صفعة جديدة للجزائر.. بنما تقرر سحب الاعتراف بالبوليساريو    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    لقجع يؤكد "واقعية" الفرضيات التي يرتكز عليها مشروع قانون المالية الجديد    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تنسيق أمني مغربي إسباني يطيح بخلية إرهابية موالية ل"داعش"    كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب        البحرين تشيد بالدور الرئيسي للمغرب في تعزيز حقوق الإنسان    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    السلطات الجزائرية توقف الكاتب بوعلام صنصال إثر تصريحات تمس بالوحدة الترابية لبلده    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    بنما تعلق الاعتراف ب "الجمهورية الوهمية"    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في منتدى فاس حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي
نشر وسائل الإعلام الإسبانية لصور أطفال فلسطين تحريف غير مقبول للحقائق
نشر في العلم يوم 12 - 12 - 2010

أوصى منتدى فاس حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي في موضوع « الدبلوماسية الدينية والثقافية في خدمة الأمن والسلام العالميين دورة علال الفاسي» بإيلاء الأهمية القصوى للنهوض بجامعة القرويين العريقة لما تمثله من رمزية في تاريخ المعارف الإسلامية.
وأكد هذا المنتدى الذي نظم أيام 4/5/6/ /122010 بمدينة فاس تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس وبدعوة من المركز المغربي المتعدد التخصصات والدراسات الإستراتيجية والدولية والجماعة الحضرية لفاس ومؤسسة علال الفاسي وبتعاون مع عدة شركاء مغاربة وأجانب، على أهمية الدبلوماسية الدينية والثقافية كعناصر مكملة للدبلوماسية الرسمية.
وناقش منتدى فاس الذي اختتم أشغاله ببرقية ولاء وإخلاص رفعها إلى مقام جلالة الملك وحضره العديد من المفكرين والأدباء والمثقفين ورجال السياسة في خمس ورشات العديد من المواضيع، كالنقد الذاتي كعنصر محدد في العلاقات الدولية الجديدة: أعمال علال الفاسي كمرجعية، ودور العمل الدبلوماسي في العلاقات الدولية، ومكانة الدبلوماسية الدينية والثقافية في العلاقات الدولية المعاصرة ودور المجتمع المدني في التقريب بين الشعوب والدبلوماسية المشاركة في خدمة السلم والأمن العالميين.
لطيفة أخرباش ، كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية و التعاون:المغرب ساهم في نشر تعاليم الإسلام المبنية على الوسطية والاعتدال
السيد الوزير و الأخ الكريم من جمهورية الغابون الصديقة، السيد الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بتحديث القطاعات العامة، السيد والي صاحب الجلالة ، السيد رئيس الجهة ، السيد رئيس مجلس المدينة، السيدات و السادة السفراء ، ضيوف المغرب و فاس الكرام، حضرات السيدات و السادة:
بكل سعادة و اهتمام أشارككم هذه اللحظة الفكرية الرفيعة التي يستحق منظموها كل التنويه وكل التقدير.
حضرات السيدات و السادة، إن موضوع حوار الحضارات و السلام العالمي ودور الدبلوماسية الثقافية و الدينية في ذلك، وبالنظر لأهميته القصوى ولراهنيته المتجددة يقتضي منا جميعا أن نستلهم منهجية شمولية ونافذة تستجيب للحاجة لهذه الراهنية و لخطورتها ربما.
فإذا أضحت الأجندة الدبلوماسية مشتغلة بشكل مكثف على قضية الحوار والتفاهم الثقافي بكل روافده، فلأن الظرفية الدولية يستبد بها الشقاق و النزاعات وتؤججها نوازع الصراع و الخشية من الآخر و الميل إلى الرفض المطلق و التصادم وممارسة العنف و الإرهاب بمختلف تجلياته الفكرية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية.
كلنا عاين التفاقم المقلق للتقاطبات الثقافية بين المجموعات، بل وبين الجماعات داخل الوطن الواحد، الكل عاين أيضا بروز فاعلين جدد في المشهد الدولي من جماعات دعوية بفروعها المنتشرة عبر العالم ، ظهور جماعات ضغط إيديولوجية تستثمر في الإعلام و تسخر كل إمكاناتها التكنولوجية ، قوى ظلامية هنا و هناك، أيا كانت خلفياتها العقائدية، هذه القوى الظلامية بعضها يحن إلى زمن الكهوف، وبعضها الآخر يتباهى بإهانة الرموز و المقدسات ، بعضها يستبيح دماء الناس ويبتهج بهد العمران ، وكل ذلك بمنهجية تتفانى في تدمير الآفاق الإنسانية الرحبة.
نرى أيضا كيف يعتم على مشاركة المهاجرين في بناء رخاء و قوة دول الاستقبال، كيف يربط بمكر و غلو بين وجودهم و عقائدهم و آفة التطرف و العنف، شهدنا أيضا كلنا ، كيف يستحل تقديمهم ككبش فداء في غمرة الأزمة الاقتصادية و حمأة السباقات الانتخابية.
في هذه اللائحة السوداء يمكننا أيضا و دون أدنى حرج أن نذكر بدعوات البعض الملحة لتضليل الرأي العام و استخدام أكاذيب لإخفاء الحقائق وتشويه الأوطان أو تمادي بعض التيارات السياسية في قلب بعض المجتمعات الديمقراطية أو التي تدعي ذلك، في نسج المغالطات و التلفيق بعقلية استعمارية، كما يمكن أن نضيف إلى هذه اللائحة السوداء أيضا ، انحرافات بعض الجهات الغربية عن الجادة ورضوخها للتعميمات الفورية المكيفة بذوق اصطدام الحضارات مكونة بذلك صوتا مكررا و مضخما لإعلام الكراهية الذي بات يتغذى من خطاب الاستفزاز و الرياء و الاستعلاء.
تنضاف إلى هذه الآفات الآثار الجانبية للعولمة و سلطانها الكاسح، هذه العولمة التي تهدد الخصوصيات حد الإلغاء التنميطي مما يؤجج الخوف من شمولية ثقافية تحيل إلى ثقافة مهيمنة تلغي الثراء الثقافي المتعدد الروافد و المرجعيات.
إن هذه الأخطار التي تهدف إلى استبداد التواصل الثقافي بالترويع الإعلامي و الانتصار لخزعبلات تضاد الإيمان و الكفر، وصراع قوى الاستضعاف و قوى الاستكبار.
تحمل الدبلوماسية ، كما تحمل النخب المثقفة و الفاعلين الإعلاميين و السياسيين مسؤولية مساهمة فعالة مستميتة في إيصال صوت التقارب و التواصل الحضاري عن طريق استنباط قيم التصالح و الإلحاح على ترجيح المواقف التي تقارب المصلحة الإنسانية المتشبعة بفضائل التسامح و السلم و التضامن.
فإذا كانت الدبلوماسية في تعريفها العميق هي السياسة المتبعة بغية تنظيم العلاقات بين الدول، واستباق الخلافات و العمل على حل النزاعات بطرق سلمية، فإن الدبلوماسية الثقافية و الروحية تصبح في هذا الإطار و في سياق مجريات عالمنا اليوم فنا و علما ذا أهمية متجددة.
حضرات السيدات و السادة:
إن تنامي الفعل الدبلوماسي و الثقافي و الديني إنما نتيجة لانصهار العمل الدبلوماسي التقليدي في واقع جديد ، واقع أفرزته المتغيرات الجوهرية التي عرفها العالم إثر اندثار الاتحاد السوفياتي ووقوع أحداث 11 شتنبر و تداعياتها و الثورة التي شهدتها التكنولوجيات الحديثة للإعلام و التواصل. هي إذن استجابة لمقاربة جديدة و متجددة للأحداث يتعامل معها ضمن نسق عالمي علاقاتي متحول بحكم تزايد الإحساس بالترابط و بتداخل المصائر بين الشعوب و الأمم.
ونظرا لتعدد بؤر التوتر و لتطاحناتها التي غالبا ما تكون ذات خلفيات دينية و عرقية ، فقد اغتنت إذن كما شاهدنا جميعا الأجندة الدولية بعدة مواعيد قارة و بفضاءات متعددة الأطراف همها العمل السياسي و الدبلوماسي للتقريب بين الثقافات و مأسسة الحار الديني على المستوى الدولي، حتى إن قمة مجموعة العشرين التي عادة ما تعنى بالقضايا الاقتصادية الكبرى، دعت هي أيضا في إحدى اجتماعاتها الأخيرة إلى التفكير في الرهانات الدينية على الرقعة السياسية الدولية.
وبطبيعة الحال هناك من يحاول أن ينوء بهذا المنحى ، بمنحى الدبلوماسية الدينية و الثقافية عن مقصده النبيل ليسعى إلى استغلال هته الآلة في بسط هيمنته الثقافية و تعريض التعددية الثقافية التي هي إحدى ضمانات غنى الحضارات الإنسانية للخطر، أو إلى تشويه صورة الآخر ليتخذه عدوا و ليجعل من إذكاء الكراهية نحوه عاملا لتعبئة اجتماعية شعبوية و داخلية.
حضرات السيدات و السادة:
لقد شكل احترام التعدد الثقافي و تعدد الديانات منذ أقدم العصور أحد مكونات ثقافة وهوية المجتمع المغربي ، فأصبح هذا الإرث مكمن قوة المملكة المغربية و مصدر إلهام لالتزاماتها الراسخة و دفاعها الدائم عن الحوار بين الثقافات و الحضارات و الديانات.
إن دور مؤسسة كمؤسسة إمارة المؤمنين هو الضمان الفعلي لنهج يرسخ الوسطية و الاعتدال والتعايش ولتحصين الأمن الروحي للشعب المغربي، وذلك على امتداد مر التاريخ.
أقول، دور إمارة المؤمنين، ساهم بشكل كبير في إشعاع الدبلوماسية الدينية المغربية، وساهم أيضا في نشر تعاليم الإسلام في عدة بقاع من هذا العالم، وذلك في ارتكاز على هذه الوسطية والاعتدال، وهو ما يبدو واضحا للعيان في القارة التي تنتمي إليها، القارة الإفريقية. وقد مكن ذلك المغرب من أن يتوفر على رصيد ديني وعلى صدقية وعلى إشعاع روحي متين لدى شعوب ودول المنطقة.
فلسفة وعمق ومرتكزات الإصلاح والتأهيل التي شهدتها السياسة العمومية في بلادنا قوت أيضا مصداقية المغرب كفاعل يساهم في مجهود المجتمع الدولي في ترسيخ الحوار الثقافي وفي تثبيت دعائم التعايش بين الأفراد بين الجماعات والأمم.
بطرق عدة ما فتيء المغرب يعمل من أجل مد جسور التقارب والتفاهم هته، وتعزيز السلام ولكن أيضا وهذا مهم جداً، خدمة للأمن وخدمة للتنمية وهناك علاقة جدلية بينهما.
كل ذلك طبعا في إطار رؤية استراتيجية متشبعة بمبادئ الحداثة والحوار والتسامح تطبيقا لتوجيهات أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي يقوم بتعبئة لافتة ولحشد الدعم أيضا بصفته رئيسا للجنة القدس للحفاظ على الهوية الحضارية لمدينة القدس الشريف كرمز لتساكن الأديان.
من جهة أخرى، وانطلاقا من هته القناعة الراسخة، دعم المغرب عدة مبادرات شجاعة ومسؤولة، منها، وسأكون زاهدة في ذكر الأمثلة احتراما لوقتكم، لكن مهم جداً أن نستحضر بعض الأمثلة لهته المبادرات التي انخرطت فيها بلادنا ودعمتها.
نذكر إذن عقد أول مؤتمر عالمي للأئمة والحاخامات ببروكسل عام 2005، حيث أكد جلالته في رسالته الموجهة للمؤتمرين «إن من أوجب الواجبات اليوم السعي الجاد والحثيث لاستنقاذ إسم الله وكلمات الله من الارتهان في حوزة الذين لا يحسنون، الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار، الذين صيروا أنفسهم في خدمة اللا تسامح والعنف، وأحيانا كثيرة في خدمة الإبادة والموت، عن طريق الاستعمال الأحادي المزاجي غير الحقيقي للهدي الإلهي، من أوجب الواجبات اليوم، يقول صاحب الجلالة، أن نسترجع اسم الله، ونسترجع كلمات الله، ونعيد تحليتها بحمولتها الحقيقية الأصلية التي تنطوي على قيم الاستماع المتبادل، والحوار والتزكي والنماء التي وجهت البشرية نحو الأنوار في فتراتها الوضيئة التي تحفظها ذاكرتنا الاجتماعية. انتهى كلام صاحب الجلالة.
وما استضافة المغرب في يونيو 2005 للمؤتمر الدولي حول حوار الحضارات والذي تبنى إعلانا مهما اسمه إعلان الرباط، والذي أطلق مبادرات ملموسة ومتواصلة من أجل تعزيز حوار الثقافات والحضارات سوى تأكيد آخر على نهج المملكة المغربية الثابت وإيمانها الراسخ بنجاعة، بل وبضرورة هذه المبادرات. وعلاوة على دعم مثل هذه المبادرات، ورغبة منه في تأسيس حوار جاد بينها وبين الأديان. اقترح المغرب على المجتمع الدولي في عدة مناسبات منها مثلا القمة العربية المنعقدة بالخرطوم سنة 2006، اقترح المغرب وضع ميثاق دولي يحدد قواعد الملاءمة بين حرية التعبير والرأي وبين احترام المقدسات الدينية والمعتقدات الروحية لكل الشعوب.
يعتبر أيضا المغرب أن رابطة الحضارات يمكنها أن تقوم بدور تكميلي لجهود الأمم المتحدة في تسوية الخلافات وتعزيز السلام خاصة في المناطق التي تشهد، وما أكثرها، نزاعات عرقية أو دينية.
وإن الإسهام الذي يمكن أن تقدمه هذه الرابطة في إطار تشجيع الحوار بين الأديان هو أمر ضروري لمواجهة تصاعد ظاهرة التخويف من الإسلام وهو دين يحض على السلام. ولا بأس أن أشير هنا إلى انخراط المغرب في بلورة هذه المبادرة الأممية، مبادرة رابطة الحضارات وذلك منذ تبنيها، حيث اعتمد مخططا وطنيا أشرفت على تهييئه وزارة الخارجية والتعاون وفق منهجية تشاركية ساهمت فيها عدة وزارات وعدة فعاليات من المجتمع المدني.
سيداتي وسادتي.
بما أن الحوار بين الأديان متجذر في تقاليد المغرب ونظامه الخاص بالحكامة الدينية فقد وظفت المملكة كل جهودها بشكل إيجابي وفعال من أجل سياسة داخلية وخارجية على جعل الحوار بين الأديان مسار عمل وسلوك، يتم ذلك طبعا في إطار استراتيجية وطنية حقيقية لتعزيز التنوع الثقافي والالتزام الدولي لمناهضة جميع أشكال التطرف ورفض الآخر.
وجب علينا في الأخير، أن نميز بين الدبلوماسية الدينية والثقافية بمعناها الفاضل، وبين استراتيجية وخطط فتح الأذهان وتأليف القلوب واستعمال العقليات، إذ لا يعقل أن تكون الدبلوماسية الدينية مستوحاة من القيم المثلى التي تحدث عنها الجميع هنا وأن تبث في الوقت ذاته نزعة التفرقة وزعزعة الأمن الروحي اللذان يهددان السلام، أو أن تنتقل من جسر تواصلي إلى حملات للغزو وسلب حقوقه مسخرة في ذلك ما ينسب إلى دين بعينه.
حضرات السيدات والسادة...
مصائرنا مشتركة والغاية المثلى التي يتعين السعي إلى تحقيقها هي مسألة حسن تدبير الاختلاف، والإيمان بالتنوع والتعدد بحيث يحق لكل واحد منا أن يعتز بهويته ومعتقده وثقافته وتراثه، فالكل في المنتهى يصب في زخم الموروث الإنساني المشترك في تراكم ناجح يتجه نحو خط إنساني شامل وجامع يؤدي بدوره إلى تحقيق السلام والتنمية وما يتصل بهما من غايات كونية مأمولة مع وعي بالذات ووعي بالآخر، ودون أن تترتب عن ذلك ميول نحو الهيمنة أو التسلط أو التدمير، هذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجهنا من أجل إقامة تحاور سليم. نحن نحتاج إلى أخلاقيات الحوار، بعيدا عن الاستعلاء والرفض المسبق والمطلق بوهم المعتقد، أو عقيدة مغشوشة إلى حيث يعلو صراخ التطرف على صوت الاعتدال وتجنح الرؤية نحو التشدد والتعصب ويتعطل العقل ليركن إلى الجمود ويخلد إلى راحة مزيفة وخطيرة قوامها انهزامية مذنبة وعنوانها: الجحيم هو الآخر.
البيان الختامي لمنتدى فاس حول تحالف الحضارات: الحرص على أن تضطلع الدبلوماسية الدينية والثقافية بمزيد من الأدوار في حل المشاكل والأزمات
إن المشاركين في المنتدى الدولي حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي في موضوع الدبلوماسية الدينية والثقافية في خدمة الأمن والسلام العالمين دورة سيدي علال الفاسي أيام 4 5 6 دجنبر 2010 تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وبدعوة من المركز المغربي المتعدد التخصصات والدراسات الإستراتيجية والدولية والجماعة الحضرية لفاس ومؤسسة علال الفاسي بتعاون مع عدة شركاء مغاربة وأجانب يقدمون جزيل شكرهم لجلالة الملك محمد السادس رعاه الله ولسلطات المحلية ولكل المنظمين علي حفارة الاستقبال وكرم الضيافة حيث التقى في هذا الملتقى صفوة من رجالات الدولة والعلماء والمفكرين والأدباء ورجال السياسة وممثلي الديانات والمجتمع المدني والمؤسسات والمنظمات الدولية من العديد من البلدان، حيث ناقشوا في خمس جلسات عامة مختلف جوانب الموضوع، وافقت مختلف التحاليل والآراء والمناقشات مختلف وجهات النظر إلى التوصيات التالية.
أولا. يوصي المشاركون بإيلاء الأهمية القصوى للنهوض بجامعة القرويين العريقة لما تمثله من رمزية في تاريخ المعارف الإسلامية وما تكثره من ضمانات منهجية في تكوين قيادات عليمة وسطية نافعة محليا وإقليميا وجهويا وكونيا.
ثانيا: التأكيد على أهمية الدبلوماسية الدينية والثقافية كعناصر مكملة للدبلوماسية الرسمية ومتكاملة معها، والحرص على أن تضطلع الدبلوماسية الدينية والثقافية بمزيد من الأدوار في حل المشاكل والأزمات ومواجهة التعقيدات في العلاقات الدولية وتفعيل دور الإعلام والرأي العام بهذا الصدد.
التأكيد على أن السلم والأمن والتفاهم بين الشعوب لا يمكن أن يتحقق إلا باحترام الآخر والتزام الموضوعية في نقل الأخبار وتناولها وضرورة التشبث بقواعد حسن السلوك وأخلاقية مهنة الإعلام. وفي هذا الإطار فإن قيام بعض وسائل الإعلام الاسبانية ينشر صور لأطفال فلسطين انتهكت حرماتهم من طرف الإسرائيلي على أنهم ضحايا التدخل السلمي والمشروع للقوات العمومية المغربية في العيون يعتبر تحريفا غير مقبول للحقائق وجريمة في حق الأطفال الفلسطينيين وجميع أطفال العالم وخرقا سافر لأبسط قواعد مهنة الصحافة.
أهمية بلورة دبلوماسية دينية تلهم الشعوب نحو التحرك الايجابي المشترك، وضرورة تفعيل الدبلوماسية التكاملية في حل النزاع العربي الإسرائيلي وذلك بإقامة دولة لشعب فلسطيني على غرار باقي شعوب دول العالم وعاصمتها القدس الشريف.
ويشيد المنتدى بدور جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس الشريف بجهوده الدائمة لإيقاف الحملة الشرسة التي تعرضت لها مدينة القدس من تهويد واستيطان وهدم المنازل وتهجير المقدسين بالقوة مع التأكيد على محورية مدينة القدس بالنسبة للديانات الثلاث بعيدا عن الإقصاء والهيمنة من طرف دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويناشد المنتدى منظمة اليونيسكو لتفعيل دورها في الحفاظ على ارث الشعوب الواقعة تحت الاحتلال خاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أهمية الاستفادة من الجاليات الإسلامية في الخارج لدعم سبل وقنوات الدبلوماسية الدينية والثقافية لخلق روح تفاهم أفضل للحوار بين الحضارات والثقافات والشعوب والمجتمعات في الساحة الدولية، كما يناشد المنتدى الجهات المعنية بالثقافة على أن تعمل من أجل إنشاء مرصد ثقافي يكلف بمهمة ترجمة الأعمال الثقافية ذات الأهمية في إطار التفاعل الحضاري والثقافي.
ويدعو إلى المزيد من فعالية المشهد الإعلامي وذلك بإنشاء القنوات التقريبية بين الثقافات والحضارات والشعوب.
مناشده مجالس السفراء واللجن المتفرعة عنها بتفعيل نشاطاتها وتحركاتها في إطار حوار الحضارات والدبلوماسية الثقافية والدينية في تدعيم دبلوماسيتها السياسية بما يحقق دعم المصالح العليا على الساحة الدولية للشعوب المظلومة. مناشدة كافة الدول والمنظمات والأفراد الفاعلين والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام للابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى الأديان والرموز الدينية الشيء الذي يعمق الخلاف ويغذي روح الكراهية عوض التلاقي والتسامح بين مختلف الحضارات والثقافات والأديان التأكيد على أهمية الاستفادة من وسائل الإعلام والتقنية المتقدمة كمصادر للمعلومات في إطار دعم قنوات الدبلوماسية الدينية والثقافية ومواجهة الأفكار السلبية المترتبة عن عالم العولمة والأزمة الاقتصادية، المالية العالمية.
ويشيد المشاركون في الختام بمنتدى فاس السنوي حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي ويطالبون بجعله سنويا لكونه أصبح منارة علم ومحطة للحوار والنقاش البناء حيث تعتمد إعلاناته ومنشوراته كمرجع فكري ومؤسساتي في أنحاء المعمور ويقترحون دمج هذا المنتدى مع منتدى فاس حول المتوسط في السنة المقبلة وتخصيصه لموضوع حماية البيئة والشباب خدمة للسلم وحفاظا لمستقبل البشرية والتنمية المستدامة لجميع الأجيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.