يجبرنا المستشار المحترم حكيم بن شماش للعودة للحديث عنه أو معه، فخرجات الرجل كثيرة جدا ومتابعتها تكاد تكون عملية مستحيلة، لذلك نقتصر على متابعة عينة من هذه الخرجات. الرجل تحدث عن ظاهرة الترحال السياسي وقال إن جميع الأحزاب السياسية استفادت من هذه الظاهرة، وبذلك لايحق لمن استفاد من الظاهرة أن يقدحها ولا أن يلقي بمسؤوليتها على الآخرين. من الناحية الشكلية يبدو حديث المستشار محترما مثله ومنطقيا مثل المنطق الذي أنجب هذا المستشار، ولكن دعنا نقلب الصفحة التي تعمد المستشار المحترم إخفاءها. لاجدال في أن ظاهرة الترحال يجب أن تكون مرفوضة، لكن حينما يتعلق الأمر بحالة أو حالات تعد على رؤوس الأصابع ولاتكون ذات تأثيرات على الواقع السياسي يمكن تجاوزا تجنب طرحها كقضية خطيرة، المشكل ياسيد... يامستشار... يامحترم، أنه حدث في غابر الأزمان أن شخصا كان يشغل منصب كاتب الدولة في الداخلية ترشح لانتخابات تشريعية كلامنتمي في لائحة أتت على الأخضر واليابس في دائرتها ، وبعد أقل من سنتين شكل حزبا وخلال أول استحقاقات انتخابية أصبح القوة الأولى، وتطاير إليه عشرات النواب والمستشارين ورؤساء الجماعات، قد نلقى بعض ظروف التخفيف لمحاولة المستشار المحترم التعتيم عن الواقع بالقول إن الأمر فعلا لايتعلق بظاهرة الترحال السياسي، بل إن الأمر يتعلق بالزحف السياسي من ضفاف مختلفة إلى ضفة واحدة. ربما السيد المستشار المحترم يحاول أن ينسي المغاربة الضجة الكبرى والأزمة الخطيرة التي تسبب فيها حزبه «البامطجية» حينما قررت الحكومة إعمال الفصل الخامس من قانون الأحزاب خلال الإنتخابات الجماعية الأخيرة للتخفيف من حدة الظاهرة، ويروج أن وزير الداخلية السابق قد يكون دفع ثمن حرصه على تطهير الممارسة السياسية. فما الذي حفز هذا الحزب آنذاك على افتعال الأزمة؟ ألم يكن حرصه الشديد على تعبيد الطريق نحو استقدام الأعيان والعابثين بالعملية الإنتخابية والسياسية برمتها؟ بقي أن نقول إن المستشار المحترم بن شماش هو بدوره نتاج لظاهرة الترحال، الترحال من قناعة سياسية إلى أخرى مناقضة. ترحال نحو ضفة ضمنت له الترقي الاجتماعي والاقتصادي. فمن كان ابن ظاهرة معينة.. لايعقل أن يبصق عليها. «والله ياباقي الستر والسلام».