عقدت محكمة الاستئناف بالرباط يوم 6 أكتوبر 2010 مائدتها المستديرة الثانية حول: مستجدات مدونة الأسرة وتطبيقاتها العملية تحت رئاسة الأستاذ إدريس بلمحجوب رئيسها الأول بحضور الأستاذ حسن العوفي الوكيل العام للملك بنفس المحكمة ورؤساء الغرف بالمجلس الأعلى الأساتذة: إبراهيم بحماني، وزهور الحر، وحسن منصف، ورؤساء المحاكم الابتدائية ووكلاء الملك التابعين لنفوذ هذه المحكمة ورؤساء أقسام الأسرة وبعض القضاة والقاضيات بمحكمتي الاستئناف بالرباط والدار البيضاء . وأكد الأستاذ بلمحجوب على أهمية هذه المائدة من أجل التواصل وتوحيد الاجتهاد القضائي، موضحا أن مدونة الأسرة نتاج فكري خلاق، اقتضته الظروف المستجدة التي عرفها المغرب، كما أنها تجسد الإرادة الملكية التي أبدعت فكرا قانونيا مهد لإقلاع مجتمع حداثي قائم على قواعد المعاصرة ومحافظ على الأصالة وحقوق الطفل، مع توسيع حقوق المرأة، والنيابة العامة كطرف رئيسي ، مشيرا إلى أن المدونة رسخت اجتهادات قضائية كان معمولا بها، واعتمدت على مبادئ مستمدة من المذهب المالكي وقيم العدل والمساواة، مؤكدا على ضرورة حسن تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة للرفع من النجاعة القضائية والإسراع بالبت في القضايا، وإعلاء لواء الحق لكون المطلوب هو الإصلاح الشموملي والعميق للعدالة، كما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20 غشت المجيدة. من جهته ذكر الأستاذ فرشادو رئيس قسم قضاء الأسرة بالرباط بأن مديرية الشؤون المدنية حثت على إجراء لقاءات بين رؤساء أقسام قضاء الأسرة للتداول بشأن الإجراءات القانونية اللازم اتخاذها للبت في قضايا الأسرة، ونشر ما اتفق عليه، وأن أول إشكالية طرحت على أقسام الأسرة هي كيفية تمثيل النيابة العامة، فتم الاتفاق على أن تحضر النيابة العامة بالجلسة أو بملتمسها الكتابي، ثم تطرق إلى مفهوم استقلالية قضاء الأسرة واختصاص القسم للبت في القضايا الاستعجالية المتعلقة بالأسرة، وكذا إشكالية عقود الزواج المبرمة من طرف المغاربة في الخارج، وأكثرها عقود مدنية، تعرض على قسم قضاء الأسرة بالرباط من طرف وزارة الخارجية. وبمبادرة من هذا القسم أنجزت سجلات خاصة لتضمين هذه العقود، متسائلا: هل يحق لهذا القسم تسليم نسخة من عقود الزواج المدنية؟ وهل لهذه السجلات صفة قانونية؟ خاصة أن قسم الأسرة بالرباط صار يسلم نسخ منها؟ وأشار المحاضر إلى أن الإدارات لاتقبل بنسخ الأحكام لإثبات الطلاق، حيث صار العدلان يقومان باستنساخها في رسم عدلي، مؤكدا على ضرورة التوافق على عنوان واحد لهذه الرسوم، بينما المادة 241 من المدونة التي تقضي بأنه لايفتح ملف النيابة الشرعية إلا إذا تعدت أموال المحجور 200 ألف درهم، لكن الأبناك والمحافظات العقارية تطلب إذنا قضائيا من أجل الحصول على قرض أو لتسجيل بيع أو تصرف لفائدة القاصر، ولو كانت القيمة المالية أدنى من المبلغ المذكور، مما يتعين معه على جميع أقسام الأسرة إيجاد حل موحد لهذا الإشكال، وبالنسبة للمادة 16 من المدونة، فإن كثيرا من الأقسام تلزم الطرفين بإجراء بحث والإدلاء بوثائق لاداعي لها رغم أن الزواج وقع مثلا منذ عقود وللزوجين أطفال، وارتأى الأستاذ فرشادو أنه يجب التيسير في هذه المسطرة، مختتما تدخله بالتطرق من جهة للمادة 16 من ظهير الأطفال المهملين، مطالبا بإعادة صياغتها، كما أشار من جهة أخرى إلى أنه يمكن إصلاح عقود الزواج عن طريق تضمينها كون حالة الزوج عازب أو مطلق، لأن جهات أجنبية تطالب بذلك. وتوالت مداخلات كل من الأستاذ الصبان رئيس قسم قضاء الأسرة بسلا ورئيس قسم قضاء الأسرة بالخميسات، والأستاذ إبراهيم بحماني رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث بالمجلس الأعلى والأستاذة زهور الحر وحسن منصف رئيسا غرفة بذات المجلس بشأن جملة من الاشكالات من قبيل ضرورة توحيد الاجتهاد القضائي في موضوع الوكالة في دعوى الطلاق مثلا ومدى اعتبار العمل المنزلي في نظام السعاية، والتناقض الحاصل بين المادة 26 من مرسوم 9 / 10 / 2002 المتعلق بظهير 10 / /3 2002 الذي يهم الحالة المدنية وعلاقة ذلك بالمادة 68 من مدونة الأسرة، فضلا عن إشكالية تقديم المرأة طلب تزويج قاصر، وعدم وجود داعي لتضمين الأحكام المتعلقة بالطلاق والتطليق في رسوم عدلية، إضافة الى اكتشاف حكم لمحكمة موضوع قضى بالمتعة لزوجة ضبطت في حالة تلبس بالخيانة الزوجية... إلخ. كما تطرق الأستاذ رشيد جباني، قاضي بابتدائية الخميسات في محور: «إثبات النسب للشبهة»، والأستاذ ربيع العربي لموضوع: «حق الكد والسعاية وفق العمل القضائي»، والأستاذ نور الدين الواهلي ل: «نماذج من تطبيقات مستجدات المدونة بالمحكمة الابتدائية بالرماني»، والأستاذ عبد العالي خضار ل: «دور النيابة العامة أمام قضاء الأسرة»، والأستاذة مارية أصواب لموضوع: بعض إشكالات الأحكام في مجال القضاء الأسري». وتطرق رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط في كلمته إلى مقتضيات المادة 121 من المدونة ثم المادة 191 من نفس القانون موضحا أن استصدار أحكام بالحجز على الراتب يكون بمقتضى أحكام استعجالية، وأن تقدير النفقة يخضع للسلطة التقديرية، إلا أن بعض الأطراف تلجأ للقروض لتخفيض قيمة الأجر بسوء نية غالبا، لذا يجب اعتماد مبلغ الأجر بكامله، دون اعتبار قيمة القروض عند تحديد النفقة، بينما تناول الأستاذ عبدالرحمان البدوي نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرباط عناصر جنحة إهمال الأسرة لعدم الإنفاق، مؤكدا على ضرورة توفر الركن المعنوي لهذه الجريمة، في حين أوضح الأستاذ رشيد مشقاقة رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالرباط أن المادة 45 تنص على أنه تُحول دعوى التطليق للشقاق إذا تمسك الزوج بطلب التعدد ورفضت الزوجة، متسائلا: كيف يمكن للقاضي أن يفهم أن للزوجة أن تطلب التطليق للشقاق. وأشار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط في كلمته الأخيرة إلى التعديل الذي طرأ على المادة 179 من قانون المسطرة المدنية الخاص بالنفقة المؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر، مذكرا أنه يجب التعامل مع مبدإ «الكد والسعاية» وفق شروط طالما أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، وبأنه يمكن الاتفاق بين الزوجين بشأن تدبير المال المكتسب أثناء قيام الزوجة خصوصا أن العدلين يقومان بالإشعار، كما يتعين التقليل من الأحكام التمهيدية القاضية باللجوء للخبرة إلا عند وجود نقطة تقنية يستعصى على القاضي الإلمام بها.