في الفترة الأخيرة تزايد الانشغال بمسار قطاع الشباب والطفولة والرياضة على خلفيته أزمة التأطير للمؤسسات، ومحدودية انتشارها، وضعف الإمكانيات المرصودة لتسييرها وتنشيطها، وشكلت العناوين الكبرى التي سبق للوزارة اطلاقها كبرنامج عطلة للجميع وتأهيل دور الشباب والمشاركة المغربية في أولمبياد بيكين وتأهيل العمل الجمعوي وغيرها، شكلت مساحة لطرح الأسئلة، والبحث عن أجوبة مقنعة. وهو ما نحاول مناقشته، وتبيان نقط الضعف والقوة، كونوا معنا. * بقدرما يتزايد الاهتمام بالشباب والطفولة في شمولية مكوناته وتوجهاته ومناشطه، كقطاع يتصدر برامج وخطابات المشهد السياسي والسلطات العليا بالبلاد، بقدر ما تتعرض مؤسساته المنظمة، المباشرة لجزء عريض من تنشيطه وتنظيمه وتأطيره، للتراجع والانكماش والتردد، قياسا مع مسار تجاوز نصف قرن من الزمان. مع مجيء حكومة التناوب الأولى، ساد الاعتقاد والترقب داخل أوساط الجسم الجمعوي والمجتمع المدني، أن قطاع الشباب والطفولة مقدر له أن يستجمع كل قواه ليرسم من جديد مسارا مخالفا لما عاشه وألفه على عهد حكومات سابقة لم تستطيع تجاوز توظيف القطاع كديكور تجميل للمشهد العام، واعتماده للفرجة وتنظيم التظاهرات الرياضية بالدرجة الأولى، وإلى حد ما الشبابية بأقل كلفة. الانتظارات من حكومة التناوب كانت كثيرة لوجود أحزاب كبيرة بها، على صلة وعلاقة مع جمعيات ومنظمات تربوية وشبابية، ظلت على مدى عقود تناضل وتكافح للرفع من مستوى القطاع، وتمتيعه بأجهزة ومؤسسات وامكانيات، تنصفه أساسا وترفع من قيمة تدخلاته وتفاعله على أرض الواقع، على خلفيات وظائفه وأدواره التأطيرية والتنشيطية والتأهيلية، التي هي جزء من التنمية المستدامة الحقيقية، وقد صادفت هذه الانتظارات المشروعة وجود هامش من الحرية والتعبير، وتطور منظور في مشروع الخطاب الجمعوي واستقلاليته، وتقاطعه مع ماهو حقوقي وديموقراطي ومؤسساتي وتنموي وسياسي واجتماعي، بعد حقبة من الصراع والمد والجزر لبناء الذات، وتحصين المكاسب، واسترجاع الثقة بالنفس والأهداف والمنطلقات والتوجهات، عامة وخاصة. لقد بقي وضع القطاع على ماهو عليه في هذه الفترة من التحول الديموقراطي، فباستثناء ماتم تبسيطه للحصول على المنفعة العامة للجمعيات، وتعديل قانون حريات الجمعيات، واتساع هامش الحريات والحقوق، بالموازاة بقي المعهد الملكي مغلقا، وتوظيف الخريجين معلقا الى حين، ومحدودية شبكات دور الشباب والحماية والاستقبال والمرأة والمخيمات أمرا واقعيا، ودعم الجمعيات على حالة، وتراجع الأنشطة الرياضية، وبقاء المؤقت على صعيد بعض الجامعات جاثما، والفشل قائما في الترشيحات والاقصائيات القارية والدولية. كما تعمقت الهوة في هياكل القطاع، من خلال فصل الرياضة عن الشباب، واحداث هزة عميقة في الأجهزة، مركزيا واقليميا، حيث تعطلت على الأقل فاعلية الآليات الرياضية، وبقيت حبيسة التناقضات في التدبير والتسيير والأداء، مما انعكس سلبا على المشهد الرياضي، وعلى العكس من ذلك انتعشت صورة قطاع الشباب برفعه عناوين تنشيطية، شغلت على نطاق واسع الرأي العام والمنابر الجمعوية المتابعة للشأن الشبابي من قبيل الجامعات الشعبية وزمان الكتاب والمنتدبات الشبابية حول الديموقراطية، ومسرح وموسيقى وتشكيل الشباب، وبرنامج عطلة للجميع الذي رفع سقف لاستفادة من المخيمات الى 200 ألف من أصل 50 ألفا، والحصول على اعتمادات مالية كبيرة لتغطية محل النفقات، موازاة مع ذلك لم تتحسن تمويلات بقية الأنشطة كدور الشباب والحماية والمرأة وأنشطة الشباب، باستثناء توسع جزئي على شبكات دور الشباب والأندية النسوية بفضل مساهمة الجماعات المحلية والمؤسسات الاجتماعية.