تنحى رئيس جنوب افريقيا السابق ، ثابو مبيكي ، امام الرئيس الجديد، غاليما موتلانتي ، تاركا له بلدا غارقا في ازمة اقتصادية واجتماعية وسياسية بعد تسع سنوات من توليه السلطة. وانتخب مبيكي في سدة الرئاسة عام1999 خلفا لنيلسون مانديلا، بطل مكافحة الفصل العنصري, بعدما امضى سنتين على رأس «المؤتمر الوطني الافريقي» الذي يملك الغالبية النيابية المطلقة. وعند تسلمه السلطة ، حذره سلفه «»ماديبا»» من ان «»احد الإغواءات ، التي تتربص بقائد ينتخب بدون معارضة ، هو استخدام هذا الموقع في السلطة لتسوية حساباته مع منتقديه»». ويشهد «المؤتمر الوطني الافريقي» اليوم صراعات داخلية غذتها طريقة ادارته المتسلطة. صحيفة «»ذي ستار»» كتبت معلقة على تنحية الحزب لرئيس الدولة ، ان «»هذا الزعيم ، العديم الرحمة ، والمصاب بعقدة الاضطهاد»» ابعد الجميع عنه ، و»»تسبب هو نفسه بسقوطه»». غير انه لم يحسن التعاطي مع استياء متزايد لدى مواطنيه من سياسته الاجتماعية. وفي يوليوز, نددت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بفشل جنوب افريقيا ، الديموقراطية ، في تصحيح التفاوت الاجتماعي الموروث من نظام الفصل العنصري. وافادت المنظمة ان «»السكان السود ما زالوا يعانون بنسب غير متكافئة من البطالة والفقر والتباين في مجال التعليم»». وشهدت جنوب افريقيا ، منذ اقرار الديموقراطية سنة 1994، نموا اقتصاديا لا سابق له تخطت نسبته5 % عام2004 . غير ان نسبة البطالة تصل في المقابل الى23 % ، فيما لا تتخطى4 % من البيض. ومع تدني دخل43 % من سكان جنوب افريقيا ، البالغ عددهم48 مليون نسمة ، عن دولارين في اليوم, يزداد الاحساس بخيبة الامل والاحباط ، وغالبا ما يعبر سكان المناطق الفقيرة السوداء عن غضبهم. ويزداد العداء للاجانب في جنوب افريقيا. وقد اثار موجة احداث، في ماي، بالاحياء الفقيرة من العاصمة الاقتصادية ، جوهانسبورغ ، حيث قتل اكثر من ستين شخصا في اعمال عنف موجهة ضد الاجانب لاتهامهم بسلب الوظائف من السكان وبتأجيج الاجرام. وتأخر رد فعل مبيكي على تلك الاحداث اسبوعا ، ونقض حجج الذين كانوا يدعونه الى معالجة المشكلة من جذورها. والرئيس السابق عاجز عن تقبل النقد الذي «»يعتبره اهانة شخصية»», وفق ما افاد النائب السابق عن المؤتمر الوطني الافريقي اندرو فاينستين, واستمر في نفي مستوى من الاجرام اعتبره نظراؤه الافارقة «»غير مقبول»». وتسجل البلاد ثاني اعلى نسبة جرائم في العالم ، حيث يقتل خمسون شخصا يوميا, كما تشهد نسبة عالية من عمليات الاغتصاب والسرقة المترافقة مع العنف. غير ان مبيكي يتهم اعضاء الاتحاد الافريقي ، الذين اعلنوا هذه النسب عام2007 ، بانهم يعبرون عن «»رؤية شعبوية»». كما انه استمر في انكار تفشي الايدز ، مما اخر لسنوات توزيع العلاجات على الغالبية الساحقة من السكان الذي يعتمدون على الضمان الصحي. وفي نهاية المطاف ، اطلقت حكومته عام2007 برنامجا لتوزيع علاجات الايدز، غير ان عدد المصابين كان وصل في هذه الاثناء الى خمسة ملايين بعدما كان عدد مرضى الايدز لا يتعدى850 الفا عام1995 . وباتت المخاطر اليوم تهدد حتى النمو الذي انجزته جنوب افريقيا. ففي ينايرالماضي، اندلعت ازمة في مجال الطاقة كان يمكن تفاديها ، وارغم تقنين التيار الكهربائي مناجم الذهب ، التي تشكل مصدر الدخل الرئيسي في البلاد على الاغلاق موقتا.