احتضنت مدينة آسفي السبت الماضي أشغال الدورة العادية للمجلس الجهوي لجهة دكالة عبدة تحت شعار »الجهوية الموسعة ضمان لاستثمار كل القدرات المتاحة«. وشكل اللقاء مناسبة لتجديد أواصر التآخي بين المناضلين الاستقلاليين المنتمين لهذه الجهة التي دخلت منعطفا جغرافيا وترابيا جديدا تمثل في إحداث إقليمي اليوسفية وسيدي بنور. وأبان الحاضرون خلال أطوار أشغال اللقاء على كعب عال في مناقشة القضايا السياسية والتنموية والتنظيمية حيث سادت أجواء من الجرأة والوضوح والصراحة من أجل تحقيق الإقلاع التنموي المنشود بالمنطقة جمعاء. وعبر محمد أبو عبد الله مفتش حزب الاستقلال بآسفي عن اعتزاز المدينة باحتضان هذا الملتقى لتؤكد انخراط أبنائها في درب النضال منذ الوجود الاستعماري حيث أبانوا عن وعيهم بمخططات المستعمر وهبوا إلى التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال. وأشاد بانضباط المناضلين الاستقلاليين بالجهة مما بوأ حزب الاستقلال موقعه الطبيعي وسط التعددية الحزبية في المشهد السياسي. وأوضح محمد أبو الفراج مفتش الحزب بسيدي بنور باسم مفتشيات الجهة أن هذا اللقاء يندرج في إطار تفعيل المواد 50 إلى 53 من قانون حزب الاستقلال مؤكدا أن إقليمي سيدي بنور والجديدة يتكونان من 52 جماعة وخمس بلديات ويتحمل حزب الاستقلال مسؤولية رئاسة 14 جماعة، ست منها في سيدي بنور. و8 جماعات بالجديدة من بينها جماعة الزمامرة. وحصل حزب الاستقلال في الانتخابات الجماعية الأخيرة على 256 مقعد جماعي و 9 مقاعد في الغرفة الفلاحية و8 مقاعد في غرفة التجارة والصناعة و7 مقاعد في غرفة الصناعة التقليدية، و6 مقاعد في المجلسين الإقليميين و6 مقاعد بالجهة. وهذا مكن من الحصول على مقعد برلماني في الغرفة الثانية في شخص مصطفى أبو الفراج ليعزز أعضاء الفريق الاستقلالي بالبرلمان الممثلين للجهة وهم امبارك طرمونية وامحمد أبو الفراج (مجلس النواب) ورفيق بناصر وجمال بنربيعة (مجلس المستشارين). ونوه في الاتجاه ذاته بالمجهودات الكبيرة والمميزة لمناضلي حزب الاستقلال وروح المسؤولية التي تحذوهم لتسيير شؤون المواطنين رغم المعارك الشرسة التي اعترضتهم، حيث تغلفت النوايا السيئة للخصوم بشتى التلوينات وهو ما أضاع بعض المواقع كالجديدة والعونات. وأكد إصرار المناضلين الاستقلاليين على الحفاظ على موقع حزب الاستقلال بل والارتقاء به في كل المحطات المقبلة، وفي هذا الإطار عرفت الفروع بالإقليمين تجديد أطرها، وتم وضع برنامج عملي لاستكمال هذه التنظيمات في كل الفروع، موازاة مع تجديد فروع الشبيبة الاستقلالية بتنسيق مع المنسق الجهوي لهذا التنظيم الشبابي العتيد. وأضاف أنه على مستوى إقليمي آسفي وسيدي بنور حقق حزب الاستقلال نتائج مهمة حيث حصل على 229 مقعد في الانتخابات الجماعية و8 رئاسات جماعية في كل من إيغود واجنان بيه ولمراسلة ولعمامرة وشهدة لمصابيح وأولاد سلمان ومول البركي، ورئاسة بلدية آسفي وسبت جزولة. كما حصل حزب الاستقلال لأول مرة على رئاسة غرفة الصناعة التقليدية. وخضع 20 فرعا للحزب من مجموع 35 للتجديد على صعيد الإقليمين في انتظار تجديد الفروع الأخرى. وختم تقريره بالقول إن المحن والصدمات لاتزيد حزب الاستقلال إلا صمودا وقوة لثبات مواقفه ووضوح مبادئه. وأبرز عبد المجيد موليم عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب أن الجهة تندرج في إطار تشييد مغرب عصري مافتئ المغفور له الحسن الثاني يطمح إلى تحقيقه بعد أن سهر على ضمان إرساء أسسه بكيفية تدريجية وملائمة. وفي عهد وارث سره جلالة الملك محمد السادس احتلت الجهة مكانة متميزة من أجل جعل المغرب دولة عصرية متمسكة بتقاليدها العريقة وبوحدتها بعد أن راكمت تجارب في الديمقراطية المحلية واللامركزية والتي يحرص التشاور الوطني على تقويمها وتكييفها في اتجاه جهوية موسعة تسهر على إعداد دعاماتها اللجنة الاستشارية للجهوية، انطلاقا من خصوصيات المغرب ووفق طموحات أبنائه لرفع تحديات القرن الواحد والعشرين مؤكدا أن الجهوية خضعت لامتحان متعدد الأوجه، وصولا إلى استفتاء شتنبر 1996 القاضي بمراجعة الدستور، وتمخض عنه تشكيل 16 جهة، من بينها جهة دكالة عبدة التي تزخر بمؤهلات جغرافية وفلاحية وبحرية ومائية، بالرغم من أن النشاط الفلاحي يبقى السائد سواء على مستوى الزراعة أو الرعي وإنتاج اللحوم والألبان. وأكد في هذا الصدد أن برنامج السقي عرف نجاحا في منطقة دكالة، لكنه لايزال متعثرا في منطقة عبدة لأسباب ترجع إلى الجفاف، وفي ظل أمطار الخير التي عرفها الموسمان الأخيران وعد بإعادة فتح هذا الملف مع الجهات المعنية والدفاع عنه من أجل الدفع بالقطاع الفلاحي بمنطقة عبدة. واستعرض بعد ذلك المؤهلات الأخرى بالجهة والتي تستدعي المزيد من الاهتمام الحكومي قصد توسيع قاعدة الاستثمار فيها وخاصة الصناعة التحويلية الفوسفاطية والصناعة الغذائية والصناعة البلاستيكية والصيدلية والصناعة التقليدية، والسياحة، مشيدا في هذا الباب بجهود الأخ عادل الدويري الذي استجاب لتطلعات أبناء المنطقة من خلال إنشاء محطة الحوزية مازاغان والارتقاء بالرياضات البحرية. وأمل في أن تحظى المنطقة بحظها في الاستثمارات العمومية وخاصة الميناء المعدني والخط السككي والمطار والطريق السيار والطاقة الحرارية، مؤكدا أن هذه الأوراش تعد الوسيلة الأنجع لإنصاف فئة الشباب بالمنطقة، وخاصة العاطلين منهم، حيث ستفتح أمامهم فرص العمل والاستقرار. وختم عبد المجيد موليم عرضه بالقول إن هذا اللقاء يأتي بعد خوض الاستحقاقات الجماعية التي أكدت بالملموس وبالأرقام مناعة حزب الاستقلال وصلابته لمواجهة كل محاولات الإجهاز على الديمقراطية وحرية الاختيار لدى الناخبين. وثمن أحمد خليل بوستة عضو اللجنة التنفيذية ومنسق الجهة مضامين التدخلات السابقة التي تعكس مدى الغيرة على المنطقة والتطلع نحو الارتقاء بها إلى مصاف الجهات المغربية الأخرى، وأكد أن هذا الاجتماع التنظيمي يعد آخر حلقة في مسلسل تشكيل الهياكل الحزبية بعد المؤتمر الوطني والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية واللجنة المركزية، فضلا عن ذلك، يعد اللقاء مناسبة لتعميق النقاش وتطارح الأفكار حول ورش الجهوية الموسعة التي هي أسمى ترجمة للحرية والديمقراطية والممارسة المسؤولة للشأن المحلي وفق الحكامة. وعبر إثر ذلك عن التضامن مع المناضل عبد الرزاق أفيلال الذي سبق وأن تولى التنسيق في جهة دكالة عبدة إضافة الى الأخ عبد الواحد الفاسي، مؤكدا أن ثوابت ومبادئ حزب الاستقلال تتوارثها الأجيال، ولا أدل على ذلك وجود الأخ رشيد أفيلال الذي تشرب أسس النضال والحنكة السياسية داخل الأسرة وداخل عدة تنظيمات حزبية. وعبر بعد ذلك عن الارتياح والثقة اللذين يحذوان الاستقلاليين أطرا وقواعد حيال كل القضايا وفي مقدمة ذلك ملف الوحدة الترابية الذي يعرف تطورا إيجابيا تمثل في تجاوز حالة الانتظارية وحالة رد الفعل إلى مرحلة التحكم في زمام الأمور بعد تجربة تراكمت منذ 35 سنة، وتعزز هذا المسلسل بسحب أزيد من 40 دولة اعترافها، وقاد المغرب معركة من نوع آخر تمثلت في تنمية الأقاليم الجنوبية إلى أن أبدع جلالة الملك بديلا حكيما قابلا للتطبيق ويرجح منطق لا غالب ولا مغلوب، كل هذه الأبعاد جعلت المبادرة المغربية تحوز دعم المنظمات الدولية الوازنة العارفة بالوضعية الجيواستراتيجية، بل وحازت اعترافا مكتوبا ورسميا من الدول العظمى حيث عدتها مبادرة حضارية معمول بها في عدد من الدول. وقال أحمد خليل بوستة إن الهروب المكثف لشباب ولد في مخيمات لحمادة وتندوف ولم يعرف المغرب عربون آخر ورسالة واضحة على قوة الملف المغربي وشرعية مغربية الصحراء، وجاء التقرير السنوي الأخير لبان كي مون موافقا لهذه الحقيقة حيث أكد عدم استعداد الأطراف الأخرى للإنصات والحوار ودعا إلى إحصاء اللاجئين وماذا يريدون وهل هم أحرار؟ كما أكد جلالة الملك للمبعوث الأممي روس أن المغرب يقطع أشواطا في ورش الجهوية الموسعة ومشروع الحكم الذاتي. مكسب آخر حققه المغرب تمثل في الاعتراف في ملتقى بغرناطة قبل أسابيع بمستوى تقدم المغرب مما يؤهله للمزيد من المواقع التفضيلية التي تثير حفيظة وردود فعل الخصوم. وتطرق أحمد خليل بوستة في المحور الثاني للحصيلة الحكومية حيث اعتبرها مشرف ومدعاة افتخار للمناضلين الاستقلاليين، وورقة للدفاع عن أداء حزب الاستقلال خلال تدبيره الشأن الوطني في الاستحقاقات المقبلة، حيث تحسنت معدلات النمو وتم التحكم في مستوى التضخم، مشيرا إلى أن الحكومة رصدت 65 مليار درهم للحيلولة دون تضرر المقاولات من الأزمة الاقتصادية وتسريح العمال، مع مواكبة قطاعات كالنسيج والالكترونيك والسياحة، وفي هذا الإطار تم رصد 500 مليون درهم لدعم الصادرات وتسويقها، كما تحملت الحكومة نسبة من مساهمة الباطرونا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قصد ضمان الاستقرار في مناصب شغل الأجراء. أما فيما يتعلق بتوفير مناصب الشغل، فأكد أن هذا المجال لا يمكن أن يزايد فيه أحد حيث الأرقام تنطق بذاتها، فقد انتقلت الوظائف في القانون المالي من 7000 إلى 29 ألف، كما أن النقابات نوهت بجرأة عباس الفاسي الذي مأسس الحوار الاجتماعي ومن خلال ذلك تم رصد 16 مليار درهم لتحسين الأجور ودخول الأجراء، فضلا عن استقرار المواد الأساسية في أسعارها، كما سجل القطاع الصحي مكاسب مهمة في مقدمتها مجانية الولادة والتغطية الصحية والمساعدة الطبية للمعوزين. موازاة مع ذلك تم اتخاذ مبادرات مهمة لإرساء أسس الحكامة كقانون التصريح بالممتلكات وتشكيل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ولجنة محاربة الامتيازات التابعة للوزير الأول، أما التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات فاعتبر أنه يضع المغرب في الطريق الصحيح نحو الشفافية، وفيما يتعلق بالفيضانات فقد رصدت الحكومة 165 مليار درهم للتعويض عن الأضرار ومعالجة آثارها. وختم هذا المحور بالقول ان الحكومة مستعدة لتقديم الحصيلة خلال نصف الولاية ومستعدة لتقديم الحصيلة في نهاية الولاية. وخلال المحور الثالث والمتعلق بالجهوية الموسعة، أوضح أحمد خليل بوستة أنها نمط حكم وتسيير لها أربعة مرتكزات أساسية: الهوية الوطنية الموحدة، التضامن، التوازن، اللامركزية ، كما تعد أعمق ترجمة للجهوية الممارسة حاليا والتي تعوزها الاختصاصات الموسعة والموارد المالية الضرورية والاستقلالية في القرار. وثمن بوادر توحيد الرؤى حول هذا الورش بهدف صياغة مشروع متكامل يحقق النهوض المنشود للمغرب، ويعكس البعد التضامني بين الجهات وكذا مبدأ التنافسية بينها. وبهذا الخصوص قدمت اللجنة المشكلة في حزب الاستقلال وثيقة متكاملة كانت محط تنويه من اللجنة الاستشارية حول الجهوية. وعبر رشيد أفيلال عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن سعادته لحضور هذ الملتقى في قلعة من قلاع الصمود والوطنية، والتي ينبغي أن يرد لها الاعتبار من خلال برامج تنموية وتجهيزات أساسية وخاصة الطريق السيار الجديدةآسفي. وأشاد بمؤسسة المجلس الجهوي كجهاز فتي في تنظيمات الحزب ارتأى المناضلون عقب المؤتمر 15 لحزب الاستقلال أن يتبوأ مكانة بارزة للانكباب على القضايا المحلية بكل تصنيفاتها، وبذلك فإن المجلس الجهوي يتسلم على عاتقه مسؤولية ثقيلة تتمثل في تقديم الحلول للمشاكل ووضع برامج ومقترحات لأجل مستقبل الجهة، وبهذا الخصوص تنكب اللجنة الحزبية التي يرأسها نزار بركة على وضع التصورات الموضوعية لإشكاليات الأمر بالصرف وتشكيلة الأجهزة المتصلة بالجهة وكيفية انتخابها، وعدد الجهات وحجم الموارد المالية والبشرية، والتي هي حاليا محدودة جدا لاتواكب التطلعات. إثر ذلك أثنى رشيد أفيلال على الأداء الحكومي معتبرا أن معظم القطاعات شهدت ثورة مشهودة وخاصة السكن والطرق والماء والكهرباء. أما على المستوى الدولي فقد كسب المغرب مواقع مهمة على الصعيد الأروبي والافريقي خصوصا، فيما أضحت هيئات دولية تنوه بالتطور الاقتصادي الاجتماعي والحقوقي. إلى ذلك اعتبر محاكمة الأخ عبد الرزاق أفيلال محاكمة للرصيد النضالي النقابي ومحاولة لتقزيم الزعامات وتكميم حرية التعبير النضالي للطبقة الشغيلة، واستصغارا للمؤسسة التشريعية، مضيفا أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب سيظل مدرسة نضال الأجراء وضمير الطبقة العاملة، ولأجل ذلك قرر مقاطعة ذكرى فاتح ماي. وأعقبت هذه المداخلات مناقشات للمناضلين الذين دعوا إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام للقطاع الفلاحي بالجهة وبعبدة خصوصا، كما طالبوا بالارتقاء بالتعليم والصحة والمسالك الطرقية الجهوية، وبناء السدود التلية. وفي الأخير تم انتخاب عبد المجيد موليم بالإجماع كاتبا عاما للمجلس، الجهوي لجهة دكالة عبدة وتشكيل باقي أعضاء المكتب الجهوي. هذا وقد حضر أشغال هذا اللقاء علي بنعبد الرزاق عضو الفريق الاستقلالي النيابي بين 2002 و 2007 والكاتب الإقليمي لحزب الاستقلال بآسفي، وزكرياء السملالي رئيس جماعة الزمامرة وأحمد الحمولي مفتش حزب الاستقلال بالجديدة.