فور إعلان موقع الشيخ يوسف القرضاوي عن فحوى خطاب أرسله لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يشكره فيها على قراراته التي سمح فيها للمرأة السعودية بالترشح والتصويت لمجلس الشورى والمجالس البلدية، ويحثه فيها على السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة بنفسها، امتلأت المواقع الإليكترونية والمنتديات ومواقع التواصل الإجتماعي بانتقادات حادة للقرضاوي اعتبرت فتاواه مستوردة في شأن سعودي داخلي. وشنت المواقع والمنتديات الدينية حملة ضارية ضد القرضاوي خاصة وأن البعض منهم اعتبرها تدخل في الشئون الدينية للمملكة ومخالفة لبعض المشايخ والدعاة في البلاد، وأشاروا في الوقت نفسه إلى عدم معرفة الشيخ القرضاوي بطبيعة المجتمع السعودي. واستنكر الدكتور محمد بن سليمان البراك - أستاذ الدراسات العليا في جامعة أم القرى- دعوة القرضاوي، مؤكداً أن علماء السعودية الموثوق بدينهم أجمعوا على تحريم قيادة المرأة السعودية للسيارة. وقال البراك، وفقا لما نشره موقع "تواصل" السعودي: "إن علماء بلاد الحرمين الموثوق بدينهم وعلمهم قد اتفقت كلمتهم على تحريم قيادة المرأة للسيارة، لعلمهم بما يترتب على قيادتها من المفاسد الدينية والأخلاقية والأمنية، وأن ذلك مرفوض شعبياً من النساء قبل الرجال، ولا يطالب به إلا فئات من المستغربين والمخدوعين الذين لا يشكّلون نسبة تُذكر من أبناء بلاد الحرمين". وأضاف البراك: "بلاد الحرمين ليست بحاجة إلى فتاوى مستوردة ممن لا يعرفون طبيعتها وخصوصية أهلها". وفي نفس السياق، شككت "شبكة طريق السنة" في فتاوى الشيخ القرضاوي وعلمه ودراسته، مشيرة إلى أنّ الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني قد حذر من القرضاوي في مناسبات عدة. وأضافت: أن الشيخ الألباني ذكر في تسجيل صوتي منشور على شبكة الإنترنت أنّ الشيخ القرضاوي صاحب فلسفة خطيرة وفتاوى تخالف الشريعة وأنّ دراسته ليست منهجية على الكتاب والسنة، على حد قولها. في المقابل، أبرز موقع "الإسلام اليوم"، الذي يشرف عليه الشيخ سلمان بن فهد العودة، خبر مطالبة الشيخ القرضاوي بقيادة المرأة السعودية للسيارة ومقتطفات من خطابه للملك السعودي. كما سبق لنفس الموقع ونشر تصريحات للداعية السعودي عائض القرني يؤكد فيها أن قرار تحريم قيادة المرأة للسيارة لا يستند إلى أي دليل. وقال القرني، أنّه لا يوجد أي دليل يمنع قيادة المرأة للسيارة، وأوضح أنّ الشأن في مثل هذه القضايا أن تسند إلى هيئة علميَّة شرعيَّة لدراستها، لوقف اللغط والجدل المثار حولها. وأضاف: "لقد حدث نفس اللغط في قضية تعليم المرأة في عهد الملك فيصل، وكذلك حدث عند بدء البث التليفزيوني". وطالب الشيخ عائض بعدم تعميم الإتهامات تجاه الأطراف المؤيِّدة أو المعارضة لمسألة قيادة المرأة للسيارة، وقال: "أحيانًا بعض الكتاب عندما يكتبون عن قيادة المرأة يلمحون إلى أنّنا سنصبح في عداد الدول المتطورة مثل الدول الثمانية الكبرى، وكأن تلك القضية هي العقبة الوحيدة أمام تطورنا، وفي المقابل نجد من يواجه المسألة بالتشنج والتحريم الغليظ والتزمّت الشديد الذي لا يستند إلى الدليل". يذكر أن الشيخ القرضاوي قد بعث برسالة للملك عبد الله بن عبد العزيز قال فيها: "إني إذ أبعث إليكم بتهنئتي هذه وتعبيري عن مدى فرحي وتقديري لتصريحاتكم وقراراتكم، لأرجو من الله أن يتم في بلدكم العزيز السماح للمرأة المسلمة بمزاولة القيادة واستقلال السيارة بالضوابط الشرعية كغيرها في بلاد المسلمين". وتابع القرضاوي: "يا جلالة الملك إن الحرام ما حرمه الله في كتابه، أو على لسان نبيه نصا صريحا، والحلال كذلك، والأصل في الأشياء أنها حلال ما لم يرد إلينا نص صريح بتحريمه (قيادة المرأة للسيارة)، وقد فتح الله على المسلمين، وأحل الله لهم ما لم يحله للأمم السابقة". يشار إلى أن مواقع إليكترونية نقلت عن أحد كبار مشايخ السعودية، وهو الشيخ عبد الرحمن البراك، دعوته بالموت على كل امرأة تقود سيارة، وقال تعليقاً على دعوة سيدات سعوديات إلى قيادة السيارات في 17 يونيو الماضي، إن "ما عزمن عليه هو منكر، وهن بذلك يصبحن مفاتيح شر على هذه البلاد"، ووصفهن ب"النساء المستغربات الساعيات إلى تغريب هذه البلاد".