... كثر الحديث عن الأغنية المغربية، ومن المسؤول عن قلة إنتاجها، وعن عدم قدرة الجيل الجديد من مبدعيها على الإتيان بما جاءت به كفاءات الزمن الجميل لها وما أنتج الرواد من أغاني خالدة مازالت تشنف أسماع المواطنين المغاربة، وما إلى ذلك من الفرضيات حول حالة الجمود المخيمة على الساحة الفنية في مجال الأغنية المغربية، والذي (أي الجمود) حتم عقد لقاءات بل أيام دراسية لتشخيص الواقع والسعي للخروج بحلول ومقترحات تكسر هذا الجمود المعلن الذي لم تستطع حتى الآن لا فكرة الدعم التغلب عليه، ولا الفكرة التي قبلها بدعم إنتاج 60 أغنية في السنة. أي أن الوضع مازال على حاله دون وضع اليد على السبب الحقيقي وراء هذا الجمود، ومن منطلق اهتمامنا بهذا القطاع الإبداعي المؤثر لنا أن نتساءل عن مصير عشرات الأغاني التي اجتهد في إبداعها زمرة من الفنانين بين ماتبقى من جيل الرواد أطال الله عمرهم وبين الجيل الجديد وقدموها هدية لخزانة الإذاعة الوطنية المركزية بعد أن صرفوا عليها من جيوبهم على أمل أن تحظى ببثها مركزيا وجهويا إلا أن المثير هو أن جل هذه الأغاني ظلت لا تراوح مكانها على رفوف الخزانة منذ سنوات لاهي مذاعة أو مرجعة لأصحابها لسبب من الأسباب المتعلقة بجودتها أو دون ذلك. وكون أننا نعلم أن الإذاعة قد رفعت يدها على إنتاج الأغاني كما كان عليه الأمر في العشريات السابقة من القرن الماضي أيام الأجواق الوطنية والملحنين والعازفين والمغنيين والمغنيات الأفذاذ، فلمَ لا تبادر هذه الإذاعة الآن وقد أعفاها جيل الفنانين في وقتنا هذا من كل هذه الأتعاب بترويج إنتاجاتهم إذاعيا، أو فسح المجال لإذاعاتها الجهوية على الأقل للترويج عبر فترات الإرسال والبرامج لا الإبقاء عليها كما يقول المثل العامي المغربي «عروسة المنحوس ما هي مزوجة ولاعروس». من هنا يمكننا القول بأن ليس هناك أزمة تعيشها الأغنية المغربية بقدر ما يمكن التساؤل عن دواعي تجميد الإنتاجات الجديدة المهداة لخزانة الإذاعة وأغلبها أغاني متنوعة تتطرق للعديد من المواضيع الجيدة وألحانها وأدائها وعزفها يخضع لكل مقاييس الإبداع المرغوب فيه. ولو أن الإذاعة نفضت غبار النسيان عنها وبادرت الى ترويجها لاكتشفت جمالية الكثير منها كلمة وشعرا ولحنا وأداء وعزفا ولأهل الدار واسع النظر.