تماما كما كان الحال بالنسبة للكاتب المغربي الصاعد محمد ندعلي- وهو بالمناسبة زميل بالمهنة - قدمت إلى مدينة الزاك مقر عملي الأول وأنا ابن 22 ربيعا محملا ببعض قواعد اللغة الفرنسية وبكثير من الأحلام والمتاعب.تشاء الأقدار أن أعين بالمكان الذي رأيت فيه النور في أواخر سبعينات القرن الخالي وبنفس مجموعة مدارس التي تلقى فيها إخوتي الأكبر مني أبجديات القراءة والكتابة حسب منهجية بوكماخ رائد التأليف المدرسي المغربي بامتياز. كان لزاما علي منذ الوهلة الأولى أن أواجه المتاعب، حيث حاول بعض الزملاء الزج بي في أتون تجربة مريرة والمتمثلة في التدريس بالفرعية مع العلم أني أفوقهم درجات في سلم التنقيط. لولا رحمة العلي عز وجل. كانت تلكم إذن أول تجربة تضعني في المحك وتعلمني بمدى صعوبة الميدان. ستتوالى المحن والتجارب المرة إلا أن المقام لا يسمح بذكرها. كلفت بتدريس الفرنسية لتلامذة أفضلهم يعجز عن تركيب جملة سليمة.على أني أنا أيضا- والحق أقول-لم أكن ذلك الضليع في لغة موليير.رسمت لنفسي مسارا كان لابد لي أن اقطعه لكي اصل إلى مبتغاي:إتقان لغة التدريس بشكل يسمح لي بتأدية مهمتي على أتم وجه.تجندت بالصبر والعمل الدؤوب.بدأت اقتني أعداد يومية لوبينيون باستمرار حتى صرت مدمنا على الركن الخاص بكتابات القراء. كنت احتفظ بتلك المقالات في ملف كان يلازمني أينما حللت وارتحلت. وتلك عادة حميدة اخذها عني أخي الأصغر. كانت تلك هي البداية. رغم منهجية التدريس التي قدمنا محملين بها من مركز التكوين، رغم التدريب المثمر الذي حظينا به، إلا أن المهمة كانت صعبة، فلطالما وقعت في الهفوات اللغوية التي صاحبتني في السنوات الأولى من التدريس. ومع مرور الوقت أدمنت المطالعة الحرة حتى صرت قادرا على التأليف بشكل أفضل. بعد مرور أربع سنوات توقفت تجربة تدريس البراعم لينتقل صاحبنا لتدريس من هم اكبر سنا:تلامذة الثانوي. في واقع الامركانت التجربة غنية ومفيدة أشد ما تكون الفائدة،خاصة أني كنت كثير النشاط والحيوية: محاضرات وعروض باللغة الفرنسية على مدار السنة. إلا أن التجربة لم يكتب لها الاستمرار. فكان الالتحاق بالنيابة المحطة الثالثة في مسار تعلم اللغة وأسرار الكتابة. فقد كانت مناسبة لكي أباشر فعل الكتابة بشكل قار،حيث كانت مهمتي السهر على نشرة إخبارية باللغتين العربية والفرنسية ما فتئت آن أصبحت تحرر بلغة واحدة: الفرنسية. تحسن المستوى اللغوي لصاحبنا بشكل لافت فاضحي قادرا على نشر مقالات باللغة الفرنسية في عدد من صحف البلد. والفضل كل الفضل يرجع للسنوات التي قضاها مع صغار علمهم وتعلم معهم. باختصار وبأمانة كانت تلكم تجربتي مع لغة موليير.