مدير عام مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى مصطفى بيدوج يكشف ل "العلم" عن عملية الإدماج بين مؤسسته وجمعية "زاكورة" انفردت جريدة العلم بحوار مع مدير عام مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى مصطفى بيدوج للكشف عن عملية الإدماج التي في طورها النهائي بين مؤسسة البنك الشعبي وجمعية زاكورة للتمويلات الصغرى، وفي هذا الحوار سيحاول بيدوج إجابتنا عن العديد من التساؤلات حول كيف ولماذا تم هذا الاختيار الذي سيزاوج بين ما هو حس تطوعي ومهني مقاولاتي؟ س: في البداية نطلب منكم تقريب قراء جريدة العلم من مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى ؟ ج: مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى هي جمعية ذات هدف غير ربحي، حصلت على ترخيصها من وزارة الاقتصاد والمالية لممارسة نشاط القروض الصغرى في سنة 2000، وهي تفعل رغبة مجموعة البنك الشعبي ككل في المساهمة إلى جانب الدولة ومنظمات أخرى غير حكومية في المجهود الوطني الرامي إلى محاربة الفقر والبطالة وإلى إنعاش الشغل. و تهدف بالأساس إلى تحديث أدوات إنتاج المقاولات الصغرى وتسهيل انتقالها التدريجي من قطاع غير مهيكل إلى قطاع منظم، ومنذ تأسيسها غلى غاية سنة 2008 انتقل عدد فروع المؤسسة من 15 إلى 222 فرع عبر مختلف مدن المغرب وقد تجاوز مبلغ القروض الممنوحة فبل سنتين 6 ملايير درهم، وفاق عدد الزبائن 1100 زبون. س: ماذا عن عملية الإدماج التي تمت بين مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى وجمعية زاكورة للتمويل؟ ج : في الحقيقة، إنكم بهذا السؤال تنالون السبق حول الموضوع، فلا زلنا لم نعلن رسميا عن هذا الإدماج لكون بعض الإجراءات الإدارية والقانونية على مستوى وزارة المالية لا زالت قيد الانجاز، أما على مستوى المؤسستين فقد قمنا بفتح ورشين أساسين يختص أحدهما بالتنظيم والآخر بالإدماج، ففي الورش الأول ركزنا على تنظيم خدمات ومعاملات زاكورة مع وضع مسطرة عقلانية للتسيير، وقد انتهينا من ذلك على أحسن وجه، أما الورش الثاني فتتم فيه الأشغال بشكل تشاركي، حيث أن هناك مجموعتين تنتميان لمجالات مختلفة بالمؤسستين، منها الموارد البشرية والحسابات و المنظومة المعلوماتية..وغيرها، تعملان بكد على تسهيل عملية الإدماج بإيجاد مقاربة تشاركية للتسيير تخدم وتوحد أهداف المؤسستين. س : هذا يتعلق بالإدماج على مستوى التسيير، لكن كيف ستتم هذه العملية على المستوى القانوني ؟ ج : لقد قامت مؤسسة البنك الشعبي خلال شهر ماي المنصرم بتوقيع اتفاقية التفويت بينه وبين جمعية زاكورة للقروض الصغرى بإشراف من وزارة الإقتصاد و المالية، وبذلك فإن الإدماج سيتم بشكل قانوني بعد أن تصدر الوزارة الوصية قرارا نهائيا يفسخ الترخيص لمؤسسة زاكورة بمزاولة نشاطها، ونحن نتحدث عن الإدماج ولكنني أراه في الحقيقة أكثر من ذلك فهو انصهار لمؤسسة ضمن أخرى، فمؤسسة البنك الشعبي ستقوم في الحقيقة بامتصاص واحتواء زاكورة بكل مكوناتها. س: كيف جاءت فكرة الإدماج ؟ ولماذا اخترتم زاكورة بالضبط دون المؤسسات الأخرى؟ ج : في الحقيقة هي إرادة نابعة من المسيرين الرئيسين لمؤسسة زاكورة، فهم الذين طالبوا بأن يكون هناك إدماج، وبعد مجموعة من المفاوضات مع المسؤولين بالجهات الوصية تمت دراسة هذا الاقتراح الذي تم التأشير عليه بالإيجاب. س: نعلم أن جل المستخدمين بمؤسسة زاكورة لم يسبق أن كان لهم تكوين خاص في المجال البنكي بحكم الطابع الجمعوي للمؤسسة التي تعتمد الحس التطوعي بالأساس، كيف تعاملتم مع الأمر؟ ج : فعلا لقد كانت هذه النقطة أكبر رهان تجاوزناه بامتياز، حيث قمنا بمجهود جبار لتكوين أكثر من 1200 شخص يشتغل بمؤسسة زاكورة، و كلفتنا هذه العملية غلافا ماليا تجاوز مليونين درهم، وهذه الميزانية كفيلة بترجمة المجهود الذي بذلناه، لقد وقفنا على مجموعة من الهفوات على مستوى الإشتغال جلها يتعلق بعدم تطبيق بعض المساطر، كما أن بعض العاملين كان لديهم حس تطوعي و تنقصهم المهنية وبعض الخبرات، وهذا ما حاولنا تداركه عن طريق برنامج التكوين الذي قدمناه لهم من أجل ترسيخ ثقافة العمل المقاولاتي و المؤسساتي. س : تعتمد الأبناك مجموعة من المساطر لتقديم القروض مرتكزة على أخذ ضمانات، وأنتم كمؤسسة تابعة للبنك الشعبي وتحملون في الإطار القانوني صبغة جمعية ذات هدف غير ربحي، هل تعتمدون نفس المساطر؟ ج : جميع مؤسسات القروض الصغرى لها مساطر بعيدة جدا عن مساطر الأبناك وهذا ليس فقط على مستوى المغرب وإنما على المستوى الدولي أيضا، فالطريقة التي نتواصل بها مع الزبون ليست نفسها على مستوى الأبناك، لأنه في جمعيات القروض الصغرى يكون التواصل مباشرا مع الزبون وتكون هناك مواكبة لكل مراحل القرض من لحظة تقديم الطلب إلى غاية تسليمه، كما أن وكلاءنا الذين يتميزون بحس تطوعي مقرون بمهنية جيدة، يتابعون المشروع موضوع القرض بنوع من الصرامة والمسؤولية، حتى لا يكون هناك أي مجال للتلاعب بأموال نحن مؤتمنين عليها في مجال لا يخدم أهدافنا كمؤسسة تضع نصب عينيها تحقيق إدماج اقتصادي لزبنائها، أما التعامل في الأبناك فعلى عكس ذلك تماما، فليست هناك أي صلة مباشرة بالزبون نهائيا، فهذا الأخير يتقدم بملف للقرض يتم إحالته على لجنة مختصة لتقرر في الأمر بالرفض أو القبول. س : اعتاد زبناء زاكورة على نوع خاص من المساطر والإجراءات من أجل الاقتراض، بعد الإدماج هل ستحترمون هذا النوع من التعامل، أم أنهم سيخضعون لجيل جديد من المساطر والإجراءات ؟ ج : لا بد من الرشارة إلى أن المؤسستين تجمعهما العديد من النقط المشتركة التي تؤمنان بها على مستوى الأهداف والمبادئ، لكن طريقة الاشتغال كانت نوعا ما مختلفة، ففي زاكورة كان هناك نقص في بعض المساطر الإدارية والقانونية، وفي إطار المقاربة التشاركية للتسيير الجيد التي تحدثنا عنها قبل قليل، كان لابد من إيجاد منهجية أكثر عقلانية ومهنية من أجل حسن توظيف الحس التطوعي الذي يمتاز به طاقم زاكوة، وكذا العمل على ترسيخ ثقافة المقاولة في التسيير، فنحن وكما سبق الذكر نسير أموالا ليست ملكنا، خصوصا وأنه في السنوات الأخيرة ارتفع عدد السلفات غير المسددة، ونحن دائما نعتمد في منهجيتنا على تأهيل العنصر البشري داخل مؤسستنا، فمهما كانت لنا الرغبة القوية في تطوير القطاع بشكل سريع، فلن ننجح إذا لم تتفاعل مواردنا البشرية مع ما نطمح له، لهذا فإنه إلى جانب التأهيل لابد من وضع منظومة مراقبة داخل مؤسسة ، حتى نحقق الثلاثي المنشود وهو: تحقيق أهداف المؤسسة التي وجدت من أجلها، إرضاء الزبون وخفض نسبة الخطر في التسديد، أي تحقيق المرغوب فيه بخسائر أقل. س: تحدثتم قبل قليل عن ارتفاع نسبة القروض غير المسددة هل لكم أن توضحوا ذلك أكثر؟ وهل اختيار زاكورة لعملية الإدماج كانت لهذا السبب؟ أعلم أنه كان لمسيرين جمعية زاكورة رغبة في الانضمام إلينا، لكن أنا لست من موقع من يجب أن يتحدث عن دوافع هذه الرغبة التي تشرفنا جدا، أما بخصوص القروض غير المسددة فقد ارتفعت في السنوات الأخير بشكل مهم جدا، حيث أن نسبة المحفظة ذات المخاطر التي تتجاوز 30 يوما، والتي لم تكن نسبتها تتجاوز 0.5 في المائة إلى حدود سنة 2006 ارتفع بشكر ملفت للنظر إلى نسبة 5 في المائة. وهذا ما يعكس تراجع المتوسط السنوي لملفات القروض الصغرى بكبريات جمعيات القروض الصغرى بالمغرب و أخص بالذكر مؤسسة البنك الشعبي وجمعية الأمانة و زاكورة بنسبة 26 في المائة خلال سنة 2007، بسبب إجراءات الاحتراز الذي باتت هذه المؤسسات تسلكها لوقف نزيف الديون غير المؤداة. وهذا ما دفع الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى بمعية بنك المغرب لريادة حركة إصلاحية لإعادة هيكلة القطاع ووضع الإجراءات الاحترازية والزجرية لوقف هذا النزيف.