أحالت محكمة النقض المصرية يوم أمس الثلاثاء ملف جريمة قتل المعنية اللبنانية سوزان تميم على محكمة استئناف القاهرة لإعادة محاكمة رجل الأعمال والبرلماني هشام طلعت مصطفى وضابط الشرطة السابق محسن السكري المحكومين بالإعدام. واستندت محكمة النقض في نقض حكم محكمة الموضوع يوم السبت الماضي على تضارب شهادة أحد ضباط شرطة دبي بمكان حدوث الجريمة، والخطأ في الإسناد على اعتبار أن (الدليل غير جازم) وهناك أدلة أخرى كان يمكن الإستناد إليها انطلاقا من مبدإ (الأدلة المتساندة) في إدانة المتهمين. كشفت حيثيات النقض أن محكمة الجنايات استندت الى شهادة عيسى سعيد بن سالس، الضابط بالإدارة العامة للتحريات بشرطة دبي، ونقلت عنه قوله إن (الشخص الذي تعقبته كاميرات المراقبة بفندق الواحة ومبنى الرمال 1، وتم عرضها على المحكمة هي لذات محسن السكري الماثل بقفص الاتهام) وذلك على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ في 17 يناير 2009، إذ أوضح الشاهد أن الشخص الموجود في الكاميرات (تقريبا) هو محسن السكري، علما أن إحدى الصور ظهرت غير واضحة ولم تتضح معالمها عندما أمرت المحكمة بتكبيرها. كما قطعت محكمة الجنايات، رغم عدم وضوح ملامح الشخص، وهي صورة في ترتيب الصور المستخرجة من الكاميرا الخاصة ببرج الرمال، بأوصاف ملابس السكري، والحقيبة البلاستيكية التي كان يحملها. وأكدت محكمة النقض أنه ليس لمحكمة الجنايات الحق في أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها في التحقيقات، الى جانب أن الدليل الذي يعول عليه يجب أن يكون مؤديا إلى ما رتبه الحكم عليه من نتائج، من غير تعسف في الاستنتاج، ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وشددت المحكمة على أن (الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، وليس على الظن والاحتمال)، وفقا لما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. وأشارت محكمة النقض إلى أن محكمة الجنايات حين عرضت لشهادة عيسى بن سالس، والمقدم محمد سامح سليم، كدليل ضد المتهمين، فإن المحكمة تكون قد تدخلت في هاتين الشهادتن بما يخرجها عن مضمونهما، وتكون المحكمة قد قضت بما لا أصل له في الأوراق، مما يعيب الحكم ويبطله ويوجب نقضه. وقالت محكمة النقض إنه من الثابت من محضر جلسة المحاكمة الجنائية أن السكري إثر مواجهته بالصور التي سجلتها كاميرات المراقبة، والتي تم عرضها بالتقرير الفني المصور، قد أقر بأن هذه الصور تعود له، وأنه كان عائدا من صالة الألعاب الرياضية، إلا أن محكمة الجنايات جعلت من ذلك القول الذي يمثل دفاعا للمتهم، يبرر به تواجده في هذا المكان الذي وقعت به الجريمة، وهو في حقيقته دفاع بعدم ارتكاب الجريمة، تعقبته كاميرات المراقبة، وانتهت الى الجزم بأن ذلك الشخص هو محسن السكري. وأكدت محكمة النقض أن محكمة الجنايات تكون قد (استندت في إدانة المتهمين الى قرينة باطلة، ضمن القرائن المتساندة)، موضحة أنه (لايجوز في منطق العقل استخدام دفاع المتهم دليلا عليه، بل يجب على المحكمة أن تقدم الدليل على عوار هذا الدفاع من واقع الأوراق إذا استبعدته، ومن ثم يتعين نقض الحكم من هذه الوجهة). كما أشارت محكمة النقض في حيثيات حكمها، إلى أن محكمة الجنايات عولت على شهادة الضابط بالإدارة العامة للتحريات بدبي، وذلك في ضوء ما شهد به أمام المحكمة باختلاف المواقيت الزمنية التي تسجلها كاميرات المراقبة في برج الرمال 1 وفندق الواحة في ذات اللحظة الزمنية، وأن النظام السليم هو النظام الخاص ببرج الرمال، وأن الفارق الزمني بين النظامين في ذات اللحظة الزمنية يتراوح بين 3 و 4 دقائق. وقالت محكمة النقض إن (دفاع المتهمين تمسك بالمنازعة في الزمن الذي استغرقه وقت ارتكاب الحادث، منذ لحظة خروجه من فندق الواحة، حتى دخوله برج الرمال، وارتكابه الجريمة، ثم خروجه من برج الرمال عائدا إلى فندق الواحة، وهي في حسابات الزمن بضع دقائق، حسبما اعتنق حكم الجنايات صورة الواقعة). وذكرت الجنايات في (صورة الواقعة) أن (ضابط الشرطة/ المتهم خرج من فندق الواحة الساعة الثامنة و 29 دقيقة ثم دخل برج الرمال الساعة الثامنة و 48 دقيقة، واستخدم المصعد للدور 22 حيث ارتكب جريمته بشقة سوزان تميم في الساعة الثامنة و 52 دقيقة، وهبط إلى الدور 21 وتخلص من ملابسه بوضعها في صندوق خرطوم إطفاء الحرائق، ثم هبط إلى الدور قبل الأرضي في الساعة التاسعة و 4 دقائق). وأكدت محكمة النقض أن (الدفع المتعلق بحساب فارق توقيت تتبع حركة السكري، يوم ارتكاب الجريمة، 28 يوليوز 2008 يعد في خصوص الدعوى المطروحة، دفاعا جوهريا، لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى، ولو صح لتغير وجه الرأي فيها، ومن ثم كان ينبغي على محكمة الجنايات أن تتخذ ما تراه مناسبا من الوسائل بتحقيق هذا الدفاع الجوهري، عن طريق المختص فنيا بتشغيل تلك الكاميرات، ونظرا لأنها لم تفعل ذلك، فإن الحكم يكون معيبا بالقصور فضلا عن إخلاله بحق الدفاع).