تقاليد متجذرة ورسالة للتلاحم المجتمعي في أجواء روحانية تحمل عبق الأصالة المغربية وتغمرها نفحات ليلة القدر المباركة، احتضن مقر حزب الاستقلال بمنطقة البرانص في طنجة، يوم الجمعة 28 مارس، حفلًا خاصًا نظمته المنتخبات والمناضلات الاستقلاليات بإقليم طنجة-أصيلة، تحت إشراف مفتشية الحزب. جاء هذا اللقاء ليعيد إحياء التقاليد المغربية المرتبطة بهذه المناسبة الدينية العظيمة في إطار يكرّس قيم التراحم والتواصل المجتمعي.
هذا الحفل لم يكن مجرد حدث رمزي، بل كان لحظة تحمل أبعادًا اجتماعية وثقافية تعكس الالتزام المتجدد لحزب الاستقلال بإحياء التراث المغربي، وتعزيز دور المرأة والشباب في صون الهوية الجماعية.
تميز الحفل بحضور شخصيات سياسية بارزة، على رأسها الدكتور جمال بخات، مفتش الحزب بالإقليم، والسيد محمد الحمامي، برلماني الحزب ورئيس مقاطعة بني مكادة، إلى جانب السيد عبد الواحد العلوي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب والمنسق الجهوي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وعدد من أطر الشبيبة الاستقلالية والمناضلين والمناضلات الذين جسدوا الحضور الفعلي للحزب في قلب المجتمع.
جاءت الكلمات التي ألقاها الحاضرون لتعكس روح المناسبة. فقد شدد الدكتور جمال بخات على أهمية مثل هذه المبادرات في تعزيز النسيج الاجتماعي، مشيرًا إلى أن العمل السياسي الحقيقي لا ينفصل عن القيم التي تجعل المجتمع أكثر تماسكا. وأكد أن المرأة الاستقلالية تلعب دورًا رياديًا في ترسيخ هذه القيم من خلال مشاركتها الفعالة في الأنشطة التي تجمع بين البعد الديني والبعد الاجتماعي.
لم يقتصر الحفل على الكلمات الرسمية، بل كان مساحة لإحياء تقاليد ترتبط بليلة القدر التي تحمل رمزية خاصة في الوجدان المغربي. فقد تزينت الأمسية بفقرات متنوعة أضفت عليها طابعًا روحانيًا مميزًا.
قدمت فرقة كورال شبابية مجموعة من الأناشيد الدينية التي استحضرت أجواء رمضان وذكّرت الحاضرين بفضائل ليلة القدر، حيث امتزجت الألحان الشجية بالكلمات التي تنبع من عمق التراث الإسلامي.
لكن اللحظة التي سرقت الأضواء كانت فقرة حناء الأطفال، حيث التفّت العائلات حول صغارهم الذين نقشوا أيديهم بالحناء في طقس يعكس استمرار التقاليد المغربية العريقة. هذه الفقرة لم تكن مجرد تزيين، بل كانت تجسيدًا لمعاني الفرح المرتبطة بليلة القدر، ووسيلة لنقل التراث إلى الأجيال القادمة في جو مفعم بالدفء والألفة.
عكست هذه الأمسية الاحتفالية بُعدًا أعمق يتجاوز المظاهر الاحتفالية، لتصبح منصة لترسيخ قيم التضامن والتكافل الاجتماعي. فقد أكد السيد محمد الحمامي أن الاحتفال بليلة القدر يعكس جوهر المجتمع المغربي الذي يولي أهمية كبيرة للروابط الاجتماعية والدينية، مشيرًا إلى أن الحزب يحرص دائمًا على أن تكون هذه القيم جزءًا من عمله اليومي.
وأشار إلى أن مشاركة الحزب في هذه الأنشطة ليست مجرد واجب سياسي، بل هي تعبير عن التزامه المستمر بتعزيز الروح الجماعية والمشاركة الفعلية في مناسبات تحمل رمزية خاصة في قلوب المغاربة.
ما يميز هذا الحفل أنه لم يكن مجرد إعادة تمثيل لتقاليد قديمة، بل كان تجديدًا لهذه العادات في سياق يتناسب مع العصر، ليكون رسالة بأن الحداثة لا تعني التخلي عن الجذور، بل تعني إيجاد صيغة تجمع بين الأصالة والتطور.
وقد نجح الحفل في أن يعكس هذا المزيج من خلال الأجواء التي جمعت بين الجوانب الروحية والترفيهية، حيث وجد الحاضرون أنفسهم في فضاء يكرّس قيمًا أصيلة تمنح الأفراد الشعور بالانتماء، وتجعلهم أكثر قدرة على مواجهة تحديات العصر دون أن يفقدوا هويتهم.
مع اختتام هذه الأمسية، كان الحضور يغادرون المكان وقلوبهم مفعمة بالفرح والسكينة، في إحساس جماعي بأن هذه الليلة كانت أكثر من مجرد احتفال ديني، بل كانت فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية وإحياء القيم التي تجعل المجتمع أكثر تماسكًا وقوة.
لقد جسدت هذه المبادرة رؤية حزب الاستقلال التي تسعى إلى دعم المرأة وتمكينها من أن تكون فاعلًا أساسيًا في المجتمع، مع منح الشباب الفرصة للمشاركة في العمل الجماعي الذي يصون الهوية الثقافية للمجتمع المغربي.
إن التزام الحزب بإحياء المناسبات الدينية والاجتماعية ليس مجرد نشاط عابر، بل هو تعبير عن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الانتماء والمحافظة على التراث، ليظل المجتمع المغربي قويًا بجذوره ومنفتحًا على المستقبل.