قالت صحيفة «ذي فايننشال تايمز» البريطانية في معرض تعليقها على خطة الإنقاذ التي أعلنها الاتحاد الأوروبي مؤخرا, إن أوروبا اشترت بها الوقت, لكن المشكلة على المدى الطويل ستظل قائمة. وكان وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، قد أقروا حزمة إنقاذ بقيمة 750 مليار أورو (973 مليار دولار) لمساعدة الدول التي تتضرر من الأزمة المالية في منطقة الأورو. وتتضمن الحزمة مبلغ 440 مليار أورو تقدمها الدول الست عشرة الأعضاء بمنطقة الأورو على شكل قروض، إضافة إلى 60 مليارا من دول الاتحاد ، و250 مليارا من صندوق النقد الدولي. غير أن الصحيفة البريطانية, التي تحظى بثقة في الدوائر المالية والاقتصادية العالمية, ترى أن الأوروبيين ليسوا مهيئين فعلا لمرحلة التقشف التي تنتظرهم. ففي مقال للكاتب جيديون راشمان, ذكرت الصحيفة أن معظم دول الاتحاد الأوروبي تنفق على سبل عيشها أكثر من مواردها. فالعجز الحكومي في تلك الدول بات خارج السيطرة ; وديون القطاع العام آخذة في التفاقم. وقال الكاتب إنه كان يحسب أن أوروبا تبنت الخيار الصحيح. وأضاف: "لتكن الولاياتالمتحدة القوة العسكرية العظمى, والصين القوة الاقتصادية العظمى, أما أوروبا فستكون القوة العظمى في نمط الحياة". هكذا كان يفكر كاتب المقال قبل أن يصل إلى اقتناع بأن أيام هيمنة الإمبراطوريات الأوروبية على العالم قد ولت. التقشف أو الكارثة ولعل من سوء الطالع أن أزمة اليونان المالية تمثل نموذجا متطرفا لمشكلة أوروبية كبرى. فقد ظل المستثمرون ينظرون طوال الأشهر الماضية وقد تملكهم التوتر إلى معدلات الديون، وعجز الميزانيات في إسبانيا والبرتغال وأيرلندا. لكن حتى دول أوروبا الأربع الكبرى ذبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا- ليست بمنأى عن هذا الهاجس. فهذا جورج أوزبورن ذالرجل الذي من المرجح أن يصبح وزير الخزانة في الحكومة البريطانية الجديدة- يصف التوقعات الرسمية لاقتصاد بلاده بأنها "عمل من نسج الخيال". ومن عجب أن الحكومة الفرنسية لم تقدم ميزانية متوازنة لأكثر من 30 عاما مضت. أما أحد الأسباب وراء شدة المرارة في ألمانيا من خطة إنقاذ اليونان, فيكمن في أن ألمانيا نفسها ظلت تعمل جاهدة لموازنة حساباتها. ويرى الكاتب أن الأوروبيين إذا لم يتقبلوا سياسة التقشف الآن فستواجههم في نهاية المطاف مشكلة أعوص تتمثل في العجز عن سداد الديون السيادية وفي انهيار المصارف. ويخلص المقال إلى القول إن الأوروبيين بدأوا يكتشفون أن "المشروع الأوروبي" لا يوفر لهم الحماية مما سماه "قسوة" العالم الخارجي, مشيرا إلى أن الأمور يمكن أن تواصل المضي على نحو بالغ السوء حتى داخل حديقة الاتحاد الأوروبي "المحاطة بالأسوار".