شعار المؤتمر يدعونا جميعا إلى الاتسام بمزيد من الصراحة والشجاعة، في التطرق إلى مختلف مظاهر التآمر على وحدة أقطارنا الوطنية انعقدت بالرباط الدورة الرابعة والخمسون لمؤتمر الأحزاب العربية أيام 7-8-9 يناير 2011 تحت شعار : « مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية »، وألقى الأخ شيبة ماء العينيين عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عضو الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية كلمة باسم الأحزاب المغربية المشاركة في الدورة جاء فيها : لسم الله الرحمن الرحيم السيد الأمين العام؛ السادة الوزراء؛ السادة قيادي الأحزاب السياسية؛ السادة النواب المحترمين؛ أيتها السيدات والسادة؛ يسعدنا باسم الأحزاب المغربية المعتزة باستضافتكم، على تعدد طيفها السياسي، والمذهبي، أن أعرب لكم عن خالص الشكر لحضور هذه الدورة الرابعة والخمسين لمؤتمر الأحزاب العربية، والشكر موصول للأمين العام للمؤتمر الأستاذ الفاضل عبد العزيز السيد، ولكافة أعضاء الأمانة العامة، على أن شرفوا بلدهم الثاني المملكة المغربية، باحتضان هذه الدورة في هذا الظرف الدقيق من تاريخ أمتنا المعاصر، المليء بالإكراهات والتحديات المتعددة المظاهر، والمتنوعة المصادر، والمتنامية المخاطر. وإن ما تتميزون به من إيمان راسخ، بفضيلة الاهتمام بقضايا أمتنا، والشعور بهموم شعوبها، ليدعونا إلى الثقة، في أن أشغال هذه الدورة، وما سيتمخض عنها من قرارات وتوصيات، سيشكل إضافة جادة ومسؤولة، على سبيل لفت الانتباه إلى ما يدبره خصوم أمتنا من مؤامرات لعرقلة مسار تحقيق وحدة أقطار الأمة العربية، التي نتشاطر جميعا الإيمان بضرورتها، باعتبارها مطمحا غاليا تنشده شعوبنا، التي فرقت بينها مكائد الاستعمار، ووحدت بينها إرادة التخلص من المحتل، وقدمت في سبيل ذلك قوافل الشهداء الأبرار، وستظل أجيالها المتعاقبة، حريصة على صيانة ما حققته من إنجازات، في وجه ما يدبر من مؤامرات ضد الوحدة الوطنية والترابية لأقطارها. وما ينصب من عراقيل لإعاقة مسارها التنموي، والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وفي هذا السياق، نثمن عاليا مضامين البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الخامس المنعقد بدمشق الفيحاء، والذي رسم معالم الطريق، لما ينبغي أن تنصرف إليه الإرادة المشتركة لأحزابنا، لتحقيق استقلال قرار أمتنا، في غمرة ما يشهده الوضع الدولي والإقليمي من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وبيئية. وإن وعينا بعمق انشغالكم الدائم بكل القضايا الأساسية لامتنا العربية، يجعلنا نراهن على الدور الهام الذي يضطلع به مؤتمر الأحزاب العربية، باعتباره مؤسسة حاضنة، وجامعة، ذات قوة اقتراحية جادة، ورصينة، وهادفة، آملين أن تتسع دائرة أعضائه، وأن تتظافر جهود كل الأحزاب العربية في إطاره، لتوطيد العزم على إنهاض أمتنا من كبوتها، وتخليص مواطنينا من مشاعر الإحباط واليائس. أيها السادة؛ أيتها السيدات؛ إن الأحزاب المغربية، على تعدد مشاربها الفكرية وتلوينتها السياسية، والمذهبية، لتقدر وتكبر موصول مساعيكم الحميدة، والصادقة، والمستمرة في سبيل رسم التوجهات الوطنية، المتعلقة بالقضايا الكبرى لأمتنا، والبحث عن إيجاد أفضل الصيغ الهادفة إلى تقريب وجهات النظر، لحل النزاعات، والصراعات، التي تعاني منها العديد من أقطارنا، وتوسيع دائرة الإشعاع الإسلامي، والعربي، وترسيخ مشاعر الإخاء، رغم التيارات المعاكسة، وما تعرفه علاقات بعض أقطارنا العربية من اختلالات وتوترات، كما تثمن عاليا حرصكم على تحصين وطننا العربي من مؤامرات البلقنة، التي وضع أسسها مخطط (سايكس بيكو) الذي عصف بمشرق أمتنا العربية، ولم ينج جناح أمتنا العربي من تداعياته، إذ استهدف بالخصوص المغرب بمحاولة تفتيت وحدته الوطنية، وتم تقسيم ترابه إلى خمس مناطق نفوذ احتلال أجنبي، لأكثر من دولتين استعماريتين، وناضل من أجل صيانة وحدته الوطنية، وكافح في سبيل استغلاله استرجاع كافة أجزاء أرضيه التي تم تحريرها على مراحل، وعلى امتداد عقود متطاولة ما عدى مدينتي سبتة ومليلية وجزر التابعة لهما، ومازال يتصدى لخصوم وحدته الترابية، ودعاة الانفصال، مقدما في سبيل ذلك مبادرات جادة وصفها المنتظم الدولي بأنها ذات مصداقية وقابلة للتطبيق، وذلك بتمتيع سكان الصحراء بحكم ذاتي في ظل السيادة المغربية، لإنهاء هذا التوتر المفتعل، الذي يعوق مسار بناء المغرب العربي، الذي كان حلما ومازال باعتباره كوحدة إقليمية تشكل لبنة أساسية في بناء الوحدة العربية المنشودة التي نتقاسم جميعا القناعة بضرورة تذليل كل المعوقات التي تعترض سبيلها. أيها السادة؛ أيتها السيدات؛ إننا لجد واثقين، من أن الشعار الذي تنعقد هذه الدورة في ظله: «مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية» يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لأوضاع أمتنا، الشيء الذي يدعونا جميعا إلى الاتسام بمزيد من الصراحة والشجاعة، في التطرق إلى مختلف مظاهر التآمر على وحدة أقطارنا الوطنية ، والترابية، دون إغفال محاولة احتواء تداعيات القضايا الخلافية، والنزاعات العربية البينية، التي يغذيها خصوم أمتنا، كما يتعين علينا تطارح كل قضايا أمتنا، وهموم مواطنينا، وفق رؤيا موضوعية جريئة، مترفعة، تستحضر تاريخ أمتنا المشرق، وتستوعب مظاهر واقعنا الباعث على الانشغال، وتستشرف آفاق مصيرنا المشترك، الذي نبغيه واعدا، باعثا على الأمل، والثقة في المستقبل، لأن الأحداث قد أثبثت أن عدم طرح هذه القضايا بالعمق المطلوب، أو تجاهلها وتحاشي البحث عن حلولها في بيتنا العربي، يشكل أحد عوامل استمرارها، ومظهرا من تجليات عجزنا الذاتي، وضعف العمل العربي المشترك، ودليلا على تحكم إرادة خارجية في القرار العربي، الذي يحرص مؤتمر أحزابنا على مواصلة النضال من أجل استقلاله. وفي هذا الإطار، ينبغي أن يتم خلال هذه الدورة مناقشة التحديات التي تعرفها أمتنا، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها سوء ما تعلق منها بأساليب وآليات تحصين شعوبنا، من بذور الفتن الداخلية التي يحاول خصوم أمتنا زرعها في أوساطنا، وذلك بضرورة التوعية بحتمية الحيلولة دون كل ما من شأنه إثارة النزعات الطائفية، والعرقية، والدينية، والمذهبية، واللغوية، وترسيخ فضيلة التعايش، والتساكن، والتمازج بين مختلف مكونات شعوبنا، والحفاظ على روح التسامح مع أتباع الديانات الأخرى، وخاصة المسيحية واليهودية تلك الروح التي جاء بها الإسلام الحنيف السمح، البعيد عن كل غلو أو تطرف، والتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف مقومات هويتنا الدينية واللغوية. كما ينبغي استحضار أهمية الإصلاح الديمقراطي الذي نعتبره المقوم الحيوي للانخراط الفاعل، بما تعنيه الممارسة الديمقراطية الحقة من إقرار للتعددية السياسية، والتداول السلمي للحكم. واحترام الحريات وحقوق الإنسان والتوزيع العادل للثروة، والتناوب على السلطة وبناء مجتمع المواطنة والمساواة وإنهاء ظاهرة الاعتقال السياسي وإشاعة أجواء الانفتاح السياسي. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة باعتزاز إلى ما راكمته التجربة المغربية من إنجازات ديمقراطية، بالرغم من وعينا بأنها على أهميتها، مازالت دون الطموحات، ويتقاسم كل الفاعلين والشركاء ببلدنا القناعة بضرورة إثرائها، والدفع بها إلى الأمام، وتحصينها من كل انزلاق، أو تراجع، بعد تلاقي إرادة جلالة الملك محمد السادس والأحزاب الوطنية على مسار المصالحة الوطنية ومواصلة الإصلاحات المتعددة الأبعاد السياسية والتنموية، وإعمال المنهجية الديمقراطية التي أوصلت أحزابا كانت لفترات طويلة معارضة إلى تسيير الشأن العام، عبر صناديق الاقتراع، وحققت التناوب الديمقراطي على الحكم. أيها السادة؛ أيتها السيدات؛ لاشك أن أشغال هذه الدورة ستتمخض عن تصور لما ينبغي أن تنصرف إليه الجهود لمواجهة مظاهر وآليات استهداف أمتنا القومي، والتصدي لمحاولة الإجهاز على ما تبقى من أمل في استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة، الذي نجدد التأكيد على ضرورة مواصلة دعمه وإسناد مقاومته، وحث جميع منظماته، وفصائلها، على توحيد صفوفهم لمواجهة العدو المحتل حتى يحرر الشعب الفلسطيني أرضه ويحقق إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. هذا علاوة على ضرورة التصدي العربي الجماعي للتهديدات الصهيونية المتواصلة بالعدوان على لبنان، والدعوة إلى التعجيل بإنهاء احتلال العراق الجريح وصيانة وحدته الوطنية والترابية، حتى يتحقق ما نتشاطره جميعا، من رغبة في الحد من مخاطر المؤامرات الاستعمارية على أمتنا من الخليج إلى المحيط وإزالة كل المعوقات التي تحول دون انطلاق قطار التعاون العربي بالسرعة المناسبة، لمسايرة ما يشهده العالم من تحولات، لما في ذلك من تعزيز لمكانة أقطارنا، ودعم لامتنا العربية حتى نتمكن من ربح رهانات الحاضر والتغلب على تحديات المستقبل وتحقيق طموحات وآمال شعوبنا. علاوة على استمرار معاناة الشعب العراقي، وتهديد وحدته الترابية والوطنية، والتهديدات الصهيونية. هذا علاوة على التهديدات الصهيونية المتواصلة بالعدوان على لبنان وكذا النزاعات الانفصالية التي تهدد أقطارا متعددة في المشرق والمغرب العربيين. وفقكم الله وأثمر مساعينا جميعا لما يخدم مصلحة أمتنا وشعوبنا إن يعلم الله في قلبكم خير يأتيكم خيرا.