..«بناء على ما ذُكر تكون المحكمة قد كوّنت قناعتها بثبوت باقي الجرائم في حق المتهم مع تمتيعه بظروف التخفيف لحالته الاجتماعية والحكم عليه ب 25 سنة سجنا من أجل القتل العمد والفساد» كان هذا موجز منطوق حكم غرفة الجنايات باستئنافية الرباط بملحقة سلا في حق المتهم (م.س) المزداد سنة 1971، عازب، وبدون مهنة. وكانت مصالح الأمن بسيدي علال البحراوي قد أُشعرت بوجود جثة فتاة مقتولة داخل إحدى الغرف ملقاة على بطنها فوق قطعة اسفنجية وسط بركة من الدم، حيث تمت معاينة سكين من الحجم المتوسط مغروس بعنق الهالكة من الجهة اليمنى. وعند الاستماع لأحد المكترين صرح أنه يوم الحادث شاهد (م.س) يُغادر غرفته بشكل عادي ولم تكن عليه أي آثار للدم. ومن خلال استغلال الصور الفوتوغرافية وإجراء عدة أبحاث ميدانية تم التوصل إلى أن المعني بالأمر توجه إلى قرية بنواحي فاس وتم اعتقاله هناك بإحدى المقاهي. ونُسب إلى المتهم تمهيديا أنه كان على علاقة غير شرعية مع الضحية التي حضرت إلى غرفته يوم الحادث وتناولا وجبة الغداء، وأنه وقع شجار بينهما بشأن إجرائها مكالمة هاتفية مع شخص أدعت أنه ابن عمها ولم تُقدم له جوابا مقنعا عن أسئلته، مما جعله يغلق هاتفها ويمارس معها الجنس.. وأوضح المتهم أن الهالكة طالبته بمبلغ ألف درهم لاقتناء جهاز حاسوب لكنه رفض بالنظر لظروفه المالية، خاصة أنه يعمل حرفيا في ميدان الرخام، فاشتد الخصام بينهما لتُخبره بوضع حد لعلاقتهما، الشيء الذي جعله يُفكر في الانتقام منها لحبّه الشديد لها فبدأ يُهددها بالقتل إن تخلّت عنه، خاصة أنه كان يمدها بمبالغ مالية وينوي الزواج بها. وأشار المتهم إلى أنه أمام تعنث الضحية وتمسكها بقطع علاقتهما عمد إلى التحوّز بسكين وتوجيه ضربة على مستوى عنقها ووجهها، إلا أنه أمام صراخها كتم فمها وقتلها، حيث وجه لها ضربة ثالثة بغرس السكين في عنقها وظل ممسكا بها لمدة عشر دقائق وهي تنزف بشدة إلى أن فارقت الحياة. وغادر المتهم مكان الحادث بعد أن غيّر ملابسه الملطخة بالدماء وتمزيقه مذكرة أرقام هاتف الضحية وصورها التي عثر عليها بحقيبتها ليتوجه إلى مدينة القنيطرة ثم فاس. وأقر المتهم أمام قاضي التحقيق بعلاقته غير الشرعية مع الضحية لمدة سنة ونصف وقتلها بدون أن يشعر بذلك بواسطة سكين بعد نشوب خلاف إثر التوصل بمكالمة هاتفية، مضيفا أنه كان قد سلمها مبلغ 50 ألف درهم لإعداد بيت الزوجية. وتوبع المتهم بتهمتي القتل العمد والفساد طبقا لمقتضيات الفصلين 392 و 490 من القانون الجنائي. واعتمدت هيئة الحكم في مؤاخذة المتهم على الحيثيات التالية: «حيث أجاب المتهم أمام المحكمة عن المنسوب إليه بالاعتراف ، مضيفا بأنه قتل الضحية لسوء تفاهم بينهما وأنه وجه لها طعنة إلى عنقها وكان يمارس معها الجنس لمدة سنة ونصف، مشيرا إلى أنه لا يتذكر عدد الطعنات التي وجهها لها وأن السكين تركه في عنقها. وحيث اعترف المتهم بالمنسوب إليه في جميع مراحل البحث والتحقيق. وحيث إن تقرير التشريح الطبي أفاد بأن الوفاة كانت نتيجة الطعنات التي تلقتها الضحية باستعمال أداة حادة، وبذلك تكون العلاقة السَّببية قائمة بين الأفعال الجرمية المرتكبة من طرف المتهم ووفاة الضحية. وحيث إن المتهم لم يغادر المكان إلا بعدما تأكد من وفاة الضحية».