قال الله تعالى: «إنّ الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم. لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم. والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم»، [سورة النور، الآية 11]، وقال: «إنّ الذين يوذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابا مهينا» [سورة الأحزاب - الآية 57] وقال: «والذين يوذون المومنين والمومنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» [سورة الأحزاب الآية 58]. كانت أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضي الله عنها من أكثر النساء تعرُّضا للأذى، في عهد النّبوة، إذ اتهمت ظلما وبهتاناً في عرضها، وسبب لها ذلك أذى نفسياً جسيماً، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعلم مدى عفّتها وطهرها، حتى أنزل الله تعالى براءتها مما اتهمها به المرجفون في المدينة، والذين يسعون إلى فتنة المجتمع المسلم الوليد. أنزل الله عز وجل براءتها من فوق سبع سماوات لتبقى تلك الآيات القرآنية خالدة خلود القرآن الكريم، تذكّر الناس في كل زمان ومكانٍ بمنزلة هذه السيدة الطّاهرة عند الله سبحانه، وتؤكِّد سموّها، وفوزها بالمحبّة الإلهية ورضوان الله تعالى. المنافقون، والمرجفون، والمفسدون في الأرض، والفتّانون موجودون في كل العصور، وهم لايملون من تكرار محاولة الإيذاء والتشويه، والسعي إل جرح كرامة المسلمين وانتهاكِ حرماتهم. وقد نشرت بعضُ الجهات المعادية للإسلام والمسلمين مؤخّراً رواية إنجليزية مسيئة للسيدة الطاهرة أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قصد إعاقة المدّ الإسلامي في الغرب، وتشويش أفكار وتصورات معتنقي الإسلام الجدد، وإيذاء المسلمين وانتهاكِ حُرماتهم وإثارة الفتنة والحروب وعرقلة جهود التفاهم والتعايش، فضلا عن طلب الشهرة، والمال، والمناصب. فبئس مايطلبون وبئس ما يرومون! يقع هذا كما وقعت منذ مدة قريبة الإساءة إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن طريق الرسوم الكاريكاتورية الخبيثة، والتّنقيص من فضل الإسلام واتهامه والمسلمين بما لايجوز ولا يصحّ، من خلال تصريحات البابا بند يكت السادس عشر، والله يعلم ماذا يخبئ هؤلاء السّفهاء من أشكال الإيذاء والفتنة والانتهاك للمقدسات الإسلامية، والحطّ من قدر شخصيات الصحابة الذين هم خير الخلق بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام يقع هذا - كما وقع بالأمس - ويُكْتَفَي في العالم الإسلامي بالشجب والاستنكار. فهل يكتفي ذوو الجاه والثروات بذلك لو مسّ أحد هؤلاء السفهاء أو غيرهم كرامتهم بقليل أو كثير من الأذى؟! ألن يقيموا الدنيا ويقعدوها حتى يقتصّوا لأنفسهم، فينال الجاني العقاب؟! وأيم الله إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقّ بالدفاع عن حُرْمتِه وأولى، وكذلك أزواجُه وصحابته الكرام. ولن يُقضى على مثل هذه الانتهاكات إلاّ بالصرامة التامّة، والحزم الكامل، والغيرة الصادقة، وأقلّ ذلك قطع العلاقات - بمختلف أشكالها - مع أي دولة تحتضن أو تشجع أو تسكت عن هؤلاء الحمقى. ولله الأمر من قبل ومن بعد.