جريا على عرف دستوري، يتجذر شيئا فشيئا في الممارسة السياسية المغربية، يهدف في كل مرة إلى ضخ دماء جديدة في كل ولاية حكومية، تميز هذا الأسبوع الذي نودعه، بالدفعة القوية التي تم بعثها في جسد الحكومة المغربية، بمناسبة تعيين واستقبال جلالة الملك محمد السادس لأعضاء الحكومة في هيكلتها الجديدة. حكومة بهذه الروح، الأكيد أنها مدركة لحجم التحديات الكبيرة داخليا وخارجيا، وفي مقدمتها ملف الوحدة الترابية للمملكة،وترسيخ وتنزيل دعائم الدولة الاجتماعية،وإيجاد حلول جذرية وصيغ قادرة على التغلب على قضايا تشغل المواطنين في صدارتها القدرة الشرائية، وآفة البطالة لدى فئة الشباب بدرجة أولى. حكومة بتركيبة وهيكلة جديدة، اذا ما تمحصنا قليلا في مكوناتها يتبين أن لها من التجربة السياسية و النضالية والعملية والكفاءة العلمية و الحنكة الميدانية والتجربة في قطاعات أساسية ومستقبلية، ما يؤهلها للنجاح في مهامها التي أوكلها لها المشرع. ولعل المناسبة شرط للتوقف عند واحد من أعمدة هذه الحكومة الأساسية، ألا وهو حزب الاستقلال الذي مر بسنة تنظيمية بامتياز كبير، أعطى فيها دروسا عديدة،للقريب والبعيد، في الديمقراطية الداخلية، انتقلت به، كما جاء على لسان قائد سفينته بامتياز، الدكتور نزار بركة، من منطقة الضبابية الى غير رجعة واستوطنت به منطقة الوضوح و الشفافية و المسؤولية والمصداقية . محطات تنظيمية ناجحة، انتهى بها المطاف بتعزيز مكانة الحزب داخل مكونات هذه الحكومة، بحقائب وزارية ذات وزن هام، و لها ارتباط أساسي بانشغالات المواطنين، انطلاقا من الماء الذي يشكل قضية ذات أولوية بعد سنوات متتالية من الجفاف، وكذلك الشأن بالنسبة للتجهيزات والبنيات الأساسية من طرق وسدود، ثم الصناعة والتجارة حيث الرهان اليوم وغدا على تعزيز السيادة الصناعية الوطنية،و تجارة قوية تتعدى الحدود وتبحث عن أسواق جديدة في مختلف القارات، وقطاع النقل واللوجستيك الذي ينتظره الكثير من التحديث والتأهيل خصوصا وأن المملكة مقبلة على العديد من الاستحقاقات والرهانات الوطنية والدولية،وأخيرا قطاع له ارتباط عضوي متجذر وتاريخي في أدبيات حزب الاستقلال، ألا وهو التضامن و الأسرة و الإدماج الاجتماعي. ولعل ما يزيدنا فخرا بمشاركة حزب الميزان، في هذه الهيكلة الحكومية الجديدة، أن كل عناصرها من المدرسة الاستقلالية العلالية الأصيلة الذين نهلوا و تدرجوا في صفوف النضال في مختلف التنظيمات والهيئات، فوزير التجهيز والماء هو في نفس الحين الأمين العام للحزب، وباقي الوزراء وكاتبي الدولة، جميعهم من أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، وبالتالي، فإن المسؤولية الحزبية و السياسية حاضرة هنا وبقوة. كما أن التنوع الترابي و المجالي، حاضر بامتياز في ممثلي الحزب في الحكومة،و الذين ينحدرون من مناطق متعددة من أرجاء الوطن، وهو الأمر الذي سيكون له طبعا الأثر الإيجابي على أدائهم وقربهم من كافة المواطنين وانشغالاتهم في شتى أنحاء البلاد، وبالتالي يعكس هذا التنوع واحدا من أهم أسس أدبيات حزب الاستقلال، وهي التي قال عنها الزعيم علال الفاسي رحمه الله " ان الهدف الأساسي لحزب الاستقلال هو تحقيق التعادلية الاقتصادية والاجتماعية،و واجب الدولة هو رفع مستويات المعيشة للمواطنين،وإحداث تقارب بينها بتوزيع عادل للدخل القومي..".