لا تحظى جميع المؤسسات العمومية بنفس القدر من الاهتمام بالمتابعة في وسائل الإعلام المكتوبة والمنقولة على الأنترنت، بل يبدو هناك تفاوت صارخ، والمثير أن مؤسسات عمومية تتصرف بطلاقة كبيرة وبحرية في ميزانيات ضخمة جدا، لكنها تبقى بعيدة عن أنظار الصحافة الوطنية، وطبعا فإن هذا الأمر لا يكون نتيجة الصدفة، بل هناك تقنية فعالة يعتمدها المسؤولون عن هذه المؤسسات لإخراس الأصوات. أتذكر اليوم وبهذه المناسبة أننا اكتشفنا قبل سنوات أن إدارة الإذاعة والتلفزة الوطنية كانت تخصص تعويضا شهريا لإحدى الصحفيات التي كانت مسؤولة عن صفحة الإعلام بجريدة العلم -غادرت الجريدة- بتبرير أنها كانت تساهم مع الإدارة في عمل ما، ولكن في حقيقة الأمر كان الأمر يتعلق برشوة واضحة جدا تتعمد إدارة الإذاعة والتلفزة من خلالها شراء صمت الصحفيين المتابعين وأخال أن الأمر لم يكن يقتصر على حالة وحيدة في جريدة «العلم» تم ضبطها واتخذت الاجراءات اللازمة، بل لابد أن هذه النعمة كانت ولاتزال تطال صحفيين آخرين. الآن، يجري الحديث عن محاربة الفساد المالي، وينجز المجلس الأعلى للحسابات تقارير مهمة جدا، وهناك في البلاد مفتشيات عامة للمالية قال وزير المالية إنها قامت بافتحاص 20 مؤسسة عمومية، ها أنا أعلنه تحديا واضحا لجميع هذه المؤسسات بأن تتجرأ وتقوم بافتحاص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، حيث تصرف سنويا عشرات الملايير بطرق ليست سليمة وتعتريها الشكوك في كثير من الأحيان، حيث سياسة الأظرفة وحصر الإنجاز على شركات انتاج بعينها وإنجاز برامج عادية جدا بمبالغ لا يصدقها العقل والتعاقد مع أجانب عن المؤسسة بتعويضات خيالية في حين ادخلت كفاءات كبيرة إلى الثلاجة، ناهيك عن الصفقات الضخمة حيث يمر الماء بين ثناياها، ورغم كل ما يكتب وينشر، ورغم كل ما يعرفه القاصي والداني لم تجرؤ مؤسسات مراقبة صرف المال العام على الاقتراب من أبواب هذه المؤسسة الكبيرة، فما هو السبب في ذلك يا ترى ؟ إنه العجب.