من المعلوم أن المصاحف التي يتولى طبعها المغاربة على قراءة ورش عن نافع تكون مضبوطة، وورش هذا هو أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري الملقب بورش، وهي القراءة التي شاعت بالمغرب الإسلامي حتى إفريقيا، ويكاد الناس لا يعرفون في هذه البلدان الا قراءة ورش ولا يقرأون إلا بها. غير أن هناك مصحفا يتم تداوله، طبع سنة 1428 ه 2008م ويحتوي على بيان وشرح كلمات القرآن وجاء في صفحته الأولى أن جميع حقوق الطبع محفوظة، بدون ذكر اسم الدار التي طبعته أو المؤسسة، وأقرت صحته ودققت رسمه وضبطه وعدت آياته لجنة مراجعة المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية بالجامع الأزهر. ولهذه اللجنة نقول: إن مصحفكم لا يحتوي على علامة الوقف في: 72 موضعاً، وللعلم فإن علامة الوقف مما اختاره الشيخ أبي عبد الله محمد ابن جمعة الهبطي الصماتي المتوفى بفاس سنة 930 ه والمغاربة اختاروا الإبقاء على الأوقاف الهبطية كاملة دون تصرف. ويحتوي هذا المصحف كذلك على 15 موضعا لسجود التلاوة، وعلى 5 مواضع وضع فيها الوقف في غير محله. وقراءتنا المغربية 11 سجدة فقط، وكمثال على بعض المواضع التي لم توضع لها علامة الوقف، قوله تعالى من سورة: (ص) «وإن جندنا لهم الغالبون ... إلى: «والحمد لله رب العالمين» 11 آية خالية من علامة الوقف. وعند قوله تعالى: «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة» لم توضع علامة الوقف على كلمة «الخيرة». وهذا ما يسبب ارتباكا عند المقرئين خاصة يوم الجمعة، بين الذين يقرأون في هذا المصحف وبين الذين يقرأون في المصاحف الأخرى وخاصة تلك التي تشرف على طبعها وزارة الأوقاف مشكورة. ومن أمثلة مواضع السجدات التي سبق أن أشرنا إلى أنها في هذا المصحف بلغت 15 موضعا بينما الذي عليه المغاربة في مصاحفهم 11 موضعاً فقط لسجود التلاوة. عند قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اركعوا وأسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون » الآية: سورة الحج. فقد وضع فيه السجدة وليس كذلك، وقد وقع لي في إحدى صلوات الجمعة بمسجد حي واد الذهب بورزازات، أن سجد الذين يقرأون في هذا المصحف وأمسك عن السجود الذين يقرأون في المصاحف الأخرى، وكنت أنا ممن امتنع عن السجود، وناديت بدون شعور : - ماكاين سجدة هنا - أليس هذا ارتباكاً واضطراباً بين المقرئين...؟ - وفي سورة فصلت الآية: فالذي عليه المغاربة السجود عند قوله تعالى: «واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون» بينما وضع محل السجود عند قوله تعالى: وهم لا يسئمون» وليس كذلك أيضا. - وفي سورة القمر عند قوله تعالى: الآية: «ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا» وضع فيه محل السجود، والصحيح عندنا أنه قال منها. - وفي سورة الانشقاق. آية: عند قوله تعالى: «وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون» كذلك وضع فيه محل سجود وهو خال منها في قراءتنا المغربية. - وفي سورة العلق. آية: عند قوله تعالى: «واستجد واقترب» وضع فيه محل السجود، وهو غير موجود عندنا كذلك. ألا يستحق هذا المصحف الذي يتسبب في هذه الاضطرابات أن يسحب من مساجدنا..؟ حفظاً على وحدة القراءة.. كما هو شأننا في وحدة المذهب المالكي في العبادات تجنبا للفتنة والاختلافات. - ومن هذه الملاحظات كذلك ما يتعلق ببداية الأحزاب أو الأثمان. - ففي سورة النمل، المشهور عندنا بداية الحزب 39 عند قوله تعالى: «قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى» وقد بدئ الحزب في هذا المصحف عند قوله تعالى: «فما كان جواب قومه...» - وفي سورة النازعات: الربع الأول هو قوله تعالى: «إن في ذلك لعبرة لمن يخشى» لا عند قوله: «يسألونك عن الساعة...» كما جاء في المصحف المذكور. - وفي سورة الجاثية، الربع الأخير هو قوله تعالى: «هذا هدى....» لا عند قوله تعالى: «قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله». إذا مما ذكرنا من ملاحظات على هذا المصحف، أين هي مراقبة تلك اللجنة التي أقرت دقة رسم وضبط هذا المصحف، من مجمع البحوث الاسلامية بالجامع الأزهر؟! وأخيراً فما رأي وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية التي هي المسؤولة عن تداول هذا المصحف بمساجدنا، ألم تر... ألم تسمع...؟! وأين مراقبتها هي؟! إتقاء لهذا الاضطراب والبلبلة في قراءة القرآن الكريم، وخاصة يوم الجمعة بتلك القراءة الجماعية التي أبدعها المغاربة، ونرجو أن تكون سنة حسنة، طبقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة... - ولا أزيد على ذلك.