هل يتم تجاهل تداعيات مشاكل تطبيق الفصل 57 على غرار الصمت عن الحجز على أموال القاصرين طبقا للفصلين 15 و16 من ظهير 1984 من المعلوم أن تطبيق الفصل 57 من قانون المحاماة الجديد خلق ارتباكا وتشويشا على صعيد أقسام التنفيذ وصناديق المحاكم، وعلى الشركات والمقاولات الدائنة أو المدينة على حد سواء، وبالتالي خلق اضطرابا في صفوف المتقاضين الذين يضطرون إلى تنصيب محام لينوب عنهم في قضاياهم وبالخصوص دعاوى الأداء؛ حيث أصبحوا في حيرة من أمرهم، هل ينصبون محاميا لينوب عنهم من هذه النقابة أو تلك أو من هذه المدينة أوتلك؛ لأن كل نقابة وضعت قانونها الداخلي الخاص بها، فهناك نقابات سمحت في قانونها الداخلي للمحامي في أن يأخذ جميع المبالغ المحكوم بها لفائدة موكله على أن يتولى تصفية هذه الوديعة مع موكله في ظرف شهرين. وهناك نقابات اعتمدت نظام الشيكين حيث إن شيكاً للمحامي بأتعابه وشيكاً للمحْكوم له مُوقع من طرف النقيب وعضو من الهيئة، وهذه الطريقة الأخيرة هي التي أفضت إلى تعقيدات جمة تضرر منها الجميع. الفصل 57 خلق نوعا من إقليمية الدفاع: إن المناقشات السابقة للفصل 57 لم تشر إلى خلق نوع من إقليمية الدفاع وبعبارة أوضح، إن المتقاضين أصبحوا يتخوفون من أن ينصبوا محاميا عنهم خارج إقليمهم أو خارج نفوذ محكمتهم الاستئنافية، خوفا من أن تحول المبالغ المحكوم بها إلى نقابة المحامي الذي نصّبوه خارج دائرتهم. وقد يقول قائل: إن في هذا توزيع عادل للقضايا بين المحامين، إذ على محامي الدارالبيضاء مثلا أن ينوبوا فقط في قضايا الدارالبيضاء، ولكن هذا مخالف لحرية اختيار الدفاع ولأنه ظهير المحامين لا يحْصِر دفاع المحامي في نطاق نفوذ نقابته فقط. وهذا الإشكال نترك مناقشته لهيئات الدفاع في اجتماعاتهم المقبلة إن على صعيد الجمعية أو على صعيد الهيئات. والآن بعد بروز هذه المشاكل، وهذه التعقيدات فإن الكل ينتظر ويتطلع إلى إيجاد حل ما، والأمل معقود على وزير العدل الذي وعد بإيجاد حل توافقي تُراعى فيه مصلحة المتقاضين بالأساس، إذ لا يعقل ولا يقبل منطقيا أن يُحكم حُكم بالأداء في وجدة وتنفذ وديعته في وجدة ثم تُرسل المبالغ المنفذة إلى صندوق نقابة المحامي الذي دافع في القضية، وقد يكون بعيدا بمئات الكيلومترات عن موطن المنفذ له! لكون ذلك ظلم وتعسف ما بعده تعسف، وهذا يتنافى مع مبدأ تقريب الإدارة من المُواطن. والحل الوحيد لهذه المعضلات يكمن في نظري في إلغاء الفصل 57 نهائيا من قانون المحاماة أو إدخال تعديلات جذرية عليه. والخوف ما يخافه المهتمون والمتضررون من هذا الفصل هو أنه يتم تجاهل هذا الشكل كما وقع صمت وتجاهل غريبين لمقتضيات الفصلين: 15 و16 من ظهير 1984 الذي حجز على أموال القاصرين وأضرَّت بهم ضررا بالغا ولا أحد حرَّكَ ساكنا رغم مرور 26 عاما على تطبيق هذا الظهير. إن ما يزيد من تبرير هذا الخوف هو أن جهابذة الدفاع المشهورين يلتزمون الصمت ولا نسمع لهم صوتا أو كلاما في الموضوع ونتمنى أن يفيقوا من غفلتهم، وما ذلك على المخلصين في الدفاع عن حقوق الناس بعزيز.