على هامش معرض للكتاب بمكتبة الأنوار بتطوان، الذي نظم أخيرا بمؤسسة داود للتربية والتعليم الخاص بتطوان، سهر القسم التربوي والتنشيطي للمؤسسة التعليمية المذكورة على تنظيم لقاء أدبي مع الكاتب والصحافي يوسف خليل السباعي حول مجموعته القصصية " الظل" الصادرة أخيرا عن منشورات ( منار الكتاب ) ومطبعة الخليج العربي بالمدينة. وقد أغنى التلاميذ والتلميذات هذا اللقاء، بأسئلتهم الذكية، حيث تطرقوا لعدد من القضايا، ومنها مسألة الكتابة ومنظور الكاتب لها، وتجربته الحياتية والكتابية، ومن كان له الفضل عليه في هذا المنحى الأدبي، ومن هم الكتاب المغاربة ، العرب أو الأجانب الذين تأثر بهم، وغيرها من الأسئلة التي كانت تنم عن المستوى الثقافي والإدراكي العالي لتلاميذ وتلميذات المؤسسة. وقد أجاب الكاتب والصحافي يوسف خليل السباعي على جميع التساؤلات التي طرحت في هذا اللقاء بكل وضوح، حيث تكلم في البداية عن مجموعته القصصية " الظل"، التي نشر كثيرا من قصصها ، في منابر صحفية داخل المغرب وخارجه، والتي تقوم بتعزيز مشاهدات واقعية، في إطار تخيلي، والتي تضعها الحياة في طريقنا من خلال سرد مشوق، وتثبيت بعض مفارقاتها باقتناص خصوصية المكان وما يحويه من عبق وسحر جميل، وحكايا تنسج خليطا اجتماعيا يسمح بتلاقح الأفكار رغم ما قد ترسيه الجذور من متناقضات، بالإضافة إلى البحث عن الذات، والغوص في الذاكرة بحثا عن سحرالطفولة، والموت، والسفر، والأنثى، بحثا عن اكتشاف عوالم مغايرة، حيث تحضر بعض المدن والشخصيات الأندلسية والإسبانية في بعض القصص كدلالة على الانصهار بين الحضارات واكتشاف الآخر من خلال الذات. وأشار الكاتب إلى عشقه لقراءة روايات يوسف السباعي ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، في فترة مبكرة جدا، ثم تحوله إلى قراءة ألبير كامي وبلزاك وإميل زولا وتولستوي وتشيخوف وغابرييل غارسيا ماركيز والعديد من الكتاب الكبار في فترة لاحقة، بعدما قرأ في مجلة فرنسية مقالا كتبه الكاتب والناقد الفرنسي الراحل رولان بارث عن ألبير كامي، حيث اكتشف هذا الأخير، وقرأ رواياته ومسرحياته بشغف كبير في لغتها الفرنسية، ومن هنا بدأ ارتباطه برولان بارث الذي ترجم إلى العربية الكثير من أبحاثه ونصوصه المنشورة في العلم والاتحاد الاشتراكي وأخبار الأدب المصرية. وأشار الكاتب، من جهة أخرى، إلى فضل والده عليه، حيث كان منزل العائلة يتوفر على العديد من الكتب المتنوعة، والتي كان يقرأها بنهم، وهي التي ساهمت في تكوينه، إضافة إلى تمرسه بالصحافة، وخصوصا الصحافة الثقافية، حيث ساعده في ذلك كل من القاص والكاتب والصحافي عبد الجبار السحيمي، والشاعر والصحافي نجيب خداري، و الشاعر والكاتب والصحافي محمد بشكار، الذي ساعده في نشر معظم مقالاته وقصصه ب"العلم الثقافي". وخلص الكاتب إلى القول إنه ينبغي أن نفكر جميعا، بما في ذلك الجهات المسؤولة والمعنية على الثقافة في بلادنا في تعليم أبنائنا الكتابة كما كان حاصلا في فرنسا في القرون الماضية، وليس الاكتفاء بالقراءة، التي أصبحت آخر ما نفكر فيه، رغم الزخم الكبير من الكتب التي تصدر ببلادنا في الحقل الأدبي، دون أن يواكبها النقد، وضرورة انفتاح المثقفين والكتاب على تلاميذ المؤسسات التعليمية وتبادل الحوار معهم.