من المسلمات التربوية أن نموّ الأولاد نموّاً انفعالياً سليماً وتناغم تكيفهم الاجتماعي، يرتبط وبدرجة كبيرة، بإتقان الوالدين تربيتهم، وتوحيد أهدافهما في تدبير شؤون أطفالهما تربوياً، حيث يؤدِّي عدم الاتفاق على سياسة تربوية موحدة، من قبل الوالدين إلى تشوش الأطفال والاضطراب في سلوكهم. وبوضح أندرياس إنغل، العضو بالمؤتمر الاتحادي للإستشارات التربوية بمدينة فورت جنوبي ألمانيا، «أنّ الآباء في نهاية الأمر، ليسوا ماكينات للتربية»، فعلى الرغم من ضرورة وجود موقف مشترك لهم في المسائل التربوية الأساسية، إلا أنّنا نلاحظ بروز اختلافات كبيرة في وجهات النظر، لافتاً إلى أهمية التوصل في حالات الخلاف إلى تحديد الشخص الذي لديه الحق في اتّخاذ القرار في المسألة محل الخلاف، أو البحث عن حل وسط يُرضي جميع الأطراف. وأشار إنغل إلى وجوب وعي الآباء، بوجه عام، لكافة التصوّرات التربوية المختلفة جيِّداً، وأن يحرصوا على تبادلها مع بعضهم البعض من وقت إلى آخر، كما يتعيّن على الأبوين دوماً إذا أرادا نمو أطفالهما نموّاً انفعالياً سليماً، إعادة تقويم ما يجب أن يتصرّفا به حيال سلوك أولادهما، وأن يزيدا من اتفاقهما واتِّصالاتهما ببعضهما، خاصة في المواقف الحسّاسة التي يبديها الأولاد في سلوكهم الإجتماعي الأخلاقي، مع تحديد السلوك المرغوب والآخر المرفوض لدى الأولاد، مؤكّداً ضرورة إخضاع هذه التصوّرات للدراسة والاختبار بصورة منتظمة، والتواصل الدائم مع الأطفال، للتمكن من التوصل إلى موقف مشترك في المسائل التربوية الأساسية، فالاتصال بين الوالدين والطفل بهدف تحسين وعيه وتوسيع مداركه حيال سلوكه، أمر على درجة كبيرة من الأهمية، والاتصال بين أطراف الأسرة يحتاج إلى الحوار وإلى الإنصات والاستماع، فالولد يحتاج إلى قناعة بوجود انسجام وتوافق بين أبويه حيال ما يتحدّثان به معه في المسائل السلوكية، وشعوره بالاهتمام والحب يُسهّل عليه عملية الإتِّصال والأخذ بالنصائح التي يقدمها الوالدان.