نشر المجلس الأعلى للحسابات غسيل تدبير العديد من المؤسسات العمومية، وأشار تقرير هذه الهيئة القضائية إلى العديد من الخروقات، وفي تقديري لابد من إعطاء الأهمية البالغة لهذه الوثيقة بكافة مكوناتها، أي ما يتعلق بملاحظات قضاة المجلس الأعلى للحسابات وقضاة المجالس الجهوية للحسابات من جهة وأجوبة المسؤولين الذين أدلوا بها للقضاة لتفسير وتوضيح أو حتى تبرير ما أقدموا عليه. والواضح جدا أن هذا التقرير الجديد سيعيدنا إلى النقاش القديم، أي هل يتم الاكتفاء بنشر هذا التقرير بما تضمنه من خروقات خطيرة، أم أنه لابد من إحالة هذه الملفات على القضاء ليقول كلمته الفاصلة فيها، يدين من يستحق الإدانة ويبرئ من هو مسؤول عما حدث؟ وإذا كان الجواب إيجاباً، أي لابد من الإحالة، فمن هي الجهة المخولة قانونا بتنفيذ هذه الإحالة؟ إنه نقاش قديم لم تحسم فيه الجهات المختصة في الوقت المناسب. أما تقديري الشخصي، فإنه لا معنى لكل هذه القيامة إذا لم تكن هذه التقارير التي تكتسي مضامينها خطورة وتعديا على المجتمع إذا لم تصل إلى القضاء، والإحالة على القضاء، لا تعني بالضرورة الإدانة، بل الإحالة عليه تعني تحقيق العدالة، فبإدانة من يستحق ذلك، وبإعادة الاعتبار للذي قد تكون بعض الشرارات تطايرت إليه، أما كيف يتحقق ذلك؟ فأعتقد أنها مسؤولية الجهات المختصة من مجلس أعلى الذي يجب أن تكون له تقديرات في هذا الصدد، وأن تكون له مواقف حاسمة، وأيضا الحكومة، فالسيد وزير العدل رئيس المؤسسة النيابة العامة، وأعتقد أنه من مسؤولية وزارة العدل إصدار أوامر للنيابة العامة لفتح تحقيق في مضامين هذه التقارير.