يعتبر الحب أساس العلاقات الزوجية الناجحة التي تدوم بين الرجل والمرأة إلى الأبد. والحب بالنسبة للروابط الزوجية ضروري ومفيد لما يوفره من استقرار وراحة وانسجام بين المتزوجين، أن ميل شخص إلى آخر بحيث يلمس فيه كل الأوصاف المستحسنة وكل لفتة منه أو حركة يراها حسنة ولايمكن تفسير هذا الميل أو الاعجاب لأنه أحيانا ينبثق فجأة بحيث أننا نرى شخصا لم نشاهده من قبل وأول ما نرنو اليه بنظرة واحدة نهواه ويدخل شغاف قلوبنا، فنستخدم ما لدينا من الوسائل لنتقرب اليه ونظهر له عطفنا وحبنا، ومن الحب ما يتولد أيضا بالمعاشرة والاستمرار بالمؤانسة مع الشخص الذي كنا في أول الأمر نترفع من أن ننظر اليه، ومنه ما يتولد من صنع الجميل، وقد لا نعلم لأي سبب نحب الشخص الفلاني لأننا إذا نظرنا إليه من حيثية الجمال نرى من يفوقه جمالا وحسنا، والذي تقر له مقلتانا ويحسن فيهما، فنخجل أن تراه عينا سوانا. ونحن بالطبع نعجز عن تفسير هذه المشاعر والأحاسيس الا بالهام علوي رباني، فإن في هذا الأمر عجبا، ولا يمكننا أن نقدم تفسيرا له، نعم أن الجمال هو الواسطة لاحداث الحب والشغف، ولكن يلاحظ وجود شيء آخر له الفعل الأكبر لتوليد عناصر المحبة، والغرام والشغف، وهذا الشيء هو أدب الشخص المحبوب ولطافة أخلاقه وسلاستها، فكم من جميل نراه مكروها لقلة آدابه وتصرفاته السيئة، وكم من كريه المنظر نراه محبوبا لطفيا مقدار لأدبه وحسن سلوكه وخصاله، فلذا يجب على كل من تزوج أن يمنح زوجته الحب والعطف والوفاء، لا لجمالها بل لحسن معاشرتها وطيبة خصالها ، إذ لا خير في الحب المؤسس على جمال زائل، فإن ثوب الجمال لا يقيم الا مدة وجيزة، وحتى يأفل المسبب زال السبب أيضا. وأما حب التعقل والآداب والأخلاق الحسنة فيزداد يوميا فيوما، لأن العقل يزداد في إدراكه ووعيه كلما تقدم الإنسان في السن. ويرى العالم الكبير جول مشيله وهو يصف الزواج والانسجام الحقيقي المبني على دعائم متينة بين الزوجين فيقول: ليست الآلام أسوأ ما تلقاه المرأة في الزواج. ولكن أسوأ من هذا أن تذبل زهرة المرأة، وأن تفيض نضارتها، وتتطلع إلى آمال بعيدة التحقيق، وان تنالها الحياة يثقلها فيتولاها الملل والسأم والضيق بالدنيا وما فيها، وحين تحيا حياة العزلة والانطواء، أو تترمل قبل الأوان. ويقول ستاندال: المرأة الباردة ذات العاطفة الهادئة، امرأة لم تعثر على الرجل الذي يستحق حبها وتستطيع أن تحبه. ويضيف في غير مكان: منظر الجمال الفتان، في البيعة أو في الفن الجميل يذكر المحبوب بصورة المحبوبة. المصدر: العلاقات الزوجية.