يطرح خبراء ومحللون عرب وأجانب عدة سيناريوهات لمصير العقيد معمر القذافي في ضوء ما تشهده ليبيا من تطورات، لكنها غير واضحة المعالم. ويرى هؤلاء أنه إما أن ينجح الثوار في الاستيلاء على العاصمة طرابلس، وإما أن يفر القذافي من طرابلس، ويبدأ حرب عصابات من الصحراء، وإما أن يفر إلى القبائل أو إلى الخارج. ويؤكد هؤلاء الخبراء والمحللون في حديثهم لرويترز، أن القوة المسلحة وحدها ربما لن تتمكن من إنقاذ العقيد معمر القذافي، لكنهم يبرزون أنه حتى مع تقلص الجيش بسبب انحياز كثير من أفراده إلى الثوار، ما زال القذافي يملك من القوة العسكرية ما يمكنه من إثارة الفوضى أو ربما الحرب الأهلية. والسيناريو الأول - حسب محللين يراقبون الأزمة الليبية- أن يستولي الثوار على العاصمة طرابلس في النهاية لينتهي الأمر بقتل القذافي أو القبض عليه مع مجموعة من أهم مؤيديه. غير أن الكثيرين ممن يعرفون القذافي يقولون إنه سيقاتل حتى النهاية على الرغم من أن الفرص تتضاءل أمام حكمه المستمر منذ أربعة عقود بعد فقده السيطرة على عدة مدن وانشقاق كثير من جيشه عنه وتخلي مسؤولين ودبلوماسيين ليبيين أمام العالم عن صلتهم بحكومة القذافي. لكن بعضهم يقولون إن هزيمة القذافي ربما لا تحدث بهذه السلاسة على المدى القصير. وفي هذا الصدد يرى رئيس مركز معلومات عبر الحدود البريطاني الاستشاري، جون ماركس، أن لدى القذافي ما يكفي من القوة العسكرية في الوقت الحالي لحرمان معارضيه من أي مكاسب في العاصمة طرابلس. وأشار إلى أنه يمتلك عدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات الثقيلة منتشرين حول العاصمة، ويقوم أنصاره المسلحون بأعمال عنف ضد المحتجين. وأكد ماركس إن المعارضين في العاصمة ينتظرون تعزيزات، لكنه قال إنها ربما لا تصل إذا نجح خميس -نجل القذافي- في سحق التقدم على الطرق المؤدية للعاصمة بفرقته الثانية والثلاثين التي وصفها بأنها فرقة قوية. وبدورهم ، يؤكد الخبراء الأمنيون أن المئات وربما الآلاف من عناصر الأمن الداخلي المسلحة في طرابلس، قد تقوم بدور جهاز الإنذار أمام أي محاولة مفاجئة لتسلل المسلحين إلى العاصمة من المناطق الخارجة على حكم القذافي. ويؤكد الخبراء العسكريون أن القذافي يستطيع جمع ما بين 10 و12 ألف جندي إلى جانب الموالين له في الأجهزة الأمنية والمرتزقة ، كما أنه يسيطر على مطار طرابلس ومينائها. والسيناريو الثاني الذي يطرحه الخبراء ، هو أن يفر القذافي من طرابلس، ويبدأ حرب عصابات من الصحراء، حيث يقولون إنه من الممكن أن يفر إلى أراضي قبيلته في منطقة سبها الصحراوية الجنوبية ليحاول ضرب استقرار البلاد من هناك، كما أنه من الممكن أن يتجه إلى مدينته سرت، لكنها خطوة تنطوي على خطورة لقربها من الشرق الذي سقط في أيدي المحتجين. وقال سعد جبار، المحامي الجزائري المقيم في لندن الذي يعرف عددا كبيرا من كبار مسؤولي النظام الليبي، إن استمرار القذافي في الحكم قد أصبح مستحيلا، مشيرا إلى أن الأمر أصبح الآن يتعلق ببقاء القذافي على قيد الحياة لا بقائه في الحكم. ويرى سعد جبار أن القذافي سيخلق الظروف المناسبة لحرب عصابات، وأن هذا هو السبب الذي قاده إلى دعوة الليبيين إلى حمل السلاح. وقال إن شخصا مثل القذافي بالتأكيد قد أقام لنفسه مخابئ في الصحراء ، وإنه من هناك قد يبدأ القتال من أجل استعادة السيطرة على البلاد أو على جزء منها. غير أن المحامي الجزائري يقول إن السؤال يتعلق بمقدار الدمار الذي سيسببه قبل أن يرحل بالفعل، مشيرا إلى أن مقدار الارتباك الذي قد تثيره هزيمة القذافي يعتمد على مدى إخلاص قبيلته وأقاربه له. ويرى المحلل الأميركي ، جيف بورتر، أن الأزمة ستنتهي بعملية بحث عن القذافي الذي قد يسقط من السلطة، لكنه يفر مع جمع من الموالين له ليختفي لعدة أسابيع دون أن يعرف مكانه. والسيناريو الثالث المرجح هو أن يفر العقيد الليبي من طرابلس ويلجأ إلى القبائل ، خاصة قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها، ثم تبدأ هذه القبائل في التفاوض مع القبائل الأخرى على هدنة منعا للمزيد من الفوضى في البلاد. في هذا الإطار، يقول الخبير الليبي، منصور الكيخيا ، إن الانقسامات داخل قبيلة القذاذفة قد بدأت بالفعل بين المؤيدين للقذافي والمعارضين له، مشيرا إلى أن القذاذفة تريد أن تفعل أي شيء حتى لا تتعرض للملاحقة من أي سلطة انتقامية جديدة في ليبيا بعد القذافي. ويتمثل السيناريو الرابع -وهو المرجح وفق الخبراء- في أن يقوم معمر القذافي بإشعال حرب أهلية حقيقية في الوقت الراهن، لكن جون ماركس قال إنه قد يتصور أزمة بين «دولة عجيبة على هيئة مدينة تحكمها هذه الفئة من قوات القذافي بينما تحكم بقية البلاد المعارضة غير القادرة على الاستيلاء على العاصمة بسرعة، وإذا استمر هذا الموقف فربما تقع البلاد في الحرب الأهلية». ويطرح سيناريو خامس، وهو أن يسقط القذافي ويهرب إلى الخارج، ويتصور سعد جبار أن يرضخ القذافي لنصائح أقرب أقاربه بالتفاوض مع زعماء القبائل الحليفة وكبار ضباط الجيش من أجل الحصول على الخروج الآمن من البلاد. وقال إنه لاحظ لجوء العديد من المنشقين من أنصار الزعيم الليبي إلى قبائلهم ، وهو ما يسلط الضوء في نظره على أهمية القبائل في تحديد مستقبل القذافي. وأضاف أن القذافي وأقاربه قد يتفاوضون مع القبائل الحليفة على وقف القتال بشرط السماح للقذافي بمغادرة البلاد دون محاكمة. ويؤكد هؤلاء الخبراء أنه من المتوقع ألا ترحب دول كثيرة باستضافة القذافي، مشيرين إلى أنه بمجرد خروجه من ليبيا سيكون عرضة لأي محاولة مستقبلية لتسليمه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم حرب.