بدت بوادر انفراج في العلاقات المغربية الجزائرية تلوح في الأفق ،مبشرة بقرب ذوبان حاجز الجليد الذي يعكر صفو هذه العلاقات منذ عام 1994. فقد حملت التصريحات الأخيرة من مستويات عليا بالبلدين ، بوادر إرادة علنية لكسر الجمود والانطلاق نحو علاقات ثنائية طبيعية ،تستشرف المستقبل ، وتضع أسس تعاون اقتصادي يعود بالمنفعة على شعبي البلدين الجارين . في هذا السياق، أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في رسالة تهنئة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة عيد استقلال المغرب، حرصه الدائم على توطيد علاقات " الأخوة والتعاون" التي تجمع بين البلدين وشعبيهما الشقيقين ، ومواصلة توثيقها، تحقيقا للمنفعة المشتركة. وأضاف الرئيس الجزائري في رسالته التي بثتها وكالة المغرب العربي للأنباء اليوم السبت أن الرصيد النضالي المشترك للبلدين سيظل خير حافز للتواصل بينهما وبناء مستقبل قوامه التعاون والتآزر وحسن الجوار". الى ذلك، قال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية خالد الناصري،اليوم السبت خلال برنامج " باريس مباشر" الذي تبثه القناة الفضائية (فرانس 24) أن المغرب على أتم الاستعداد لتجاوز "وضعية الجمود" التي تلف علاقاته مع الجزائر مشيرا إلى أن بلاده تمد يدها للجزائر في إطار سعيها لطي صفحة "العقم التاريخي الذي ميز العلاقات بين البلدين الشقيقين " . وشدد الناصري على تطلع بلاده إلى تطبيع العلاقات بشكل كامل مع الجزائر، وبالتالي بناء صرح اتحاد المغرب العربي المنشود ، ،معتبرا أن "الخلافات القائمة بين البلدين ، لا يمكن أن تعطل حركية التاريخ "، التي تحتم على بلدان المنطقة المغاربية المضي قدما نحو التكتل والاندماج . وكان خالد الناصري قد صرح قبل ذلك بأن الحكومة المغربية تعتبر تطبيع علاقاتها مع الجزائر" يمر عبر خطوات قبلية ضرورية" بالنسبة للمملكة دون تحديدها، كما تؤكد أنه ليس هناك مانعا للتحاور بجدية مع الجزائر لطي الصفحة والعمل سويا من أجل بناء المغرب العربي "الذي هو في مصلحتنا المشتركة " . وتعرف العلاقات المغربية الجزائرية توترا منذ سنة 1994 إثر حادث الهجوم على سياح أجانب في مراكش (نحو 350 كلم جنوبالرباط)، الذي قررت السلطات المغربية عقبه فرض التأشيرة على الجزائريين ، وردت الجزائر بالمثل وزادت عليه بغلق الحدود البرية. وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري قد أعلن في تصريحات صحفية أنه تم اتخاذ قرار على أعلى مستوى لتطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر،مشيرا الى أنه تم الشروع في تنفيذ مسلسل التطبيع عبر قيام عدة وزراء مغاربة بزيارات للجزائر. وأضاف أنه تم الاتفاق مع الطرف الجزائري من أجل التشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار لبعض المبادرات على المستوى المغاربي. وكان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي ونظيره المغربي قد تباحثا على هامش منتدى التعاون العربي التركي الذي انعقد مؤخرا بالرباط ، واتفقا على أن " ثمة حاجة ملحة لعقد مجلس وزراء اتحاد المغرب العربي لتقييم الوضع في المنطقة " . وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني ، في بيان تلقت وكالة أنباء (شينخوا) نسخة منه ، أن مباحثات الجانبين تناولت العلاقات الثنائية وقضايا الإصلاح الداخلي والوضع في المنطقة العربية لا سيما الأزمة السورية. وأضاف البيان أن المباحثات تناولت "العديد من القضايا بالخصوص العلاقات الثنائية ولا سيما في ضوء الزيارات المختلفة للوفود الوزارية في البلدين" مضيفا أن الطرفين أكدا "أهمية زيارة الوفود الوزارية في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين" . ونفت الخارجية الجزائرية مؤخرا وجود وساطة سعودية بين الجزائر والمغرب لحل القضايا العالقة بين البلدين ، من بينها مسألة الحدود البرية التي أغلقتها الجزائر من جانب واحد منذ العام 1994 . وكانت وسائل إعلام مغربية تحدثت الأحد الماضي عن إصرار سعودي لتسوية القضايا العالقة من خلال التوسط بين الجزائر والمغرب من بينها معضلة الحدود المغلقة والتي ترفض الجزائر فتحها بالرغم من الدعوات المتكررة للعاهل المغربي الملك محمد السادس.