدقاء سوريا للقوة يجب أن يكون الخطوة الأخيرة في سلم تصاعدي". وأضاف قوله "تسليح الجيش السوري الحر وغيره من جماعات المعارضة قد يساعد في نهاية الأمر على الإطاحة بالأسد، لكنه قد يزيد أيضا من احتمالات أن تصبح "سوريا" دولة ممزقة أو فاشلة". وفي "سوريا" قال نشطاء يوم الثلاثاء أن قوات "الأسد" قتلت أكثر من 60 شخصا في هجمات استهدفت قرى ووابل من قذائف المدفعية على مدينة "حمص" المضطربة. ودعا الصليب الأحمر إلى وقف يومي لإطلاق النار حتى يتسنى له توصيل المساعدات العاجلة. وقال "ملهم الجندي" عضو المجلس الوطني السوري ل"رويترز" من "حمص" أن دوي القصف ونيران القنص تتردد في أنحاء المدينة وأن الجيش يمنع دخول الإسعافات الأولية والإمدادات الطبية وأن الكهرباء تنقطع 15 ساعة في اليوم وليست هناك خدمة للهواتف المحمولة منذ ثلاثة أسابيع. ومضى يقول أن المدنيين يحتاجون إلى مناطق آمنة ومن الضروري التوصل إلى سبل لضمان وصول الإمدادات الطبية والإحتياجات الأساسية إلى "حمص". وأضاف أنه لا توجد مستشفيات أو مدارس أو هيئات حكومية مفتوحة كما أن المتاجر مغلقة. وكان من المقرر أن يجتمع وفد من المجلس الوطني السوري المعارض مع مسئولين من الصليب الأحمر في "جنيف" أمس. ولا يتسنى التحقق من أقوال النشطاء عن العنف من جهة مستقلة نظرا لمنع الحكومة السورية أغلب الصحفيين الأجانب من دخول "سوريا". وقالت وسائل إعلام رسمية أن القوات الحكومية تستهدف "مجموعات إرهابية مسلحة" تروع المواطنين وتهاجم قوات الأمن وتنهب الممتلكات العامة والخاصة. وأظهرت لقطات فيديو على موقع يوتيوب إلتقطها نشطاء محليون في "إدلب" جثث شبان مصابين بطلقات نارية في الشوارع وداخل المنازل. وجاءت هذه الغارات في الوقت الذي دعت فيه "الولاياتالمتحدة" إلى فتح الباب في نهاية الأمر أمام تسليح المعارضة السورية قائلة أنه في حالة استحالة الحل السياسي للأزمة فربما يتعين بحث خيارات أخرى. ومثلت هذه التصريحات التي صدرت من مسئولين في كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء تحولا من جانب "واشنطن" التي كانت تؤكد حتى الآن على سياسة عدم تسليح المعارضة ولم تتحدث كثيرا عن البدائل.