يعود تاريخ النشاط المنجمي بالمغرب الى عدة قرون كما تشهد على ذلك مآثر وبقايا أشغال القدامى. وهكذا عرف المغرب خصوصا ما بين القرنين التاسع والثالث عشر حركة معدنية نشيطة همت استغلال العديد من المواد المعدنية كالذهب والفضة والرصاص والحديد والنحاس والكوبالت. ومع بداية القرن العشرين ظهر النشاط المعدني بالمغرب بمفهومه العصري وأدخلت وسائل الاستغلال الحديثة. وقد عرف هذا النشاط طفرة كبيرة مع اكتشاف أولى المناجم الفوسفاطية. وبالفعل فإن المغرب يختزن 413 اجمالي مخرونات العالم من الفوسفاط. إلا أن هذه المادة ليست هي الثروة المعدنية الوحيدة للمغرب لأن التركيبة الجيولوجية لبلادنا كثيرة التنوع حيث تشكلها طبقات أرضية تعود إلى كل الأعمار من العصر الأول الى العصر الثالثي. ومن ثم فقد أسهم هذا السياق الجيولوجي في تكون العديد من المناجم (رصاص، زنك ، نحاس، ذهب، منغانيز، كوبالت، مناجم صخرية ومعدنية صناعية...). (الظهير حول المعادن الصادر سنة 1614) وكذا إنشاء مؤسستين عموميتين: المكتب الشريف للفوسفاط سنة 1920 ومكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية سنة 1928 بالنسبة لباقي الموارد المعدنية والمحروقات الصلبة والأبحاث عن الهيدروكاربونات، وفي أبريل 1951 تم نشر القانون المعدني الذي يشكل التنظيم الأساسي للنشاط المعدني. 1) العائدات: أدرج المغرب بعد استقلاله مسألة تنمية القطاع المعدني من بين أولوياته باعتبار أن عائدات هذا القطاع لاتقتصر على المستوى الاقتصادي ولكنها تشمل المستوى الاجتماعي أيضا بالنظر إلى الإسهام الكبير لهذا القطاع في فك العزلة عن العديد من المناطق القروية النائية. ذلك أن فتح منجم يترافق دائما مع فتح الطرق والتزود بالماء الشروب وبناء المدارس والمستوصفات بالإضافة إلى أنشطة سوسيوثقافية أخرى وهكذا فقد أحدثت مدن معدنية حقيقية وعرفت نموها حول مراكز للاستغلال المنجمي كما هو الشأن على الخصوص بالنسبة لمدن خريبكة واليوسفية اللتين أنشأتا في الأصل وتطورتا حول مشروع استغلال الفوسفاط. وينطبق نفس الشيء بالنسبة لابن كرير وآسفي التي تحولت الى مركز حضري يشهد نموا لأنشطة اقتصادية متنوعة. 2) الحصيلة: يمكن اعتبار حصيلة الخمسين سنة الماضية إيجابية على العموم. وهكذا فإن صناعة الفوسفاط تعرف نموا مطردا حيث أمكن تثمين جزء كبير من الإنتاج الخام من خلال تحويله محليا ومن خلال عقد شراكات مع فاعلين وازنين على الصعيد الدولي الذين يشكلون اليوم المحاور الرئيسية للاستراتيجية الفوسفاطية. وبالنسبة لباقي المواد المعدنية الخاضعة لتقلبات الظرفية الدولية فإن الوضعية تظل أكثر حدة لأنه وعلى العكس من الفوسفاط فإن المعادن الميطالية المكتشفة والمستغلة لاتتوفر سوى على مخزون محدود والذي سيفرض استنفاده على الفاعلين إخلاء مناجمهم مما سيفضي الى حرمان قرى ومناطق بكاملها من المورد الوحيد لمداخيلهم. ويتمثل أكبر تحد يتعين علينا رفعه مستقبلا في القيام بالمزيد من التنقيبات والاكتشافات الكفيلة بضمان استدامة الصناعة المعدنية الوطنية. ومما يزيد من صعوبة رفع هذا التحدي أن المخابئ المنجمية هي مخابئ دفينة تتطلب إمكانيات تقنية ومالية جد هامة. ومن ثم ينبغي تركيز الجهود على ثلاثة مستويات أساسية: تسريع وتيرة إنجاز التصميم الخرائطي الجيولوجي الوطني، المصادقة على القانون الجديد المتعلق بالمعادن وإصداره قصد استقطاب أكبر عدد ممكن من المستثمرين في الاستغلال المنجمي، تحديد وضبط سياسة لما بعد العمل المنجمي لتجنب مواجهة وضعيات صعبة في المستقبل بعد إغلاق المنجم حالة منجم الفحم الحجري بجرادة ومنجم الحديد بسيفيريف ومنجمي الرصاص بميبلدن وأحولي).