بدعم من وزارة الثقافة ، نظمت جمعية أصدقاء المعتمد طيلة يومي 16و17 يوليوزالمنصرم ،المهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث ، ضمن دورته الخامسة والعشرين في محور القصيدة المغربية: الذات والصورة والعالم. وكانت حدائق القصبة الأثرية على موعد مع جمهور المدينة ومع فضاءات القصيدة المغربية ، عبر أصوات شعرية تباينت تجاربها وتنوعت أساليبها مابين جماليات اليومي والعابر وعمق الذات والآخر من خلال أسماء الشعراء والشواعر المشاركين: عبد الكريم الطبال ، أمينة المريني ، خالد الريسوني ، عبد اللطيف شهبون ، فاطمة الزهراء بنيس ، الزبير خياط ، مزوار الإدريسي ، رجاء الطالبي ، إدريس علوش ،محمد أحمد بنيس ، صباح الدبي ، محمد المسعودي ، محمد بلمو ، محمد العربي غجو ، محمد العابد ، فاطمة الميموني ، عبد الحق بن رحمون ، عبد السلام مصباح ، جمال أزراغيد ، مخلص الصغير ، محمد بنيعقوب والصوت الشعري الواعد ابن مدينة شفشاون أيمن آيت أحمد ..فضلا عن كاتب هذه السطور، الذين أصروا بحضورهم الوارف على معانقة امتدادات الكلمة ، كفعل إنساني وحضاري بامتياز... وعرفت قاعة الندوات بفندق «بارادور» ، تنظيم ندوة نقدية في محور: «القصيدة المغربية الذات والصورة والعالم» بمشاركة الأساتذة محمد معتصم ، محمد أقضاض ، عز الدين الشنتوف ومحمد المسعودي بتنسيق الناقد عبد الفتاح الحجمري الذي اعتبر في ورقته التأطيرية ، أنه حين نبحث في « شعرية المعنى» و» شعرية النص» فإن الأمر لايتعلق باستعمال نفس الأساليب الاستدلالية والبراهين النقدية لوصف جوهر الشعر وتسمية « الشيء الشعري» أي ما يجعل من نص شعري نصا شعريا ، مضيفا أن مثل هذا التأمل يمكن أن نجده عند الرومانسية الألمانية مع رومانسيي الجماعة lenaالذين عملوا على أن يستعيد الإنسان طاقته الحدسية من خلال الشعر، معتبرا المتدخل ذلك، خلفية من بين خلفيات أخرى يمكن جعلها بالتالي مدخلا للتفكير في محور هذه الجلسة النقدية ، إذ للقصيدة علاقة بموضوعات: الذات والصورة والعالم ، لأنها موضوعات/ مفاهيم يستدل من خلالها على توجه منهجي ذي طبيعة هرمينوطيقية ، لا تنحصر فقط في الكشف عن المعنى الخفي للنص/ القصيدة ، بل تجعل من القيمة الدلالية للنصوص لبوسا لاستخلاص ما « تفكر فيه النصوص» ويشكل نواة حقيقتها... وتطرقت ورقة الناقد محمد معتصم المعنونة ب: « الذات والصورة والعالم في القصيدة المغربية الحديثة» ، إلى ثلاث لحظات شعرية عرفتها القصيدة الشعرية المغربية الحديثة ، إذ تم في اللحظة الأولى استغراق الموروث العربي والعالمي في آن ، فجاءت الصور الشعرية مستوحاة من النصوص الشعرية العربية والنصوص الشعرية العالمية ، خاصة الفرنسية. واللحظة الثانية ، استغرقت القصيدة العالم الخارجي ، فجاءت الصور الشعرية مستوحاة من الواقع الاجتماعي ومن مكونات وعناصر الطبيعة ، وقضايا الصراع الطبقي ، إذ تبنت القصيدة الشعرية صوت الشعب وراحت تنادي بلسانه على العدالة الاجتماعية. واعتبر اللحظة الثالثة أن الذات استغرقت القصيدة المغربية الحديثة ، فجاءت الصور الشعرية مستوحاة من صميم الداخل الفردي ، بعدما تحررت القصيدة من ثقل الخارج ، وأقنع الشعراء أنفسهم وقراءهم بأن القصيدة لا ينبغي لها سوى الاهتمام بذاتها ، وتحسين مقامها وتجميل أدواتها وتطويرها. وتناولت مداخلة الناقد محمد أقضاض موضوع : « الذات والصورة والعالم بين الشاعرين أحمد الزياني والحسين القمري ، معتبرا أن الصورة الشعرية عندهما تندفع نحو الغوص في الواقع وتعميق الفهم وإدراك بعض ذوات الأشياء ، خاصة حين تجعل تلك الأشياء التي لايمكن أن تتواصل مع الواقع، تتعالق لغويا كلما عمقنا التأمل في مكونات الصورة ... كما تدفع الصورة الشعرية هنا ،اللغة لتتغلغل في غرابة عالم ساحر متميز بلا يقينيات لغوية . معتبرا ذلك ما يجعل اللغة أكثر قابلية للتجدد والاغتناء والأنسنة مهما كان مجال تلك اللغة ضيق التداول... فلا تعود اللغة وسيلة للتعبير ولاتعود الصورة نفسها كذلك ، إنما هما خلق في اللغة وكشف لباطن الكلمة ، وهو باطن لايمكن أن يكون إلا إنسانيا ، باطن ينغمس في قلق جديد ومرجعيات نفسية ومعرفية تخرج الشاعر باللغة إلى خارجها. وتناولت ورقة الناقد محمد المسعودي المعنونة ب: « القصيدة المغربية الذات والصورة والعالم من خلال تجارب الشعراء: عبد الكريم الطبال والمهدي أخريف وعبد اللطيف شهبون» ، طارحا عبر ذلك إشكالات أدبية / فلسفية وجودية تتصل بتلك الأقطاب جميعا . معتبرا أن تناول علاقة الذات بالعالم عبر تشكيل الصورة الفنية ، يثير قضايا ترتبط بحدود تمثل الذات لذاتها ، ولكل ما يحيط بها ، فضلا عن تمثلها لفعل الكتابة وجدواها الوجودية والحياتية، مضيفا أن الولوج إلى سؤال الخصوصية عبر البحث في تجليات الذات والصورة والعالم في القصيدة المغربية ، يبقى مجرد تأويل لا يخلو بدوره من ذاتية القارئ ومن التباسات تمثله لذاته ... متناولا الناقد في هذا الصدد بالتحليل قصائد الشعراء موضوع مداخلته...