تعتبر المستعجلات من بين المرافق الأساسية بالمستشفيات الوطنية، والتي تعمل على تقديم علاجات سريعة وفعالة تعمل على إنقاذ حياة العشرات من المواطنين الذين يقصدونها يوميا وعلى مدار الساعة، سواء بسبب مضاعفات مرضية أو بسبب التعرض لحوادث السير أو بسبب حوادث الشغل التي قد يتعرض لها العمال، أو بسبب الاعتداءات... وينقسم قسم المستعجلات إلى فرعين أساسيين،قسم المستعجلات الطبية وقسم المستعجلات الجراحية التي تعنى كل منها بنوع من المرضى والمصابين. ومع حلول شهر رمضان الفضيل، تستقبل المستعجلات عينات محددة من المرضى ممن يعانون من مضاعفات وأزمات صحية، بسبب عدم تحملهم لمشقة الصيام وكذا بسبب عدم امتثالهم لتعليمات أطبائهم المشرفين الذين غالبا ما ينصحونهم بعدم الصوم للحيلولة دون حدوث المضاعفات التي قد يتعرضون لها في حالة عدم أخذهم الدواء في أوقاته المحددة. وتتمثل أغلب الحالات التي ترد على قسم المستعجلات في أمراض السكري والقلب وأمراض الكلي وكذا قرحة المعدة وضيق التنفس بسبب تقلبات أحوال الجو التي تطبع هذه الفترة من السنة. وفي جولة ل«العلم» بمصلحة المستعجلات بمستشفى ابن سينا بالرباط، عملنا على أخذ آراء المختصين، وكذا تصريحات المرضى الذين صادفناهم بالمصلحة. «الحاج محمد» في الخمسين من عمره، واحد من المرضى الذين قصدوا مصلحة المستعجلات في اليوم الثالث لرمضان بسبب مضاعفات صحية ألمت به، يحكي أنه أحس بآلام حادة في الصدر صبيحة اليوم الثالث لرمضان وذلك بسبب عدم محافظته على أخذ الدواء بانتظام كما نصحه الطبيب خلال النهار، وأيضا عدم الصوم لأنه يعاني من مرض القلب وعليه أخذ أدويته في أوقاتها المحددة، لكنه لم يعر ذلك اهتماما وعمل على جمع أوقات الدواء وأخذها مساء ضاربا عرض الحائط بتعليمات الطبيب. علي ع. شاب في عقده الثالث، قصد بدوره المستعجلات قصد تخليصه من الآلام التي بمعدته، إذ يعاني من قرحة المعدة، ويتناول دواء معالجا، لكنه مع دخول رمضان أخل بنظام علاجه فألمت به أزمة صحية نتجت عن أخذه للدواء دفعة واحدة، إذ سبق ونصحه الطبيب بضرورة الحرص على تنظيم غذائه وتناول الدواء في أوقاته. هذه الحالات إلى جانب حالات أخرى تكثر مع حلول شهر رمضان الكريم، حيث تتغير العادات الغذائية ونظام الحميات التي يتبعها بعض المرضى فينتج عن ذلك عدة أزمات صحية تؤدي بصاحبها إلى قسم المستعجلات. تفيد الدكتورة زكراوي عائشة المسؤولة عن قسم المستعجلات الطبية بمستشفى ابن سينا أن أغلب الحالات التي تتردد عليهم خلال شهر رمضان سببها عدم إلتزام المريض بتعليمات طبيبه المعالج، والإخلال بنظام التغذية، وتتمثل تلك الحالات في أمراض مزمنة مثل القلب والسكري وقرحة المعدة، حيث من المعروف أنه يصعب الصوم على بعضهم وذلك بسبب وجوب أخذهم أدوية خلال النهار وهم معرضون في كل لحظة لأزمات قلبية بالإضافة إلى أمراض السكري التي تتفاقم مع حلول هذا الشهر الفضيل، حيث يتم الإكثار من الحلويات ولا تراعى مواعيد أخذ الدواء، كما أن العديد من المرضى يخالفون تعليمات الطبيب ويصومون مما يفضي إلى هبوط حاد في الضغط الدموي والذي تنتج عنه مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى جلطة في الدماغ لا قدر الله. ونتيجة للنظام الغذائي الرمضاني تكثر كذلك، حالات الإسهال الواردة على قسم المستعجلات، وبالخصوص فئات الشيوخ، بحيث لا يتحمل جهازهم الهضمي مختلف الأغذية المتناولة. بالإضافة إلى هذه الحالات المرضية المعروفة هناك حالات أخرى لايعاني أصحابها من أية أمراض لكن مع حلول شهر رمضان يكتشفون أنهم في حاجة إلى العلاج، ومن أكثر هذه الحالات أمراض الكلي الناتجة عن عدم تناول الماء لمدة تزيد عن ثلاث عشرة ساعة، وبمجرد إجرائهم للفحوصات يكتشفون حصيا بكليهم. وقد وصل عدد الحالات خلال الأيام الثلاثة الأولى لشهر رمضان إلى خمسين حالة، هذا بالإضافة إلى الحالات التي تصل إلى قسم الجراحة والناتجة أساسا عن حوادث السير خاصة والخصومات التي تكثر خلال شهر رمضان بسبب توتر الأعصاب. ويبقى العلاج الأنسب، حسب الدكتورة زكراوي عائشة، الامتثال الكامل لأوامر وتعليمات الطبيب المعالج، وإجراء الفحوصات الطبية قبل حلول هذا الشهر الكريم لاكتشاف العلل والحيلولة دون حدوث مضاعفات صحية، حتى يتسنى للمواطنين التمتع بالجو الرمضاني دون حدوث أزمات صحية تعكر جو الروحانية الذي يطبع الأسر المغربية في هذا الشهر الأبرك.