سيصادق البرلمان في دورته التشريعية المقبلة، التي ستنطلق شهر أبريل على مشروع قانون، قد يبدو للبعض غريبا من حيث تسميته، ب " مدونة الحقوق العينية "، أو من حيث القضايا المثارة ، مثل حق الاستفادة من السطحية ، والشرب، والهواء ، والمجرى ، والمرور، والصرف الصحي، والتعلية، والزينة، والاستفادة من الحائط المشترك، والطريق الخاص المشترك، والشفعة، والمغارسة ، وغيرها من الأمور، لكن حينما يتابع المواطن، النقاش الجاري حاليا بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب ، سيغير حتما رأيه، لأن مثل هذه الأمور كانت سببا في تعاظم عدد الملفات المحالة على القضاء بين المكري والمكتري، أو المالكين والمكترين، بل بين بعض السكان، وأفراد الأسر، وأصحاب محلات وسكان عمارات ، أدت النزاعات التي وقعت بين بعض الأطراف ، في بعض الأحيان، إلى المشاجرة، وأحيانا أخرى إلى ارتكاب جرائم وجنايات. وباطلاعنا على نص المشروع والذي أحالته الحكومة على أنظار البرلمان منذ السنة الماضية، يتضح أن مضامينه تطرقت لجميع أنواع الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطن، وهي حقوق لاعلاقة لها بما يجري حاليا من أحداث في الوطن العربي، ولكنها مرتبطة بأجندة إصلاحية ، باشرها المغرب منذ أزيد من 10 أعوام ، حينما تم طي ملفات كثيرة، وتجاوز مراحل للوصول إلى بر الأمان، أي ترسيخ ديمقراطية سليمة، بحقوق وواجبات، وقانون يخضع له جميع المواطنين. وتسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية، والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار، إذ أن الرسوم العقارية، وما تضمنته من تقييدات، تابعة لإنشائها، تحفظ الحق الذي نص عليه، وتكون حجة في مواجهة الغير على أن الشخص المعني بها، هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها. وتعتبر الحيازة المستوفية للشروط القانونية سببا لاستحقاق العقار غير المحفظ إلى أن يثبت العكس ، ولا تفيد عقود تفويت ملكية العقارات غير المحفظة، إلا إذا استندت على اصل التملك ، وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية. وتصل عدد مواد هذا القانون، 341 مادة، إذ تم تعريف الحقوق العينية الأصلية ، بالحقوق التي يقوم بذاتها من غير حاجة إلى آي حق آخر يستند إليه، وتوجد بينها حقوق الملكية، والتكاليف العقارية، والانتفاع، والاستعمال، والسطحية، والكراء الطويل الأمد، والهواء، والتعلية. وتحدث المشرع في بعض الفصول عن نطاق الملكية وحمايتها، إذ أن " ملكية الأرض تشمل ما فوقها، وما تحتها، إلى الحد المفيد في التمتع بها، إلا إذا نص قانون على مخالفة ذلك"، ومالك العقار يملك كل ملحقاته، وما يغله من ثمار، أو منتجات، وما يضم إليه، أو يدمج فيه بالالتصاق، ويحق لمالك الأرض قنص ما بها من الوحيش، على أن يراعي في ممارسته لهذا الحق الضوابط التي يرفضها القانون. كما يحق لمالك العقار الاستفادة من الكنز الذي يعثر عليه في عقار معين، إذ يصبح ملكا لصاحبه، لكن عليه الخمس للدولة، ولمالك العقار مطلق الحرية في استعمال ملكه واستغلاله والتصرف فيه. وتطرق القانون إلى قضايا تهم المالكين وقاطني المنازل ، إذ اعتبرمثلا الحائط الفاصل بين عقارين، مشتركا بينهما إلى نهاية خط الاشتراك، ولكل شريك في الحائط المشترك استعماله حسب الغرض الذي أعد له، وليس للشريك في الحائط المشترك أن يتصرف فيه بإقامة بناء أو منشآت عليه إلا بموافقة شريكه مع مراعاة القوانين والأنظمة ، وإذا كان لأحد الشريكين مصلحة جدية، ومقبولة في تعلية الحائط المشترك، فإن له أن يعليه بشرط أن يتحمل وحده نفقات التعلية ، وصيانة الجزء المعلى، وأن يقوم بما يلزم لجعل الحائط يتحمل زيادة الأعباء الناشئة عن التعلية، دون ان يفقد ذلك شيئا من متانته على أن لا يلحق ذلك ضررا بجاره. واعتبر القانون حق الهواء والتعلية حقا عينيا، أساسه، تملك جزء معين من الهواء العمودي الذي يعلو بناء قائما يملكه فعلا الغير، وذلك من أجل إقامة بناء فوقه تسمح به القوانين والأنظمة، وينشأ حق الهواء والتعلية بالعقد، ويجب أن يظهر هذا العقد، نوع البناء المراد إقامته، ومواصفاته، وأبعاده. وأوضح القانون كيفية فتح حائط ملاصق للجار، وتشييد نوافذ ، او شبابيك ، أو فتحات مماثلة، حيث لا تتم إلا بموافقة صاحب الملك المجاور، كما لا يجوز فتح مطلات، أو شرفات، أو فتحات أخرى مماثلة مواجهة لملك الجار، إلا على مسافة مترين، وإذا كانت منحرفة فعلى مسافة متر واحد، ولا يسري هذا المنع على المطلات والشرفات المفتوحة على الطريق العمومية.