عطاف يستدعي سفراء دول أوربية لاستفسارهم في شأن مواقف بلدانهم من قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير في سلوك شاذ لا يمت بصلة للأعراف الدبلوماسية الجاري بها العمل و ينم عن درجة تخبط و تيه بوصلة السياسة الخارجية للجارة الشرقية , أفادت وكالة الانباء الجزائرية أن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية استدعت نهاية الأسبوع عددًا من سفراء دول أوروبية ( لم تحدد هويتهم ) و طلب منهم تقديم شروحات حول البيانات الصادرة عن بلدانهم، والتي تتعلق بحكم محكمة العدل الأوروبية الأخير . حيث تضيف القصاصة الخبرية للوكالة الرسمية أن معظم السفراء المستدعين أكدوا أن هذه البيانات لا تعني البتة معارضتهم للقرارات التي تبنتها المحكمة السالفة الذكر، و أن البعض منهم مستغربون لمضمون البيان المنشور من قبل المفوضية الأوروبية.
و هذه أول مرة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية و الثنائية بين البلدان المستقلة و ذات السيادة، تتجرأ فيه دولة على مطالبة أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لديها بتوضيح موقف لبلدانهم لا صلة و لا علاقة مباشرة أو غير مباشرة للدولة المستفسرة فيه ...
من الواضح و الجلي أن مصدر هذا الارتباك الحاصل في الآلة الدبلوماسية المترنحة لنظام الجنرالات هو رفض البرلمان الأوروبي قبل أيام بأغلبية طاغية التداول في قرار محكمة لوكسمبورغ و هو ما فوت على اللوبي الانفصالي الذي يدور في فلك الجزائر فرصة ذهبية لبث سمومه الانفصالية بهذه المؤسسة القارية .
كما أن وزارة السيد عطاف الذي تتجاوزه كقائد لدبلوماسية بلاده الأحداث و المستجدات بفعل حنينه الطاغي لحقبة الحرب الباردة من ستينيات القرن الماضي , لم تهضم على ما يبدو بعد موقف المفوضية الأوروبية المعبر عنه في الإعلان المشترك الصادر عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والممثل السامي للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل و الذي يجدد صراحة و دون مواربة التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على العلاقات الوثيقة مع المغرب وتعزيزها بشكل أكبر في كافة المجالات ,ثم تلتها تصريحات رئيس الدبلوماسية الإسبانية خوصي مانويل ألباريس الذي أكد على تشبث إسبانيا بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب، وعزمها على الحفاظ عليها والنهوض بها.
فبأي صلاحية و بأي منطق و مسؤولية أخلاقية و سياسية يجرأ وزير الشؤون الخارجية الجزائري على مسائلة و إستفسار بلدان أوروبية في شأن مسائل و قضايا داخلية تهم دول المجموعة الأوروبية ؟
لقد كان موقف المغرب من قرار المحكمة الأوروبية ذكيا وحكيما حين إعتبر أن المملكة المغربية غير معنية بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية الصادر قبل عشرة أيام وليست طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي ,مجددا في السياق التأكيد على موقف المغرب الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية.
لقد أخطىء حكام قصر المرادية الهدف و الوجهة ورأس النظام ينصب نفسه قبل أيام وصيا على مواقف فرنسا من ملف الصحراء , ثم يسقط بعد وزيره في الخارجية عطاف من حيث لا يدري في المحظور و هو يحشر أنفه فيما لا يعنيه ويقرع ( بشد وجر الراء ) من داخل مقر وزارته جهرا و في حضور أعضاء السلك الدبلوماسي الاتحاد الأوروبي على موقفه من قرار المحكمة الأوروبية و يتوعد ضمنيا العواصم الأوروبية التي أبدت تعاطفها أو تفهمها لموقف المغرب في القضية ...
من الواضح أن الجزائر منزعجة أشد الانزعاج ومحبطة أشد درجات الإحباط من زخم الدعم المتزايد بأوروبا لمبادرة الحكم الذاتي وانخراط معظم دول المجموعة الأوروبية الموحدة في جوهر الدينامية المغربية البناءة و المتفوقة على ما سواها من المقاربات و الأجندات المتهاوية التي يرفعها اللوبي الانفصالي بقيادة الجزائر.
فإذا كان قدر السياسة الخارجية الجزائرية هو الفشل و الاندحار في عدد من الملفات و القضايا و على رأسها ملف الصحراء المغربية , فما الذي يبرر و يحلل لها أن تعلق خيباتها و فشلها كل مرة على مشجب الآخرين , و هل سيمتلك الاتحاد الأوروبي و المفوضية الأوروبية الشجاعة و روح المسؤولية الكافيين لمواجهة و التصدي لحماقات و عبث حكام قصر المرادية و تنبيههم مجددا الى أن مثل هذه السلوكات الوقحة و الحمقاء لا تسيء فقط لمسار الشراكة الأوروبية الجزائرية المترنح أصلا منذ سنتين بل أنها تساهم في عزل الجزائر ووسمها في الساحة الدولية بعدم النضج و الاخلال بالمسؤولية .
قبل أيام و تزامنا مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة و تألق الدبلوماسية المغربية مع تصاعد دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء , كثف وزير الخارجية الجزائري الذي أقام بنيويورك قرابة الشهر , من اتصالاته بممثلي الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي تحسبا لانتهاء عهدة بعثة المينورسو و مناقشة الجهاز التنفيذي الأممي لملف الصحراء تحضيرا لتبني قرار جديد يؤطر المسلسل السياسي الذي ترعاه الأممالمتحدة بشكل حصري لايجاد حل سياسي متوافق عليه للخلاف المصطنع .
الأخبار المتسربة من كواليس الأممالمتحدة تفيد أن عطاف ترجى مندوب روسيا الدائم لاستعمال حق النقض في مواجهة أي مسودة قرار على شاكلة القرارات السنوية المعتادة لمجلس الأمن الدولي فيما يتصل بملف النزاع الإقليمي المفتعل , حفظا لماء وجه الدبلوماسية الجزائرية من النكسات الخريفية المتتالية ....