بعد صراع قصير مع المرض توفي الكاتب والفيلسوف المصري الكبير أنيس منصور عن عمر يناهز 87 سنة. ولد أنيس محمد منصور في 18 غشت عام 1924 في إحدى قرى محافظة الدقهلية الواقعة في شرق دلتا النيل في مصر، وحفظ القرآن في سن صغيرة في كُتّاب القرية وكان له في ذلك الكُتّاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه عاشوا في حياتي. واستكمل أنيس منصور دراسته الثانوية في مدينة المنصورة حيث كان الأول على كل طلبة مصر حينها، وكان ذلك استكمالاً لتفوقه في صغره، حيث اشتهر بالنباهة والتفكير المنطقي السليم . ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، و دخل قسم الفلسفة وحصل على ليسانس الآداب عام 1947، وانتقل إلى القاهرة حيث استكمل دراسته وعمل لفترة أستاذا في قسم الفلسفة ولكن في جامعة عين شمس، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحفي في مؤسسة أخبار اليوم والإبداع الأدبي في شتى صوره. وأجاد أنيس منصور عدة لغات إلى جانب العربية بالطبع ومنها الإنجليزية والألمانية والإيطالية. كما اطلع على كتب عديدة في هذه اللغات وترجم بعضا من الكتب والمسرحيات المكتوبة بغير العربية. سافر أنيس منصور كثيرا وكتب الكثير في أدب الرحلات، وألف في ذلك عددا من الكتب منها حول العالم في 200 يوم، وبلاد الله لخلق الله، وغريب في بلاد غريبة، واليمن ذلك المجهول، وأنت في اليابان وبلاد أخرى، وأعجب الرحلات في التاريخ. وفي فترة من الفترات كانت كتابات أنيس منصور في ما وراء الطبيعة هي الكتابات المنتشرة بين القراء والمثقفين، ومن أشهر كتبه في هذا المجال الذين هبطوا من السماء، والذين عادوا إلى السماء، و لعنة الفراعنة وأرواح وأشباح. كما ترك أنيس منصور عدداً من المؤلفات التي تحولت لأعمال سينمائية ومسرحية وتلفزيونية ومن أشهرها مسرحية حلمك يا شيخ علام، ومن الذي لا يحب فاطمة، وهي وغيرها، وعندي كلام. وفي مجلات متنوعة كتب أنيس منصور نحو 90 كتاباًَ في موضوعات شتى تراوحت بين الفلسفة والإجتماع والتاريخ والسياسة والمرأة. وكان لأنيس منصور نشاط واسع في ميدان الترجمة، حيث ترجم إلى العربيّة عديدا من الكتب والأعمال الأدبية الأجنبية، بلغت نحو 9 مسرحيات وحوالي 5 روايات من لغات مختلفة، إلى جانب 12 كتاب لفلاسفة أوروبيين. وفي الوقت نفسه اهتمت دور النشر العالمية بترجمة كثير من أعماله إلى اللغات الأوروبية وخاصة الإنجليزية والإيطالية. وعمل أنيس منصور في مجال الصحافة في عديد من الصحف والمجلات، وكانت بدايته في مؤسسة أخبار اليوم التي تركها في عام 1950 إلى الأهرام ثم تنقل في عدد من الصحف والمجلات. وقد تفرغ في أواخر حياته لكتابة المقال السياسي والإجتماعي المعروف مواقف في جريدة الأهرام اليومية إلى جانب عموده اليومي في جريدة الشرق الأوسط. كان أنيس منصور صديقاً مقربا من الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر ثم أصبح صديقا للرئيس السادات ورافقه في زيارته إلى القدس عام 1977 . وحصل في حياته على الكثير من الجوائز الأدبية من مصر وخارجها، ومن أبرزها الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة وجائزة الفارس الذهبي من التلفزيون المصري وجائزة الدولة التشجيعية في مصر في مجال الأدب. وأقيمت ظهر السبت جنازة الكاتب الراحل أنيس منصور، وصلى عدد كبير من المشاهير صلاة الظهر على الراحل بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير. وحضرت كلا من النجمتان يسرا ولبلبة، والفنانة سميحة أيوب، والنجم محمود عبد العزيز، والفنان أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين، والمنتج ممدوح الليثي. كما حضر عددا من رموز النظام السابق، من بينهم مفيد شهاب وزير المجالس النيابية السابق، وفاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، وزاهي حوار وزير الآثار السابق، والسياسي البارز مصطفى الفقي. وحضر أيضا الجنازة كلا من مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين السابق، والمفكر القدير الدكتور علي السمان. ولفظ أنيس منصور أنفاسه الأخيرة في مستشفى "الصفا" الجمعة، إثر إصابته بالتهاب رئوي.