بمناسبة افتتاح الموسم الثقافي برسم سنة 2011 وتحت شعار «من أجل قضاء ضامن للاستقرار ومحفز على الاستثمار» نظمت اللجنة العلمية لمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء يوما دراسيا تحت عنوان مدونة السير على الطرق بين النظرية وإكراهات التطبيق، تميز بحضور جلسته الإفتتاحية كل من وزير العدل السيد محمد الطيب الناصري والكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير عز الدين شريبي والسيد والي المظالم إلى جانب عدد من المهتمين من عالم القضاء والعدالة. بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم شهدت الجلسة الإفتتاحية تدخلات عدد من الشخصيات نذكر منهم كل من الأستاذة بشرى العلوي رئيسة الغرفة ومنسقة اللجنة العلمية، مدير الشؤون الجنائية والعدل نيابة عن وزير العدل، مصطفى فارس الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء، مصطفى مداح الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى، مصطفى التراب الرئيس الأول لمحكمة الإستنئاف بالدارالبيضاء، مولاي عبدالله العلوي البلغيثي الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، عبدالله بوعشرين نقيب هيئة المحامين بالدارالبيضاء، مولاي أحمد السالمي الإدريسي عميد كلية الحقوق بالدارالبيضاء، الداسر محمد عميد كلية الحقوق بالمحمدية. تنوعت المداخلات حسب موقع كل من الأطر المشار إليها سالفا وتميز جلها بالإشارة إلى كون مدونة السير الجديدة قفزة مهمة في مجال التشريع مع الإشارة إلى بعض الإكراهات النصية التي تتطلب مزيدا من الدراسة والتمحيص العلاج لتجاوز ما يمكن أن يعوق تطبيق بعض الفصول ومما أثار انتباه المشاركين هو ما جاءت به كلمة وزير العدل من إشارة إلى كرنولجيا إصدار المدونة ومواكبة وزارة العدل لها من خلال لجنة مركزية خلصت أشغالها إلى صد مواطن قوى ومواطن ضعف النص الكامل للمدونة وتقديم عدد من الإقتراحات. دارت العروض حول قراءة أولية في مدونة السير للأستاذ محمد بالباشي رئيس الغرفة الثانية للتحقيق بمحكمة الإستئناف بالدارالبيضاء، مقاربة تحليلية لمدونة السيد للسيد الممسلومي محمد استاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، المسؤولية في مدونة السير للأستاذ محمد بنعيلو قاضي رئيس قسم القضاء الجنائي الخاص بوزارة العدل، العدالة التصالحية في مدونة السير على الطرق للنقيب الأستاذ عبدالله درميش، الفرص والإكراهات للسيد عزالدين الشريبي رئيس اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير. العروض ما قبل العرض الأخير جاءت جامعة مانعة لفحوى ومكونات المدونة وأشار البعض إلى نماذج من حالات عرضت على أنظار المحاكم، وإلى مقارنات علمية مع نماذج دولية أخرى وخلص الجميع إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوفير الإمكانيات من أجل تجاوز الإكراهات وتحقيق انخفاض لحوادث السير أكثر مما تحقق إلى حد الآن أي 25 في المائة في الشهور الأولى للمدونة مع الإشارة الى الجهود الذي تبذله الدولة في مجال البنية التحتية وبالخصوص الطرق السيارة. السيد شريبي عزالدين، بعد التنويه بالتعاون بين الوزارة وأطر وزارة العدل والعاملين في سلك القضاء من قضاة ومحامين وكذلك التعاون الذي نهجه أطر المراقبة، أشار إلى كون مدونة السير ليست إلا محوراً من المحاور السبعة للمخطط الاستراتيجي الاستعجالي المندمج والتي شرعت فيها الوزارة منذ سنة 2004 المتكون من تنسيق وتدبير السلامة الطرقية على أعلى مستوى؛ التشريع؛ المراقبة والزجر؛ تكوين السائقين وإصلاح نظام امتحان رخصة السياقة، تحسين البنيات التحتية الطرقية داخل وخارج المدار الحضري؛ الإسعاف والتكفل بضحايا حوادث السير؛ التواصل والتربية. تم تحدث عن القانون المنظم لحوادث السير بالمغرب منذ ما قبل الاستقلال إلى 1953 حيث صدر قانون بقي قرابة نصف قرن لتصدر بعده مدونة السير على الطرقات تساير العصر والتي وازتها بعض النصوص التنظيمية وبعد أن تحدث بإسهاب عن المدونة من الناحية التاريخية والنصية وفلسفتها وأهدافها المحددة في توضيح حقوق وواجبات مستعملي الطريق.. نشر ثقافة الاستعمال السليم والمسؤول للفضاء الطرقي؛ محاربة العنف الطرقي؛ ضمان حق الأفراد والجماعات في الحياة والتنقل بأمان وترسيخ مبادئ احترام قواعد السير؛ توفير الشروط الكفيلة بالمحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم أثناء استعمالهم للطريق؛ تأهيل جميع المهن المرتبطة بالسلامة الطرقية؛ تكريس القيم المجتمعية والحضارية النبيلة المتمثلة في المواطنة والتعايش والأمن الاجتماعي ضمن إطار قانوني. وأشار إلى أن مقتضيات مدونة السير تنحصر في8 إجراءات عملية كرخصة السياقة بالنقط؛ الغرامات التصالحية والجزافية؛ تأهيل المراقبة الطرقية؛ السياقة تحت تأثير الكحول؛ المسؤوليات والعقوبات السالبة للحرية في حالة وقوع حوادث السير؛ السياقة المهنية؛ تأهيل قطاع المراقبة التقنية؛ تأهيل قطاع تعليم السياقة. وأشار إلى أن التطبيق السليم لمدونة السير يتطلب بنيات تحتية ملائمة تأخذ بعين الاعتبار مختلف فئات مستعملي الطريق؛ تشوير أفقي وعمودي سليم، مخططات للسير تراعي التوزيع الجغرافي للأقطاب المنتجة والأقطاب المستقبلة للتنقلات، وصيانة طرقية دائمة ومستمرة. ومن أجل ضمان تطبيق شامل وسليم للمدونة تمت عدد من الإجراءات كالتنسيق بين مجموعة من الأقطاب: الدرك الملكي، الأمن، الجمارك، العدل، الخزينة العامة ومراكز التسجيل والمراقبة الطرقية التابعة لوزارة التجهيز والنقل وذلك من أجل تفعيل المساطر الإدارية والتقنية المرتبطة بالمراقبة وتدبير وتتبع المخالفات، كما تم إعداد أنظمة معلوماتية مندمجة من أجل تفعيل مدونة السير وضمان نجاح تطبيقها حيث تم إحداث بنك المعطيات الخاص بمعالجة رخص السياقة وبنك المعطيات الخاص بتسجيل السيارات ورصد المخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة القانونية المسجلة عن طريق الردارات الثابتة وتدبير المخالفات وفق المساطر التنفيذية وتدبير وتتبع رصيد نقط رخص السياقة. تم ضبط وسائل القياس وآليات المراقبة للسرعة، والحمولة، والسياقة تحت تأثير الكحول والمخدرات والأدوية المحظورة أثناء السياقة، وانبعاث الغازات من عوادم العربات، والإنارة وأضواء العربات، وسلامة الإطارات المطاطية للعربات، ومراقبة زمني السياقة والراحة. أما من جانب التكوين فقد استفاد المسؤولون المعنيون بتطبيق بنود القانون بمختلف الإدارات من خلال دورات للتكوين المستمر خاصة بالمستجدات والمساطر التطبيقية وعلى وجه التحديد: استخلاص الغرامات؛ تدبير وتبادل المعلومات في الآجال والجودة المحددة؛ تحسين أداء وعمل الإدارة لضمان حقوق المواطن، وكذلك بالنسبة للسائقين المهنيين والفاعلين في مجال النقل حيث إستفادوا من التكوين التأهيلي والمستمر للسائقين المهنيين؛ والإعداد للاستراتيجية الوطنية للتكوين في مهن النقل والسلامة الطرقية. وتم السهر على تأهيل قطاع تعليم السياقة في مجال التسيير الإداري والبيداغوجي لمؤسسات تعليم السياقة الذي يعهد به إلى مسيرين مهنيين مؤهلين وفقا للشروط المحددة من قبل الإدارة؛ على أن تلتزم هذه المؤسسات بمطابقة برامجها التعليمية للبرنامج الوطني لتعليم السياقة وبمعايير جودة التكوين. وفي معرض حديثه عن الإكراهات فقد حددها فيما يلي: شساعة مجال الإجراءات المتخذة، تعدد المتدخلين والفاعلين المباشرين، مساطر قانونية دقيقة تستوجب تدابير محكمة ومضبوطة، افتقار الجماعات المحلية للإمكانيات للكفاءات البشرية والتقنية اللازمة، وجود اختلالات كبيرة في المجال الحضري، عدم توازن العرض في التكوين الأولى والمستمر مع حجم الطلب، الآجال القياسية المحددة لتكوين السائقين المهنيين، محدودية أعداد المراكز والموارد البشرية المؤهلة في هذا المجال، توفير آليات التمويل، انخراط مقاولات النقل، غياب برنامج وطني محدد للتكوين، خدمات تعليم السياقة لا ترقي في غالبها إلى ما هو مطلوب، افتقار مؤسسات تعليم السياقة إلى القدرات المالية والإدارية والكفاءات التربوية والبيداغوجية اللازمة. ورغم ذلك ونظرا للمجهود الكبير وانخراط مستعملي الطريق من راجلين وسائقين فالنتائج الأولية جد مشجعة فخلال شهري أكتوبر ونونبر 2010 تم تفادي 2813 حادثة جسمانية و 124 قتيل و 345 مصاب بجروح بليغة و 3764 مصاب بجروح خفيفة. والأهم كذلك هو تعبير 70 في المائة من مستعملي الطريق على استعدادهم لتغيير سلوكاتهم بعد اطلاعهم على مقتضيات مدونة السير من خلال البرنامج التواصلي للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير. ومن أجل التصدي للإكراهات أقرت وزارة التجهيز والنقل وباقي القطاعات المعنية مواصلة الإصلاحات والمشاريع والبرامج المسطرة ضمن الاستراتيجية الوطنيةل للسلامة الطرقية؛ مواصلة التعبئة الشاملة والإرادة القوية لدى كل القطاعات من أجل إنجاح ورش مدونة السير؛ إحداث لجنة لليقظة تجتمع كل 15 يوما لتتبع تطبيق مدونة السير تضم كل القطاعات المعنية: وزارة التجهيز والنقل أجهزة المراقبة من درك ملكي وأمن وطني وزارة العدل وزارة المالية وزارة الصحة. بعد انتهاء العروض تدخل عدد من الحاضرين للتساؤل عن عدد من الإجراءات التطبيقية للمدونة من خلال الممارسة الميدانية وتقديم اقتراحات في الموضوع.