بوريطة يؤكد أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية    أخنوش :انتقاء مستثمري الهيدروجين الأخضر يبشر بدينامية "واعدة" تنسجم مع رؤية جلالة الملك    رسميًا.. إعلان موعد إقامة بطولة كأس العرب 2025    أمن طنجة يحبط محاولة تهريب أزيد من خمسة أطنان من المخدرات بضواحي مولاي بوسلهام    حملة مراقبة تغلق محلَّات تجارية في شفشاون وتحجز حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    "القسام" تلتزم باتفاق وقف الحرب    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع حصص الدعم الغذائي على أهالي القدس بمناسبة شهر رمضان    الحكومة تصادق على تنظيم جمع التبرعات من العموم    المغرب يستضيف دوري دولي في "الفوتسال" بمشاركة أربع منتخبات    أسعار الخضر تواصل الارتفاع في شهر رمضان.. الفلفل يتجاوز 16 درهما والطماطم تستقر في 10 دراهم    امطار غزيرة تغرق شوارع بمدينة بني بوعياش (فيديو+ صور)    المغرب يشهد تساقطات مطرية مهمة في بعض مناطقه    مونديال 2030 .. هذا ما تم رصده لتعزيز الربط الطرقي للمركب الرياضي بفاس    انطلاق حملة الإفطار المغربية الإماراتية تحت رعاية قائدي البلدين    سلسلة 'صلاح وفاتي' تتصدر المشهد على القناة الأولى وتحقق رقما قياسيا في نسبة المشاهدة    حادثة سير خطيرة تتسبب في وفاة 3 أشخاص بالقرب من مدينة سلا    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع وضعية الطفلة المعتقلة ويدعو لعدم نشر صورتها    ممثل البنك الأوروبي للاستثمار يشيد بالتقدم الملحوظ للمغرب تحت قيادة جلالة الملك    بايتاس: 12 ألف منصب شغل مرتقب في منطقة التسريع الصناعي ببن جرير    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الفنان ابراهيم الأبيض يطل علينا باغنية "أسعد الأيام" في رمضان    مرصد: مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالمملكة تسجل 2,04 مليون ليلة مبيت    بايتاس يطمئن المغاربة بشأن مراقبة المواد الأساسية ويؤكد على الوفرة في المنتجات    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن -06-    مانشستر يونايتد يدخل التنافس على خدمات نايف أكرد    "الفيفا" يدرس توسيع كأس العالم لكرة القدم لتضم 64 منتخبا    قمة الدول العربية الطارئة: ريادة مغربية واندحار جزائري    السلطات تمنع تنقل جماهير اتحاد طنجة نحو فاس لمؤازرة فريقها أمام "الماص"    جون ماري لوكليزيو.. في دواعي اللقاء المفترض بين الأدب والأنثربولوجيا    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    إيرلندا تدعم جهود المبعوث الأممي    الكاف: إبراهيم دياز السلاح الفتاك لأسود الأطلس وريال مدريد!    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    شركة لإيلون ماسك تفاوض المغرب لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في الصحراء المغربية    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقعات نشاط قطاع البناء بالمغرب    الملك يهنئ رئيس غانا بالعيد الوطني    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    الدريوش.. المحكمة الإدارية تقضي بتجريد 9 أعضاء بجماعة بن الطيب ورئيس وأعضاء بجماعة أزلاف    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    الفاتنة شريفة وابن السرّاج    السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    كأس العرب قطر 2025 في فاتح ديسمبر    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب ذات استقلالية القرار
نشر في العلم يوم 17 - 11 - 2010

يحظى المغرب بأزيد من خمسة وثلاثين حزبا، وهو ما يفيد أن المغرب ينهج تعددية سياسية فتية، عملا بقانون الحريات العامة الذي صدر في عهد الوزير الأول الأستاذ بلافريج الأمين العام لحزب الاستقلال بتاريخ 11 نونبر 1958، وهي تعددية تهم حتى الهيئات النقابية والمهنية والمجتمع المدني، دون إغفال أن هذه التعددية لم تأت نتيجة مخاض ولادة طبيعية،بل بتدخل فوقي يروم تكسير وحدة الأحزاب الوطنية القوية.
لقد ساهمت كل من فرنسا وجهات سلطوية داخلية في خلق تشكيلات سياسية هجينة في ظرفية عودة الملك الشرعي من المنفى إلى فرنسا، وذلك لإقحامها في كطرف فاعل في اتفاقيات «إيكس ليبان»من جهة،وللدفع بها رغم افتقادها للشرعية الشعبية إلى المشاركة في حكومتي البكاي الأولى والثانية،وفي المجلس الوطني الاستشاري «كبرلمان مؤقت»، مضايقة لحزب الاستقلال الذي كان من المفروض أن يقود بصفته قائد الحركة الوطنية ومحرر الوطن العمل الحكومي في البلاد بجانب جلالة الملك، دون إغفال السعي الحثيث إلى تشتيت الحزب بصنع قوى مضادة من الأعيان والخونة مستنبتة بالبوادي.
إن التشكيلات السياسية سرعان ما اندثرت لتبقى في المشهد السياسي الجنيني بعد الانتخابات التشريعية الأولى فقط حوالي ثلاثة أحزاب سياسية أو أربعة، اثنتان في المعارضة واثنتان مواليتان،مما كان يبرز أن في البلاد قوى سياسية لها سلطة واستقلالية القرار وعلى رأسها حزب الاستقلال،وأخرى بالرغم من تأسيس التجمع الحزبي:» الفديك « بقيت رهن إشارة النظام السائد، حيث نظرا لكونها فاقدة للشرعية والمشروعية تبقى في قاعة انتظار الأوامر العليا،حتى من كبار ضباط الجيش بقيادة الجنرال أوفقير، الذين اقتحموا غمار السياسة تكسيرا لشوكة قوة ونفوذ الحزبين الوطنيين أعلاه.
إن المشهد السياسي يبرز اليوم مرة أخرى أن بالرغم من الكم الهائل من الأحزاب، من الصعب اعتماد معيار مذهبي أو فكري للتمييز فيما بينها ،كأحزاب يمين ويسار أو ليبرالية واشتراكية أو وطنية وإدارية، بل بعد ميوعة العمل الحزبي وحربائيته وافتقاده للمصداقية يستحسن تصنيفها إلى نوعين،إما إلى أحزاب مستقلة القرار وإما إلى أحزاب فاقدة لسلطة القرار السياسي،وهو ما يبدو واضحا في الظرفية الحالية ويفسر تلاعبات بعض الأحزاب السياسية بقفزها على الحواجز ابتغاء الوصول إلى الحكومة، حتى وإن كان على حساب مبادئها وقرارات مناضليها ومواثيقها مع غيرها.
أمام مشهد حزبي مائع من أحزاب سياسية ضعيفة وهشة يرفض البعض إضفاء الصبغة الحزبية على هذه التجمعات السياسية، لكونها مستنبتة في مكاتب مغلقة على الورق،تفتقد الشرعية الشعبية ومقومات المؤسسة الحزبية الحقيقية بدون مؤتمرات وهياكل وفروع حزبية وبدون ديموقراطية داخلية وبدون منخرطين، مهمتها المكوث في قاعة الانتظار كوعاء مستقطب للتكنوقراط والأعيان وأداة طيعة لصانعيها تنتظر صدور التعليمات للتحرك يمينا أو شمالا.
لقد برز اليوم أن هذه العينة من الأحزاب غير المستقلة في سلطة القرار هي في تزايد مستمر على الساحة السياسية، حيث بعدما كان الجميع يشهد بأن أحزاب الكتلة الديموقراطية هي الأحزاب الوحيدة التي بقيت محتفظة بسلطتها في إصدار قراراتها، بدأ رجال الفكر السياسي يغيرون مواقفهم تجاهها بعد بروز صراع فيما بين أجنحتها وصولا إلى كرسي الوزارة الأولى والتنكر لميثاق الكتلة بالبحث عن تحالفات هجينة مع أحزاب يمينية فاقدة لسلطة اتخاذ القرار، تلقت أمر الدخول في تحالف ما لتشكيل حكومة اليوسفي ومع إدريس جطو لتشكيل حكومة محايدة.
منذ إعلان الأستاذ اليازغي عن أن حزب الاستقلال ليس في أجندته السياسية أثناء إبرام التحالفات مع اليمين تشكيلا لمشروع حكومة 2002 قبيل ظهور حكومة جطو، برز بشكل واضح التنكر لميثاق الكتلة الديموقراطية، وبرز النفاق السياسي الجارف مرة بمداراة أحزاب الإدارة ومخاطبة ودها،ومرة بمداراة حزب العدالة والتنمية،ثم مرة ثالثة بنفاق سياسي مفضوح من خلال مجاملة حزب الوافد الجديد المكروه والمندد به،مما فقد معه العمل السياسي صفاءه وعذريته، ونفّر المناضلين والمتعاطفين والمواطنين من العمل السياسي بالعزوف أكثر فأكثر وفقد الثقة حتى في بعض أحزاب الكتلة التي تنكرت لمبادئ التقدمية والديموقراطية، همّها اللهث وراء كراسي الحكومة ولو بالتحالف مع الشيطان.
إن افتقاد معظم أحزابنا المغربية لسلطة إصدار القرار جعلها فاقدة لملكة الاجتهاد بإبداع مواقف سياسية جريئة،فتبقى في انتظار صدور قرار فوقي جريء من جلالة الملك مثلا، لتطبل له وتصفق دون التجرأ على إصدار موقف وطني شجاع منها هي أيضا، وهذا ما برز بوضوح حينما أبتكر جلالته المفهوم الجديد للسلطة ومفهوم الحكم الذاتي وفكرة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومفهوم الجهوية والمفهوم الجديد للشأن الديني وتعديل مدونة الأسرة وفكرة المغرب الأخضر والميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وغيرها،فهل أحزابنا عاقر إلى هذا الحد لتبدع بدورها في المجال التنموي السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟
بعد افتقاد أحزاب اليمين لسلطة إصدار القرار بقي معولا فقط على بعض الأحزاب الوطنية الديموقراطية،التي من الممكن أن تعتمد فقط على أجهزتها التقريرية في أصدار قراراتها،مما يجعل الأفق السياسي غامضا لأحزاب الكتلة ،وينبئ بأن انتخابات 2012 ستكون نتائجها غريبة الأطوار وحكومتها أكثر غرابة،حيث يبدو منذ اليوم أن الدولة تسعى إلى تحديد معالم خريطة انتخابية محددة وإلى تشكيلة حكومية جامعة لتجمع حزبي هجين بين أربعة أو خمسة من الأحزاب الأشقاء الأعداء.
إن نهج الدولة عملية الكيل بمكيالين تجاه بعض الأحزاب السياسية الجديدة والضغط على العديد من الأطر والأعيان بالهجرة القسرية للوافد الجديد سيزيد الطين بلة،حيث سيعمل على إضعاف الأحزاب السياسية وينخرها من الداخل، وبالتالي لن تجد معه الدولة مستقبلا حزاما لسلامتها بعد إضعاف الأحزاب وتنفير قواعدها ومناضليها منها،ما دامت تطبخ قراراتها في مطبخ الدولة وليس في دواليب أجهزتها ومناضليها.
إن المغاربة يتطلعون إلى أحزاب سياسية قوية متجذرة في الشارع، ويتطلعون إلى أحزاب تنصت إلى ضمير مناضليها وليس إلى ضمير منفصل أو مستتر، حيث منذ أن غزا الأعيان والبيروقراط هذه الأحزاب السياسية وتسلطوا على لوائحها البرلمانية وكراسي الوزارة باسمها، أصبحت أحزابا منخورة من الداخل، تخضع لضغط هذا اللوبي الجديد الدخيل والمدسوس،وليس إلى قرارات أجهزتها التنظيمية،إلى حد تتخوف معه قيادتها إلى استصدار قرار يقلق جهات عليا.
إن سلطة واستقلالية الأحزاب في اتخاذ القرار تتطلب شروطا هامة:كمرور قراراتها عبر قنواتها التنظيمية،وتأطير مناضليها لتحمل مسئولية تدبير الشأن العام،ومصارحة مناضليها بمجريات قرارات هيئاتها القيادية،وإخضاع موارد الحزب ونفقاته للرقابة والافتحاص، وتوزيع التزكيات والتعيينات والترقي الحزبي لمعايير الديموقراطية والاستحقاق والنزاهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.