ملأت الحكومة الإشتراكية الاسبانية الدنيا من جديد بقرارها المتعلق بالمغادرة الطوعية للأجانب المقيمين في إسبانيا مقابل تعويضات مالية، ولقد استوفت هذه الحكومة جميع الشروط والمساطر وأصبح القرار جاهزا وقابلا للتطبيق. والقرار يعكس في عمقه حالة الارتباك والقلق التي يوجد عليها الوضع الاقتصادي في شبه الجزيرة الايبرية، بل حتى حالة التناقض، فمن جهة تجتهد الحكومة الاسبانية في جلب اليد العاملة البسيطة كما حدث مع العاملات المغربيات في الفلاحة، وفي المقابل تعاند هذه الحكومة من أجل إقناع العمال الأجانب المقيمين بصفة غير شرعية بالمغادرة مقابل بعض المال الذي قد يغريهم للاستجابة لاستجداء السلطات الاسبانية. خبراء يفسرون هذا الارتباك لحالة الأزمة غير المسبوقة التي يعيشها الاقتصاد الإسباني والتي بدأت تتسرب إلى أجساد كافة القطاعات بعدما تمكنت من شل قطاع البناء أحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلد بسبب ضعف الطلب على السكن بعدما وصل معدل إمتلاك السكن إلى 85%. المغاربة معنيون بطلب المغادرة الطوعية في إسبانيا، فهم ثاني أكبر جالية في البلد بمجموع يتجاوز 300 ألف نسمة، ولقد خلف القرار الإسباني حالة قلق عميق في أوساطهم وخوفا على مصيرهم وأسرهم التي بنوا أعشاشها بعرق الجبين. في هذا السياق كشف تحقيق أجري أخيرا، أن أغلبية المهاجرين المغاربة العاطلين عن العمل بإسبانيا، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب هذا البلد، يطالبون بتعويضات تتراوح ما بين 20 ألف و 300 ألف أورو للشخص، لكي يقبلوا بالعودة إلى المغرب بشكل طوعي. وحسب نتائج هذا التحقيق، الذي أنجزته جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا، فإن نسبة 83 في المائة من المهاجرين المغاربة يرفضون بشكل قاطع العرض الذي تقدمت به الحكومة الاشتراكية لخوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، المتمثل في منح المهاجرين العاطلين تعويضاتهم عن البطالة لكي يقبلوا بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. وقالت جمعيات للدفاع عن المهاجرين، إن هذه التعويضات، لن تتجاوز في أحسن الأحوال، سبعة آلاف أورو تسدد على مرحلتين، 40 في المائة بإسبانيا و30 في المائة بعد الرجوع إلى البلد الأصلي. وسيكون على المهاجرين الذين يقبلون بالاستفادة من هذا المخطط، أن يتخلوا عن بطاقة الإقامة ورخصة العمل. وأن يلتزموا بعدم العودة إلى إسبانيا خلال السنوات الثلاث التي تلي مغادرتهم لها. وأعرب 10 في المائة فقط من المهاجرين الذين شملهم التحقيق، عن تأييدهم لهذا المخطط على الرغم من أن 87 % منهم يطالبون بتعويض يفوق 20 ألف أورو، ويذهب بعضهم إلى حد المطالبة ب 300 ألف أورو، إضافة إلى مخصصات البطالة للتخلي عن «وثائقهم». وكان سيليستينو كورباتشو وزير العمل والهجرة الإسباني، قد أوضح أخيرا، أن هذا المخطط الذي سيدخل حيز التنفيذ نهاية أكتوبر أو بداية نونبر المقبلين، يكتسي طابعا دائما وطوعيا ويهدف إلى النهوض بالهجرة.