حين وقعت الثورة في تونس وبعدها مباشرة في مصر, لم تحصل هزات قوية في الأسواق العالمية, لكن توسع نطاق الثورة إلى ليبيا ودول أخرى في الشرق الأوسط ، يؤثّر مباشرة على الاقتصاد العالمي سواء تعلق الأمر بالنفط أو بالسلع. في مقال بعنوان «الاستعداد لصدمة من الشرق الأوسط» بصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية, يشرح الكاتب محمد العريان تأثير انتقال الثورة إلى ليبيا -الدولة النفطية العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)- واندلاع احتججات في دول أخرى بالشرق الأوسط، مثل البحرين المجاورة للسعودية، التي هي أكبر مصدر للنفط في العالم. وقال العريان إنه بينما كانت المشاكل السياسية والاجتماعية تتصدر العناوين, بدأت تتجلى انعكاسات تلك الأحداث على الاقتصاد العالمي. وأضاف أن الدول الغربية لن تقدر على عمل الكثير لدرء الانعكاسات التضخمية في المدى القصير. ويلاحظ الكاتب أن ارتفاع أسعار النفط من الانعكاسات المباشرة لتفجر الثورة في ليبيا، التي تصدر يوميا 1.1 مليون برميل من النفط إلى أوروبا ومرتبطة بالغرب باستثمارات بمليارات الدولار. وكان سعر خام برنت الأوروبي قد ارتفع إلى أعلى مستوى في عامين ونصف العام مقتربا من 110 دولارات للبرميل، مما صعّد الضغوط الغربية على الدول المنتجة لزيادة الإنتاج. ويتحدث كاتب المقال عن مخاطر جيوسياسية أكبر في منطقة بالغة الخطورة فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي بسبب ما يجري في البحرين من صراع سياسي بين الأسرة الحاكمة والمعارضة الشيعية, وفي ظل محاولة عدد من الدول الأخرى التأثير في مجرى تلك الأحداث. ويتحدث العريان عن فترة تحول في المنطقة تكتنفها مخاطر مع تصاعد المواجهة بين الشعوب والأنظمة هناك, وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا. ويتوقع الكاتب أنه في المدى القصير, ستؤثر الأحداث الجارية في المنطقة في الاقتصاد العالمي على مستويات مختلفة لعوامل محددة. فأسعار النفط سترتفع وترفع بدورها تكاليف الإنتاج وضرائب الاستهلاك. كما أن هذا سيزيد الضغط على أسعار السلع عامة, ويحد من تدفق صادرات دول أخرى إلى المنطقة.