بدون شك، قد شعر الناس، بصدمة أو صعقة، خاصة الذين تابعوا برنامج تحقيق الذي قدمته القناة الثانية ليلة الخميس الماضي، فقد حمل صورا، واعترافات صادمة عن واقع مرير، مندس بيننا، جعلنا ننظر حوالينا، بعين حارسة، «والحاضي هو الله»، إزاء ما يمكن أن يتعرض له أكبادنا في غفلة منا، أو عدم انتباه ، أو ضعف في الحرص، إما لانشغال الآباء بأمور العمل وتوفير لقمة العيش، أو بثقتنا الزائدة في أن لا أحد يمكن ان يتجرأ، ويتطاول ببشاعة، ويعتدي على أطفال قاصرين، وهم في بدايات خطواتهم الأولى في هذه الحياة، وما النماذج التي أظهرها البرنامج مشكوراً إلا الشجرة التي تخفي الغابة، فهناك كثير من الحالات الوقحة يحجم أولياء الأمور، التعبير عنها، والتبليغ بها خوفا، من تعقيد الوضع أكثر على مستقبل الأطفال خاصة حينما يكبرون، لذلك يتولون العلاج في ظروف أكثر سرية، وكفى الله المومنين القتال... ولكن نحمد الله أن هذه ليست القاعدة، فهناك استثناءات تملك الجرأة، وتومن بأن كرة الثلج ستكبر، وستصبح مقلقة وتجرف معا الصغار، إذا لم تبلغ عن هذه الحالات، وإلا سيغدو الأمر عاديا. حلقة التحقيق الخاص باستغلال القاصرين سواء كانوا من الاسوياء أو المعاقين جعلتنا في جلسة حرجة، ونحن نتابعها، والكثير من المشاهدين شاهدوا الحلقة صحبة ابنائهم البالغين واليافعين حتى تكون الفائدة عامة، رغم ما في ذلك من إحراج، لكن بداية العلاج تكون هكذا. وإلا سيستفحل الأمر. على الأقل سنحارب كل من يحاول إغراء الأطفال بدرهم، وبياغورت أو بقطع حلوى، فقد تبدو الأشياء في البداية عادية، وهكذا سنفهمها، لأننا دائما نقدم حسن النية، لكن الحقيقة يجب ان يحترس الآباء من الطفيليات السامة التي تعيش حولنا، في الحي والدرب وعند الدكاكين، وبأبواب المدارس، ويجب أن نعلم أبناءنا مصارحتنا بكل من يتربص بهم أو يغريهم، ويستغل براءتهم. لكن بموازاة ذلك يجب على القضاء التعامل مع كل من يثبت اعتداءه الجنسي على قاصر بصرامة، حتى يتم وضع حد لهذا الانزلاق اللاأخلاقي، الذي يمس عقيدتنا وشرفنا ويغتصب حق الأطفال في العيش بكرامة، كباقي أقرانهم، وقد أورد البرنامج شكاوي عائلات مست في فلذة من فلذات كبدها، أجمعت على أن القضاء لم يكن منصفا بالشكل المطلوب، وأن الأحكام التي وردت في حالات التقرير، كانت مخففة، بالقياس لفظاعة الجرم المرتكب. وقد أكدت رئيسة جمعية ما تقيش ولدي هذا المنحى وألحت على ضرورة التعامل مع هذه النماذج بقسوة في حال ثبوت الفعل الجنائي. موضوع القضاء لا يمكن لي شخصيا الغوص فيه، لعدمي إلمامي به، ولكنه يجب أن يظل فعلا هو الملاذ للمظلومين والمستضعفين والفقراء بعد الله. البرنامج يعتبر نقطة ضوء بفتحه كوة تنبعث منها روائح كريهة وسلوكات بذيئة نرفضها جميعا ونأمل أن يعمل الحقوقيون والمواطنون على ردمها. وتطهير مجتمعنا منها. ولا يسعنا إلا أن نقدم التهنئة لطاقم البرنامج.