خمسة أيام فقط تفصلنا عن عرس إفريقيا الكروي المتمثل بكأس الأمم بنسختها السابعة والعشرين التي ستقام في أنغولا على مدى ثلاثة أسابيع كاملة وذلك بمشاركة 16 منتخباً كما جرت العادة منذ بطولة 1996، وتكتسب البطولة أهميتها من حشد النجوم الذين سيكونون في ملاعب أنغولا ووجود صفوة منتخبات القارة السمراء التي قدمت للعالم كرة قدم ممزوجة بالقوة والمهارة، ولا يخفى على الجميع أن يوميات البطولة باتت مختبراً للمواهب الصاعدة في هذه المنتخبات تحت عيون سرية وعلنية تعودت اصطيادها لمصلحة أندية القارة الأوروبية. إذاً لقد وصلت البطولة إلى دورتها ال27 ويحسب لمصر أنها صاحبة اللقب في أول وآخر بطولتين الشيء الذي وضع أبناء الكنانة على قمة البطولة بستة ألقاب، لكن كيف كانت البداية الخجولة للكأس؟ وكيف تطورت حتى أصبحت إحدى البطولات الكبرى التي تجذب أنظار جميع أصحاب مشارب كرة القدم؟ خارج القارة في منتصف الخمسينيات كانت تعيش أغلب دول القارة تحت الانتدابات الكبرى المختلفة أو بمعنى آخر تحت نير الاستعمار الغربي الذي حاول امتصاص خيرات هذه الدول مثلما تحاول الأندية الأوروبية الكبرى اجتذاب معظم نجوم القارة الكرويين منذ نحو عقدين فلا يكاد يخلو ناد في جل الدوريات الأوروبية من لاعب ينتمي إلى إفريقيا إن لم يكن بالجنسية فبالجذور. وبالعودة إلى تلك الحقبة نرى أن كرة القدم كانت تحبو مثلما معظم مناحي الحياة البدائية، وتأسس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على أيدي مسؤولي أربع دول هي مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب إفريقيا وذلك على هامش اجتماعات الفيفا وتحديداً في صيف 1956 واتفق المجتمعون على إطلاق بطولة تجمع منتخبات القارة تحت مسمى بطولة أمم إفريقيا والكأس ستكون تحت اسم نكروما المناضل الإفريقي العتيق، وأسندت البطولة الأولى إلى السودان، وهكذا كان فاستقبلت الخرطوم مباريات النسخة الأولى بمشاركة 3 منتخبات فقط هي السودان ومصر وإثيوبيا. بداية خجولة أما سبب غياب جنوب إفريقيا فكان لإصرار اتحادها على إشراك اللاعبين البيض فقط في تشكيلة منتخبها، وهي التي كانت ترزح تحت حكم الأبارتيد وقد تم استبعادها فيما بعد عن المحافل الكروية العالمية كافة لأكثر من ثلاثة عقود، ورغم البداية الخجولة إلا أنها شكلت نقطة بداية فقط لحدث سيصبح هاجس منتخبات القارة على حد سواء. توجت مصر بلقب البطولة الأولى وتبعتها بالثانية في مصر بعد عامين والتي شارك فيها المنتخبات نفسها ومع بدء زوال الاحتلال وتحرر الدول تباعاً زادت بقعة المشاركة في النسخة الثالثة ليبلغ 9 منتخبات وصل منها منتخبان إلى النهائيات إضافة إلى مصر (البطل) وإثيوبيا (المضيف) واستقر عدد المشاركين في نهائيات الرابعة 1963 على 6 منتخبات وارتفع العدد إلى ثمانية في بطولة 1968 ليصبح هذا العدد قائماً حتى نهائيات 1990 في الجزائر. في هذه الأثناء كانت الكرة الإفريقية تتقدم نحو الأمام وخاصة بعد مشاركة تونس في مونديال 1978 ثم الكاميرون والجزائر في 1982 ثم المغرب 1986 والكاميرون ومصر في 1990 وجميعها سجلت نتائج لافتة فكانت المطالبة برفع عدد المنتخبات المشاركة في البطولة. التغيير الضروري ومع ظهور قوى جديدة في البطولة جاء التغيير الكبير في بطولة 1992 بالسنغال وشارك فيها 12 منتخباً قسمت إلى أربع مجموعات وهو النظام الذي اتبع في تونس 1994 ومع عودة جنوب إفريقيا إلى الحظيرة الدولية أسندت البطولة رقم 20 عام 1996 إلى بلاد مانديلا واستقر عدد المشاركين في النهائيات على 16 منتخباً تقسم كذلك إلى 4 مجموعات ثم تلعب الثمانية المتأهلة في ربع النهائي وهكذا وهو النظام المتبع إلى اليوم، وتتميز البطولة بأنها إحدى اثنتين بين بطولات القارات الكبرى التي تجري منذ 1968 كل عامين، أما البطولة الأخرى فهي الكأس الذهبية للكونكا كاف (أميركا الشمالية والوسطى) وتقام على هذا الشكل منذ منتصف عقد التسعينيات. لكن ما يميز كأس إفريقيا أن جل الأندية الأوروبية تطالب بتغيير موعد إقامتها إلى الصيف أو إجرائها كل أربع سنوات مرة وتدخل اليويفا لدى الاتحاد الإفريقي لكن الأخير رفض ذلك بشدة لأنه يعتبر أن المصلحة العليا لمنتخبات القارة أهم من مصالح الأندية الأوروبية التي تتضرر من ذهاب اللاعبين وسط الموسم. بطولة متميزة تكتسب البطولة القادمة أهمية خاصة ذلك أنها تسبق بطولة كأس العالم التي ستقام للمرة الأولى على الأراضي الإفريقية وذلك في جنوب إفريقيا حزيران القادم والتي يشارك فيها ستة منتخبات من القارة السمراء للمرة الأولى، والغريب أن صاحب العرس العالمي منتخب البافانا بافانا يغيب عن الكرنفال الإفريقي بعد فشله في تخطي التصفيات التي اعتبرت بمنزلة الطريق إلى النهائيات الإفريقية والعالمية بعدما أقر هذا النظام في السنوات التي تترافق فيها البطولة مع المونديال وذلك منذ 2006، وهنا الفرق المشاركة في أنغولا 2010 حسب المجموعات: الأولى: أنغولا- مالي- مالاوي- الجزائر. الثانية: ساحل العاج- بوركينا فاسو- غانا- توغو. الثالثة: مصر- نيجيريا- موزمبيق- بنين. الرابعة: الكاميرون- الغابون- زامبيا- تونس.