سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحفية إسرائيلية تزور المغرب وتحاول إجراء حوار مطول مع نادية بعد حوالي 12 سنة من إطلاق سراحها كل أصدقاء نادية كانوا يؤكدون عداءهم للصهيونية كحركة عنصرية وليس لليهودية كدين
لقد جنت نادية، من أجل أن تجعل إقامتي في المغرب لطيفة، وفي نفس الوقت كانت تعرقل عملي. وقالت نادية: «إنني لا أحب أسئلتك كثيرا، وأخشى أنك لا تحبين أجوبتي كثيرا». وظلت نادية مصرة على عدم السماح لي بتسجيل أقوالها، إلا أنها سمحت لي بالتقاط صور. وأخذت أصور بدون نهاية، خاصة نادية وأصدقاءها، الذين يلازموننا طوال الوقت. وكان أصدقاؤها، يتجمدون من الخوف في كل مرة التقط فيها آلة التصوير، كما أن نادية كانت تفقد أحيانا ارتياحها الذي يميزها. وكانت تقول بين الحين والآخر: «أنت تصورين أكثر من اللازم، وكانت أحيانا تقولها وكأنها تمزج، مرفقة بجملة أخرى هي: «ما هذا ، هل ينبغي عليك أن تكتبي تقريرا مرفقا بصور لصالح المخابرات الاسرائيلية؟». لقد اكثرنا من ترديد الأغاني الاسرائيلية في السيارة. وقالت نادية: «انه لأمر غريب، أن أكثر ما أحب من أغان أغانيكم الصهيونية مثل «القدس من ذهب» و«خرجنا رويدا» و«لايغفو ولاينام حارس إسرائيل»، و«طهّر قلوبنا».... وعندما كنا نجد أنفسنا نواصل الغناء في الشارع بعد نزولنا من السيارة، ناسين أنفسنا، كانت ناديه تفزع قائلة: «اسكتي، أتريدين أن أتورط هنا في مشاكل بسببك». مع مرورالأيام، بدأت أدرك بأن أصدقاء نادية اللطفاء، يشكلون مجموعة مؤيدة لمنظمة التحرير في المغرب، وعندما كان يدور حديث حول موضوع حساس، رغم جهود نادية اليائسة لمنعه، كنت لا أجد أسلوبا للنقاش معهم، فهم يعرفون ، أفضل مني، كل ما يتعلق بإسرائيل وزعمائها ونمط حياتها واقتصادها، وتاريخنا ،،، لا، لا سمح اللّه، ليس لديهم شيء ضد اليهود، فاليهودية في نظرهم دين مثل الدين الإسلامي، والمسيحي، انهم يعارضون «فقط الصهيونية وليس اليهود، وقد كنت في الأيام الأولى من اقامتي في المغرب، اسمع قليلا من هذه العبارات حول الموضوع، حيث كانت قد صيغت باعتدال، وحذر وعندما كانوا يثيرونني «بتحريفهم الكلم عن موضعه» و«بأكاذيبهم»، كان يهيأ لي أنها ناتجة عن جهلهم في الموضوع، وعن الألم، وليس عن الكراهية،،، لقد وقع «الانفجار» بيننا، والذي قضى على أمالي وأوهامي، قبل يوم واحد من مغادرتي المغرب، فقد كنا عائدين من مدينة مراكش، وفي طريقنا الى كزبلانكا، مررنا بأحياء فقيرة بيوتها عبارة عن أكواخ متراصة. وتوشك على الانهيار، وهنا سألت ما هذه الأحياء، فقال نادية باختصار، انها «قرى». وابديت ملاحظة قلت فيها، انها تبدو لي بالضبط مثل مخيمات اللاجئين التي رأيتها في الضفة الغربية وفي لبنان. وقد أثارت هذه الملاحظة غضب نادية فقالت: «ولكنهم هنا على الأقل لا يموتون جوعا ومرضا. ومع أنني لم أقصد اثارة نادية، أو زملائها فقد ثارت عاصفة في السيارة. وبدأ الكل يصرخ ويصيح. ولن أقتبس هنا معظم العبارات التي انطلقت في سماء السيارة بل سأكتفي بالقليل منها، وهذه العبارات هي: «الصهيونية عنصرية» الصهيونية فاشستية، «انتم مرتزقة أمريكان» «قبل عام 48 لم يكن يهود في فلسطين» «انتم تكتبون التاريخ من جديد» «أنتم تستقدمون اليهود الى فلسطين لتلقوا بالفلسطينيين الى البحر» «أنتم مثل النازيين، لقد ارتكبتم مجازر مثلهم في صبرا وشاتيلا، كفر قاسم ودير ياسين» «انتم تشربون دماء الفلسطينيين و «لا يوجد خائن مثل اليهودي». لقد ارتبكت، أحاول أن أرد ولم تخرج الكلمة من فمي. وكل ما قلته «إن هذه دعاية صهيونية كاذبة» وأنتم صحفيون لا تعرفون الاصغاء. وهنا التزموا الصمت للحظة وأصغوا إلي. إن ما آلمني هو انضمام نادية الى الجوقة المعادية. فقد قالت لي: «عليك أن تفهمي، بأننا لسنا اعداء للاسرائيليين، إننا نحارب فقط ضد الصهيونية والامبريالية. وعندما ندعو الى قتل الإسرائيليين، فإننا لا نقصد القاءك في البحر، إننا نقصد فقط قتل الامبريالية، وإسرائيل هي رأس حربة للامبريالية». ولم يهدأ النقاش إلا عندما فتح أحدهم الراديو ليستمع الى نشرة الاخبار. فقد صمت الجميع. وتكرر اسم إسرائيل أثناء النشرة، عندها طلبت من نادية أن تترجم فقالت: «هذا نبأ يتعلق باختطاف طائرة تي، دبليو اي. فهم يطالبون بإطلاق سراح جميع الفدائيين من المعتقلات الإسرائيلية، مقابل الإفراج عن المسافرين الأمريكان. ويبدو أن الألف فدائي الذين أطلقتم سراحهم، لا يكفي. فماذا تفعلون؟» أخذت تستفزني. إنني واثقة من أننا لن نذعن اكثر للابتزاز، ولم نطلق سراح أي فدائي مقابل الابتزاز والإرهاب». وهنا، قال أحد المرافقين مازحا: «وإذا أخذناك هنا رهينة، فماذا ستطلبين من حكومتك أن تفعل؟». قالت نادية وهي تضحك: «إنها فكرة جيدة» وسنحتجزك في بيتي، وتقيمين معي، ولن تتعجلي أمرك بالعودة» وهي تلمح بذلك إلى إلحاحها لتمديد إقامتي في المغرب. لقد كان الجميع يتسلى باستثنائي، وأخذ الجو يهدأ. وكنت أشعر بأنني أختنق،،، بسبب الدخان الكثيف الذي يملأ السيارة. قلت «محاولة استغلال جو المصالحة» أنتم أيها المغاربة، لديكم كثير من المشاكل في بلدكم. وليس هناك حرب بين المغرب واسرائيل، وملككم رجل معتدل فلماذا تتخذون موقفا متعصبا من المسألة «الفلسطينية؟». وهنا، يسحب أحد المرافقين علبة سجائر من جيبه ويقربها إلى عيني قائلا: كل علبة سجائر تشترينها هنا في المغرب، وكل تذكرة سينما، أيضا فإنك تدفعين ضريبة لصالح منظمة التحرير، وذلك لأننا عرب قبل أن نكون مغاربة، وأنتم تقتلون اخواننا».