سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علال الفاسي عالم جليل اختطفته السياسة فكان زعيما منظرا وسياسيا فذا جعل من السياسة هدفا شريفا استطاع أن يأتي بأفكار تعتبر حلولا لكل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية
لا أعتقد أنه وجد في العالم العربي، وفي المغرب العربي الكبير بالذات مفكر عربي جمع ما بين الدين والسياسة، ووفق فيما بينهما بنجاح، واستطاع أن تكون له في السياسة نظريات وآراء وأفكار تعتبر على مستوى عال من حيث المواصفات، ومن الآراء التي تطرحها كما وجد الزعيم والعالم الجليل علال الفاسي رحمه الله ، فقد كان علال الفاسي وحيد عصره فيما يأتي به وفيما يطرحه، وفيما ينادي به ويدعو إليه ويرافع عنه، فكان بذلك من أكبر النشطاء في السياسية، ومن أعظم المصلحين الناجحين، في ظروف مبكرة بالمغرب، فقد استطاع بعمق فكره وشمولية إصلاحه وتوازى نظرياته أن يحرز على احترام كل السياسيين سواء اليمنيين أو اليساريين، وذلك بفضل ثقافته وتنوعها، وعمق أفكاره وغنى آرائه، إن للعلماء دوراً هاما في هذه الحياة، عليهم القيام به نحو الفرد، والمجتمع، والوطن، وتستمد هذه الأهمية من أهميتهم هم أنفسهم، ومن قيمتهم الدينية والعلمية، والاجتماعية، كما تستمد من الدرجة العالية التي منحها الله إياهم، قال تعالى في سورة المجادلة: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدنيا والآخرة مع العلم، وشر الدنيا والآخرة مع الجهل» وقال صلى الله عليه وسلم: «يوزن مداد العلماء ودماء الشهداء يوم القيامة فلا يفضل أحدهما على الآخر، ولغدوة في طلب العلم، أحب إلى الله من مائة غزوة ولا يخرج أحد في طلب العلم إلا وملك موكل به يبشره بالجنة، ومن مات وميراثه المحابر والأقلام دخل الجنة» ولعلنا إذا تتبعنا الآيات والأحاديث النبوية التي تدور حول فضائل العلماء ومزاياهم العظيمة فإنه قد يطول بنا الحديث، إلا أننا نختصر الكلام لنقول إن العالم لا ترتفع درجته إلا إذا مزج بين العلم والعمل، ونصب نفسه للناس ليقوم بدوره كعالم ويندمج في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والسياسية وغيرها، فالعالم مطالب بالمشاركة في الحياة مع مختلف طبقات الشعب ليعرف همومهم ومشاكلهم، ويشارك في حلها ويبدي الرأي السديد الذي يستفيد منه الناس، مع اتصافه بمكارم الأخلاق ومحامدها، ومن هذه المكارم أن يزيد العلم لصاحبه هدى لقلبه، ومعدلا لسيرته، وحسنا لأخلاقه، فإذا لم يكن العالم هكذا، فإن علمه لا يكون إلا فتنة وتحيرا، وإلى هذا أشار أحد الشعراء فقال: إذا لم يزد علمُ الفتى قلبه هدى وسيرته عدلا وأخلاقه حُسْنا فبشره أن الله أولاه فتنة تغشيه حرمانا وتُوسِعُهُ حُزْناً فالعالم يجب أن يتحلى بمكارم الأخلاق لأنها مجلبة لاحترام الناس وتقديرهم، إلى جانب هذا يجب على العالم أن يكون مع الناس في كل ما ينفعهم وفي كل ما يضرهم، فإذا رأى شيئا ينفعهم حثهم عليه، وإذا رأى شيئا يضرهم نهاهم عنه، بمعنى أن العالم يجب أن يكون ضمير المجتمع ولسان الشعب، فالعالم لا يجب أن يكون رجل دين فحسب وإنما يجب أن يكون عالما ومصلحا اجتماعيا ومشاركا في الحياة ورافعا صوته ضد كل ماهو مضر، وضد كل ما يسيئ لمصلحة الوطن والمواطن، ومتضامنا مع أفراد الشعب في كل ما ينادون به لصالح البلاد. هكذا كان علماؤنا بالمغرب عبر كل المراحل التاريخية، لا يتخلون عن الواجب ولا يتملصون أبدا، ولا سيما فيما يتعلق بالشأن الوطني، وفي سبيل مصلحة الوطن كانت تهون عليهم حياتهم وكانوا يتصفون بالشجاعة التي كانت تجعلهم لا يخشون قوة أو غطرسة، وكانوا يناصرون الحق، وفي طليعة هؤلاء العلماء، العالم المجاهد والوطني والزعيم علال الفاسي رحمه الله ، فقد كان رحمه الله عالما شموليا، وزعيما متفردا، وإصلاحيا ومصلحا كبيرا، وكان مغربيا مغاربيا، وكانت له دعوة شاملة للإصلاح والتطور والوحدة الوطنية الصادقة والوحدة المغاربية، لقد كان زعيما مشاركا عاملا فاعلا متحركا لأجل ضمان العزة والكرامة والوحدة التامة لاقطار المغرب العربي الكبير، ولا ننسى حينما أعلن الشعب الجزائري الشقيق ثورته الجهادية وقام يكافح ضد الاستعمار، والتحق مكملا صف المقاومة إلى جانب أخويه المغرب وتونس، وكان رحمه الله إذاك في القاهرة، فكان أول عالم وزعيم مغربي هنأ شعب الجزائر الشقيق على بداية الكفاح وإذكاء جذوة الجهاد، واعتبرها رحمه الله ثورة لمصلحة شعوب المغرب العربي، فوجه نداء إلى الشعب الجزائري الشقيق وقال:«أيها الشعب الجزائري الكريم من هذا البلد الأمين، مصر العزيزة، وباسم مراكش الشقيقة، وحركتها الاستقلالية العظيمة أبعث إليك بأطيب التحايا وأزكى التسليم وأعبر لك عن عظيم إعجابي وكبير السرور الذي دخل على نفوسنا حين انبعثت منك هذه الشعلة المضيئة التي تنير الأفق في المغرب العربي كله، ونهنئك بالمواقف العظيمة والغمرات الجسيمة التي تخوضها دفاعا عن حقك، إلى أن قال، «وإن المغرب العربي لا يتحرر إلا إذا اتسقت فيه حركة؛ الكفاح وانتظم فيه عقد الجهاد، فهنيئا لك بمواقفك وشكرا لك أن نشّدت التغيير وأعطيت العبرة» (انظر كتاب نداء القاهرة الطبعة الثانية ص: 63) هذه نافذة صغيرة أشرفنا عليها من النوافذ الواسعة والعديدة التي هي رصيد كبير وذخر ثمين من أرصدة ودخائر علال الفاسي في الكفاح المرير كعالم وكزعيم وكمؤسس للحركات التحررية بالمغرب العربي وكرئيس لحزب الاستقلال وكعالم سلفي سلفية إصلاحية على المحجة البيضاء لقد كان رحمه الله رغم اعبائه السياسية وأعماله التنظيرية وتجواله المستمر لاتصاله بالمناضلين في أبعد نقطة من نقط المغرب سواء في المدن أو القرى كان مدركا حق الادراك أنه أولا وقبل كل شيء عالم من علماء القرويين الذين ضمخوا المغرب بالمجد والفخر والعز مما ورثوه من أقدم جامعة في الدنيا جامعة القرويين التي يقول فيها الفقيه الزاهد أبو الفضل ابن النحوي: هذا نسيمك أم روح لراحتنا وماؤك السلسل الصافي أم الورق أرض تخللها الانهار داخلها حتى المجالس والأسواق والطرق ويقول فيها الفقيه الكاتب أو عبد الله المغيلي: وبجامع القرويين شرف ذكره أنس بذكراه يهيج تململي وبصحن زمن المصيف محاسن فمع العشي الغرب منه استقبل واجلس إزاء الخصة الحسنابه واكرع بها عني فديتك وانهل فقد كان رحمه الله يدرك ماهو العمل الذي عليه القيام به كان مدركا أنه عالم من العلماء الأصلاء، وانه زعيم كبير، ولذلك جمع بين العلم والسياسة والطموح والإقدام والثورة في وجه الظلم ورفض الاستسلام، وكل هذا لأجل مصلحة الوطن، وعلال الفاسي إذا كانت السياسة قد أرادت اختطافه، فإنه قد جمع بين السياسة والعلم والفكر والشعر والمقالة والمحاضرات والتأليف والنقد والبحث والتدريس، وعلى سعة هذه الصفات وتنوعها، كان منظرا عاملا في مضمار السياسة النظيفة والعمل من أجل تحقيق استقلال البلاد وطرد الاستعمار وبناء الوطن وتحريك عجلة التقدم والتطور، وعلال الفاسي بقدرما كان زعيما سياسيا كان عالما من أعلى رأسه الى أخمص قدميه، فهو لايغوص في المواضيع السياسية إلا ويربطها بالمواضيع الدينية، والدين الاسلامي هو حبه وهواه، لأنه يعلم أنه دين اهتم أولا وقبل كل شيء بضمان السعادة لانسان، فقد كان يرى أننا بالإسلام نتعدى الخصوم، ونتحدى الغرب، وهذا ما أكده في التقرير المذهبي الذي أعده كرئيس لحزب الاستقلال للمؤتمر السادس المنعقد بالدار البيضاء سنة 1962 وهذا ما أكده بقوله: «إن التقدمية شعارنا نحن، لأننا مسلمون، ولأننا نقول ذلك ونعمل به، إننا لانفعل ذلك تقليدا للغرب، ولا للمشرق، ولكن نفعله خدمة لأنفسنا وامتثالا لتعاليم ديننا، ولهذا فإن الاستقلالية تعرض نفسها لتوفق بين الحلول الاقتصادية التي اختارتها الإنسانية لمصلحة الكادحين في هذا العصر وبين الحلول التي نادى بها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، ولم ينس علال الفاسي رحمه الله أن يتحدث عن موضوع الملكية الدستورية، حيث يقول: «وقضية الملكية الدستورية جزء من عقيدة الحزب، وتشتمل عليها وثيقة الاستقلال التاريخية، وحزب الاستقلال إذ يقول ذلك إنما ينفذ المطلب الثاني من ميثاقه الأساسي لسنة 1944، وهو لايقصد الوصول إلى مظهر شكلي للديموقراطية، يتصرف فيه المواطنون على الصراع العقيم، وإنما يقصد من ورائه تشييد ديموقراطية بناءة تبيح الفرصة للشعب كي يمارس شؤونه بنفسه، وينتخب ممثليه بكل حرية وبتعاون مع المسؤولين تعاونا منتجا مثمرا، وتحدث عن الإسلام ومزاياه الاقتصادية ونظامه المالي الذي أصبح عدد كبير من رجال المال بأوروبا اليوم يرون فيه المنقذ والمخلص، تحدث عنه الزعيم والعالم علال الفاسي في تقريره فقال: «والحق أن الاشتراكية وانتصارها في الغرب أعان الإسلام على تحرره من ضغط الرأسمالية الغربية، فوجد المفكرون المسلمون المجال الخصب في دين الإسلام الذي هو نظام اجتماعي فائق، فالتجهوا الى الاجتهاد في النصوص لاستنباط ما يتفق وطريقة الحياة العصرية على أساس من الاشتراكية الإسلامية التي لاجمود فيها ولا جحود» ثم يقول: «ونحن حينما نتجه الى الاستقلالية الى تكوين مذهب يقوم على أساس هذه الاشتراكية الاسلامية إنما نكون مواصلين سيرنا في سلفية محررة من الجمود والجحود». فرحم الله علال الفاسي وأسكنه فسيح جناته فقد تحدث منذ ستين سنة وكأنه يتحدث اليوم محذرا من الصهيونية والصليبية فقال: «إن تيارات خارقة تكتسح العالم اليوم، وإن الصليبية والصهيونية والشيوعية والرأسمالية كلها تبحث عن ماتناله من بلادنا، فعلينا أن نتسلح فكريا وعلميا وعقائديا ونوحد صفوفنا لمجابهة كل ذلك وتحصين أنفسنا ضد كل عمل هدام يستعمل في إرغامنا على الخضوع لهؤلاء أو لأولئك. لا أعتقد أنه وجد في العالم العربي، وفي المغرب العربي الكبير بالذات مفكر عربي جمع ما بين الدين والسياسة، ووفق فيما بينهما بنجاح، واستطاع أن تكون له في السياسة نظريات وآراء وأفكار تعتبر على مستوى عال من حيث المواصفات، ومن الآراء التي تطرحها كما وجد الزعيم والعالم الجليل علال الفاسي رحمه الله ، فقد كان علال الفاسي وحيد عصره فيما يأتي به وفيما يطرحه، وفيما ينادي به ويدعو إليه ويرافع عنه، فكان بذلك من أكبر النشطاء في السياسية، ومن أعظم المصلحين الناجحين، في ظروف مبكرة بالمغرب، فقد استطاع بعمق فكره وشمولية إصلاحه وتوازى نظرياته أن يحرز على احترام كل السياسيين سواء اليمنيين أو اليساريين، وذلك بفضل ثقافته وتنوعها، وعمق أفكاره وغنى آرائه، ومع الأسف الشديد فإن أفكاره وآراءه التي كان يطرحها لم تكن تفهم في وقتها على الوجه الصحيح، والمألوف عليه أكثر أنها بدل أن تفهم بحسن الفهم فهمت بعكس ذلك غير البعض، فالزعيم علال الفاسي استطاع أن يأتي بأفكار تعتبر حلولا لكل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي كانت تعترض الحياة بالمغرب، ومما يحمد للزعيم علال الفاسي أن هذه الحلول التي أتى بها كلها كانت مستنبطة من الدين الإسلامي، وما جاء به هذا الدين الحنيف من سعادة للإنسان، ومن حياة شريفة بكل المجتمعات الإسلامية، في كل الميادين، الشيء الذي أكد وأظهر أن الزعيم علال الفاسي كان بحق عالما جليلا من علماء الإسلام الذين يعتبر في طليعتهم وفي الدرجة من المصلحين الأخيار منهم فقد كان علال الفاسي يناضل بحسه وشعره ونفسه وقلمه ولسانه من أجل عزة وكرامة المغرب في ظل الدين الإسلامي الحنيف، وإيمانا منه بالعمل الدؤوب والنضال المستميت من أجل تحقيق ما يدعو إليه الدين الإسلامي، فلم يكن علال الفاسي يعيش همومه، وإنما كان يعيش هموم أمته المنكودة، كان يعيش وفي صدره آمال يريد بلوغها، وهذه الآمال كانت عريضة ولذلك آمن أنه إذا لعب في شبابه ولها فإنها تضيع وتذهب، ولذلك عنها أصدق تعبير في شعره فقال: وعندي آمال أريد بلوغها تضيع إذا لاعبت دهري وتذهب ولي أمة منكودة الحظ لم تجد سبيلا إلى العيش الذي يتطلب قضيت عليها زهو عمري تحسرا فما يساغ لي طَعْمٌ ولا لذَّ مشرب ولا راق لي نوم ولا نمت ساعة فإني على جمر الغضا أتقلب فقد أنفق حياته في خير ما يجب أن تنفق فيه وهو أخذ العلم والتسلح بالمعرفة الواسعة بشغف ومحبة، إلى جانب ذلك ألتزم بالقراءة والتضلع في الدين والعلوم الإسلامية واللغة العربية، فكان عالما، وكان مؤلفا، تم كان لغويا من الدرجة الأولى في التمكن من اللغة العربية والتبحر فيها، ثم ارتمى في أحضان الوطنية الصادقة وضم له رجالا كون منهم ما سمي: «الزاوية» وشرع في العمل الوطني والتنظيم السياسي والجهر بالمطالبة بالاستقلال وطرد الاستعمار والقيام بأعمال التنظير والتنظيم، ثم التأليف والدعوة إلى الوعي وأخذ العلم والتطلع والتوسع فيه لأجل النهضة والتقديم والسير إلى الأمام. والحقيقة أن علال الفاسي بفكره الشمولي الواسع، وكتاباته العديدة المتنوعة، ومؤلفاته الغنية جدير بالبحث والدراسة والمناقشة حوله، وذلك على أعلى مستوى أكاديمي، على مستوى الجامعات العربية، ثم مستوى أكاديمية المملكة المغربية التي نتمنى أن تخطط له دورة خاصة في هذة السنة أو في السنة الموالية، لأن من تركه علال الفاسي من أفكار تجديدية، ومحاضرات فقهية دينية، وآراء عميقة كل هذا لازال في حاجة إلى الدرس والتعليق والمناقشة والحوار، وذلك لأنه عالم جليل ومفكر عظيم قدم خدمات جليلة ليس للمغرب فحسب، وإنما للعالم الإسلامي، يقول عنه الأستاذ عبد الكريم غلاب في كتابه: «ملامح من شخصية علال الفاسي تحت عنوان «المبدأ والعقيدة ص 32) «الذين عرفوا علال الفاسي ودرسوا شخصيته من بعيد قدروا فيه رجل المبدأ يسير على هديه في كل فكر وعمل، وناضل وكتب وخطب وحاضر، لكن الذين عرفوا علال عن قرب ودرسوا شخصيته في العمل والممارسة وخلق الفكرة وتطويرها إلى أن تصبح عملا منفذا أو قابلة للتنفيذ عرفوا أن المبدأ عنده يهتدي بهدي العقيدة، وأن المبدأ لا يأخذ مفهومه من السياسة أو ممارسة العمل السياسي، ولكن يأخذ مفهومه من العقيدة» وهذا تأكيد على أن الزعيم علال الفاسي عالم أولا وقبل كل شيء، وذو عقيدة راسخة، وإيمان جازم وتفتيح واسع وموسوعية لا حدود لها، ومن إمارات موسوعية الزعيم علال الفاسي أنه متفتح ومنفتح على جميع التيارات من تقدمية واشتراكية وقد تجلى تفتحه في كل الكتب التي ألفها وهي كثيرة، وفي مقالاته، وفي الركام الهائل من خطاباته ومحاضراته، ولهذا فالأمر داع إلى إعداد ببليوغرافية خاصة حول ما أنتجه وكتبه هذا العالم الجليل في كل ميدان بما في ذلك الميدان الديني والميدان اللغوي، وميدان مقاصد الشريعة الاسلامية، والميدان السياسي، ثم الميدان الشعري، مع إضافة ما كتب عنه، بالإضافة إلى هذا أرى أنه من واجبنا أن نصرف جهود طلبتنا بالجامعات إلى الاهتمام في بحوثهم بفكر وعطاء وشخصية الزعيم علال الفاسي، لأن علال الفاسي بما أعطى من إنتاج متنوع يعتبر كنزا فكريا حضاريا أصيلا بالنسبة للمغرب أولا ثم بالنسبة للعالم الإسلامي، وهنا يكون من الأليق والمناسب أن يهتم بعض أساتذتنا في التعليم الجامعي أن يحثوا طلبتنا وطالباتنا على هذا الجانب والاهتمام به. لقد كان من اهتمام الزعيم علال الفاسي دعوته إلى التضامن الإسلامي، فقد كتب في هذا الموضوع يقول: «لا يمكن أن تكون فكرة التضامن الإسلامي إلا نابعة من روح حاجة المسلمين إلى إصلاح أحوالهم والنظر في شؤونهم، والنهوض بمجتمعهم على أساس إقرار العدل والتكافل الاجتماعي الذي هو عمدة النظرية الاجتماعية في الإسلام» ويشير إلى أن هذه الدعوة ظهرت في بداية النهضة الإسلامية على يد جمال الدين الأفغاني، ولكن ظروف المسلمين والعرب على الخصوص وتفوق الغرب وتهافته على الاستعمار وجمود بعض المشايخ والرؤساء عاق عن تفهم الدعوة التي كانت تحمل اسم الجامعة الإسلامية وتنادي بضرورة حياة نيابية أساسها الشورى التي أمر بها رسوله، ثم يقول: «ومهما يكن من أمر فإن القرآن وراء هذه الحركة يرفعها في نفوس المؤمنين به حينما يرتلون قوله تعالى: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها» وحينما يرتلون قوله تعالى: «إنما المؤمنون إخوة». إن علال الفاسي رحمه الله يعتبر من أكبر وأعظم العلماء الذين أنجبهم هذا الوطن العزيز، وأقول هذا لأن علال الفاسي عالم قبل أن يكون زعيما، فقد كان عالما مصلحا والإسلام عنده كما يقول الأستاذ عبد الكريم غلاب: «يحمي حرية الفرد وحرية المجتمع في التفكير والتعبير والعمل، ويحمي حرية المرأة كما يحمي حرية الرجل، والإسلام يمنع الظلم: ظلم الدولة والسلطة، وظلم الأفراد، وظلم المجتمع»، (ملامح من شخصية علال الفاسي ص: 136).