انتهت لجنة مراجعة الدستور من الاستماع إلى مختلف الفرقاء السياسيين والنقابيين والمهنيين والحقوقيين وغيرهم، وعكفت على دراسة مجمل الاقتراحات والصيغ الممكنة، ومن الواضح أن تشويشا متعمدا يقع الآن في سعي حثيث لوضع العصا في العجلة. وهذا ما يجعلنا لا نستغرب مثلا من القول بوجود خلافات عميقة بين رئيس اللجنة الأستاذ المانوني ومستشار جلالة الملك الأستاذ المعتصم، ولا من الحديث عن وجود خلافات بين أعضاء اللجنة حول قضايا مصيرية من قبيل ترسيم اللغة الأمازيغية واستقلالية السلطة القضائية، ولن نستغرب غدا إذا ما قرأنا أو سمعنا عن أخبار أكثر خطورة. إن اللجنة الخاصة بمراجعة الدستور تقوم بعمل هام وسيكون له تأثير حاسم في مستقبل المغرب، وبالتالي فإن خلوتها الحالية في حاجة إلى كثير من التركيز والهدوء والثقة، ومحاولة بث الشكوك بين أعضاء اللجنة وتسريب مياه ليست نظيفة لتجري بين ثنايا اللجنة يعد سلوكا خطيرا جدا قد يكون له تأثير سلبي على عملها. من الطبيعي أن تتفاوت تقديرات أعضاء اللجنة في رزمة من القضايا الهامة، فأعضاء اللجنة ليسوا حزمة من كائنات جامدة، بل إن افتخارنا بهؤلاء الأعضاء يتمثل في كفاءاتهم وقدراتهم العلمية، ومن الطبيعي أن يرتكز عمل اللجنة على نقاشات عميقة جدا تستند بدورها إلى تفاوت في التقديرات، أما أن يقع توظيف هذا النقاش في إطار سلبي، فهذا يضر بعمل اللجنة وما هي بصدد دراسته. لذلك، فمن الموضوعية المهنية والنزاهة الأخلاقية أن تبتعد آذان التجسس عن قاعة اجتماعات هذه اللجنة.