هل ينجح الاقتصاد فيما فشلت فيه السياسة بين المغرب والجزائر؟ مؤشرات أولية متوفرة لحد الآن تؤكد أن الحاجيات الاقتصادية لهذين القطرين ستفرض عليهما لا محالة وضع خلافاتهما السياسية الكثيرة والخطيرة جانبا والنظر إلى مصلحة شعبيهما خصوصا فيما يتعلق ببعض الحاجيات الملحة. وهكذا تجد حتمية التعاون في المجال الطاقي موقعا جد متقدم في هذا الشأن ، حيث تبدو حاجة الجزائر والمغرب من هذه المادة جد ملحة، فتقلص الموارد فيما يتعلق مثلا بالكهرباء أصبح يشكل تهديدا كبيرا، ففي المغرب سارعت السلطات المختصة إلى إعلان إجراءات استعجالية للتخفيف من حدة الضغط في هذا الجانب، بيد أن الصحافة الجزائرية أعلنت في أعدادها المنشورة أول أمس عن بداية الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن جزائرية عن انقطاع الكهرباء لمدد طويلة، وهذا ما أجبر الرباطوالجزائر على اتخاذ مبادرة مشتركة في إطار التعاون لمواجهة هذه المستجدات المؤثرة سلبا. وكانت وزيرة الطاقة في الحكومة المغربية السيدة أمينة بنخضراء قد قامت خلال الأيام القليلة الماضية بزيارة للجزائر، وبعيدا عن الكوابح السياسية وجدت المباحثات مع نظيرها في الحكومة الجزائرية السيد شكيب خليل موقعا جد متقدم وحظيت باهتمام كبير، وخلال هذه الزيارة تقدمت الحكومة المغربية بطلب شراء مليار متر مكعب من الغاز الجزائري، وطبعا فإن عامل القرب يمثل مصدر تشجيع بين البلدين لإنجاز هذه الصفقة التي قال عنها وزير الطاقة الجزائري في تصريح صحفي نشرأول أمس في الصحافة الجزائرية: «طلب تدرسه مؤسسة سوناطراك، وإننا منفتحون على هذا الطلب». وتتوقع مصادر أن تبادر السلطات الجزائرية بالموافقة على الطلب خلال الفترة الوجيزة المقبلة. وطبعا، لا يعني أن هذا التقارب الاقتصادي بين جارين متباعدين سياسيا نجح في تمكين البلدين من تجاوز كافة الصعوبات نحو تحقيق تطبيع اقتصادي شامل، وحتى على المستوى الطاقي لا تزال هناك بعض الخلافات العالقة بين البلدين، فالرباط تقترح مثلا أن تحصل على كمية من الغاز الذي يمر في أعماق أراضيها نحو أوروبا عبر أنبوب الغاز المغاربي لكن السلطات الجزائرية ترد بأن هذا الموضوع لا يعنيها في شيء لأن المغرب متعاقد مع مؤسسة غاز ناتورال الإسبانية ، وكان يحصل على ما يعادل 800 مليون متر مكعب من الغاز سنويا منذ تشغيل الأنبوب سنة 1995، إلا أنه قام منذ سنتين بتعديل العقد مع الشركة الإسبانية.